بعد عشرة سنوات من التغيير وعلى مدى هذه العقد لعبت وسائل الاعلام المختلفة وتصريحات السياسيين والعسكريين دوراً مهماً واساسياً في تثقيف وتوعية المجتمع العراقي على دور القوات المسلحة والاجهزة الامنية في الدفاع عن حدود الوطن وتوفير الامن الداخلي وحماية المواطن من الجريمة والارهاب كما ركز هذا التثقيف والتوعية على وجوب ابتعاد الجيش والشرطة وقوى الامن الاخرى عن الولاءات الحزبية والمذهبية والقومية وان تكون هذه المؤسسات بعيدة عن التسييس والصراعات الحزبية وان تعي واجبها ووظيفتها الحقيقية ، وبعد هذا الجهد الجهيد في النثقيف والتوعية وبعد اتضاح صورة القوات المسلحة ووظيفتها في ذهن المواطن العادي تخرج علينا الحكومة والكيانات السياسية ومفوضية الانتخابات بمفارقة كبيرة وتناقض صارخ بين ما تدعو اليه من وجوب حيادية الاجهزة الامنية وبين لعبة التصويت الخاص بهذه الاجهزة لتقلب بذلك الطاولة على كل المفاهيم الوطنية الشريفة ولتفرض على الضابط والجندي الذهاب الى مراكز الاقتراع ليدلي بصوته لهذا الحزب او ذاك او لهذه الشخصية السياسية او تلك ، وكما نعلم فان عملية الاقتراع لمجالس المحتافظات او لمجلس النواب هي رأي سياسي يضعه الناخب في صندوق الاقتراع لصالح جهة او شحصية سياسية يميل اليها هذا الناخب ويريدها ان تكون في مواقع قيادية في الدولة العراقية ، فاين حيادية الاجهزة الامنية التي ثقفتم الجماهير عليها طوال العشرة سنوات الماضية ؟ واين تهديدكم ووعيدكم المستمر للضباط والجنود وتحذيرهم من الاقتراب من الاحزاب والتنظيمات السياسية ؟ وهل تتجرأ الحكومة بعد اليوم على معاقبة الجندي والشرطي والضابط بسبب ميوله السياسية او المذهبية او القومية وهو التي اجبرته ودفعته دفعاً على ان يكون ميالاً ومتعاطفاً ويضع رأيه ( المحذور اصلاً ) في الصندوق في يوم التصويت ( الخاص ) ؟ ان واجب الاجهزة الامنية هو حماية عملية الانتخابات وبث روح الطمأنينة في نفوس الناخبين في الاوقات التي يدلون بها باصواتهم ومحذور على هذه الاجهزة المشاركة فيها سواء كانت هذه المشاركة بصفة ناخب او مرشح واننا ندعو اخواننا وابنائنا في الاجهزة الامنية الى عدم الانجرار وراء الاهواء السياسية والاصرار على الالتصاق بالوطن دون غيره والامتناع عن المشاركة بمهزلة التصويت الخاص التي ابتكرها كل من يريد الافادة منها بعد أن فشل امام الشعب في ادارة الدولة بمفاصلها التشريعية والتنفيذية ولم ينجح في سـن القوانين وتقديم الخدمات التي يحتاجها المواطن .