23 ديسمبر، 2024 10:11 ص

ظواهر عراقية!

ظواهر عراقية!

في آنٍ واحد قد يصعب جداً ويسهل كثيراً فهم وعدم هضم ظهور ظواهرٍ شاذة تسود المجتمع العراقي وانطلقت وانبثقت فوراً بعد الأحتلال , ثمّ ما لبثت تستشري وبنموّ غير طبيعي وبتناسبٍ طردي مع الحكومات التي اعقبت الأحتلال , وبدا أنّ كلّ ظاهرةٍ من تلكُنّ الظواهر وكأنها تتشظى وتولّد ظواهراً أخرياتٍ متباينة في الحجم والوزن والتأثير الجمعي , لكنْ أن يغدو التمادي في ذلك الى حدّ جزيئيات الجزئيات والى او على مستوى شخوصٍ يسببون الأذى لكل المجتمع فهذا هو الأغرب من الغرابة بكلتا عينيها .!

نتناولُ هنا إحدى تلكم الجزيئيات الشديدة الأزعاج , وعنوانها :

a \ < الخراطيم ! > : وقطعاً أنها ليست خراطيم المياه التي تستخدمها مركبات إطفاء الحرائق او سواها , وحتماً أنها ليست خراطيم الفيلة التي لا يناسبها العيش في الأجواء السياسية وغير السياسية في العراق , انها يا سادة الخراطيم المخروطية الشكل ذات اللونين البرتقالي والأبيض , وهذه الخراطيم من المفترض أن تكون من مُلكيّة ووسائل اجهزة الشرطة فقط حين تقتضي الضرورة وضعها في احدى اتجاهات السير ” وبشكلٍ مؤقت ” للتحرّي والبحث عن احد المجرمين او عصابةٍ ما في احدى العجلات او السيارات المفترضة حين ورود معلومات استخبارية عنها او لإجراءاتٍ احترازيةٍ مسبقة في هذا الصدد , وذلك مايجري في العديد من دول العالم وفي حالاتٍ نادرة , لكنه وفي ” الأتجاه المعاكس ” فالخراطيم غدت لا تباع في الأسواق والمولات فحسب , لكنّ الإيغال أنّ الكثيرين من اصحاب المحلات صاروا يضعوها أمام محلاتهم لمنع وقوف السيارات أمامها , ليس تجنّباً لوقوف مركبةٍ مفخخةٍ مفترضة كما قبل سنوات , وقد تلاشت تلك الحالات الدموية بالكامل , حيث وبعد تحرٍّ استقصائيّ وآخرٍ مباشر مع مستخدمي الخراطيم أمام محلاتهم ودكاكينهم , فقد ذكر البعض منهم أنّ وقوف اية مركبةٍ أمام محلّه فأنها تقطع الرزق عنه ! وتمنع صاحب مركبةٍ اخرى قد يقصد محله لشراء ما يراد شراؤه ! , بينما اجابوا آخرون ” وبكلّ صراحةٍ ” انها حالةٌ نفسية تتملّكهم بعدم الرغبة بوقوف اية سيارةٍ أمام محالّهم .!

الموضوع برمّته اضحى مرتبطاً بأمزجة اشخاصٍ مثل هؤلاء وعلى حساب عشرات الآلاف او اكثر من اصحاب السيارات الذين لا يجدون مكاناً لإيقاف سياراتهم حتى لوقتٍ قصير , ويجري كلّ هذا بتجاهلٍ تام من شرطة المرور وأمانة بغداد وحتى قيادة العمليات المشتركة دونما ايّ اكتراثٍ لهموم ومشاكل جموع المواطنين , ولا ندري ولا يدرون غيرنا ما هو دور وزارة الداخلية في ذلك , والأمر لا يقتصر على الخراطيم البلاستيكة فحسب , فالبعض الأخر يضعون قناني المياه الكبيرة أمام محلاتهم , وبعضٌ آخرٌ يضعون بدائلاً ومشتقاتٍ ومرادفاتٍ لعوائق الخراطيم وتحت انظار السلطة .!

b \ الظاهرة الأخرى الشديدة الخطورة لا تقتصر هنا على قيادة السيارات بسرعةٍ فائقة وبأستهتارٍ ورعونة لم تشهدها أيّ من المجتمعات الأخرى حتى في اكثر دول العالم تخلفاً وفوضوية , انما بأنتشار حالةٍ جديدة تتمثّل بعدم اكتراث العديد من سائقي السيارات للإشارات الجانبية لأيةِ عجلة أمامهم واستمرارهم بالسياقة المجنونة , ممّا يعرّض الذين يرومون الأستدارة لحوادثٍ خطرة قد تعرّض اصطدام اكثر من مركبتين بجانب حياة الركاب , وباتَ وترتّبَ على الجميع قيادة عجلاتهم بأعصابٍ مشدودةٍ وبحذرٍ وبتوتّرٍ نفسيّ في ايّ منطقة او شارع , كما يلاحظ انتشار حالةٍ اخرى مصاحبة لسابقتها وهي خروج بعض سائقي المركبات من الشوارع الفرعية وبسرعة مرتفعة دونما توقفٍ وانتظارٍ للسيارات المارّة , مما يجعل الجميع في حالةٍ اصطدامٍ مرتقب وفي ايّ لحظة

من المفارقات وخلافاً لكلّ دول العالم فأنّ ادارة شرطة المرور لا يدور في رؤاها او في خلدها مراقبة هذه الحالات ومحاسبة مرتبكيها , بل لا يوجد في نظام المرور في العراق دورياتٍ مخصصة لمراقبة هذه المخالفات ومحاسبة اصحابها بشكلٍ فوري سواءً بالغرامات او بعقوباتٍ اخرى قد تصل الى التوقيف , بينما في العديد من الدول العربية تجري المراقبة عبر الكاميرات المنتشرة والتقاط صورٍ لأرقام العجلات المخالفة ومن ثمّ تسجيل المخالفات والغرامات وإبلاغ اصحابها عبر الأيميلات او المسجات من خلال التفاصيل المثبتة في الكومبيوتر عن مالكي السيارات .

نختزلُ ونختتم هذا الحديث المطوّل بالتذكير والإستشهاد أنْ كان للعراق نظام العبور من المناطق المخصصة في سبعينيات القرن الماضي وما يرافق ذلك من تفاصيل مرتبطة بعموم نظام المرور!