في ظل الأوضاع الغريبة والشاذة التي ظهرت على الساحة العراقية منذ بدء الاحتلال الغاشم , لم يبقى للعراقيين من ملاذ امن ، أو أمل يتعلقون به كلما أطبقت العتمة أعينهم ، غير حبل الذكريات ، ذكريات الأمس ، الزاخر بالحرية والمحبة والألفة والاستقرار إلا أن هذا التعلق الحالم يسلمنا إلى الواقع المر الذي يعيشه أبناء الشعب العراقي الآن حيث لم تبتل امة على وجه الأرض منذ بدء الخليقة بمثلما ابتليت به كافة مدن العراق من أبنائها وناسها وإفرادها ومنظريها ومثقفيها ومبغضيها وصحافيها وكان أخرها تفجيرات الخميس الدامي في ( ساحة الطيران ) في منطقة الباب الشرقي داخل العاصمة العراقية بغداد ؟ وراح ضحية هذه الأحداث عدد كبير من الشهداء الأبرياء , ولم تجد الحكومة العراقية مخرجا لهذه الأزمة غير التصريحات الغير واضحة بين هنا وهناك , ولو نظرنا مرة واحدة إلى حجم البلد وحجم أنفس العراقيين في الداخل والخارج ومن يسمع صوتنا نحن أبناء هذا البلد العظيم وكيف نبدي رأينا ووجهة نظرنا وأفكارنا للعالم اليوم لما حدث ما حدث صحيح إن شعورنا القومي والعراقي والوطني والعربي لا يزال حيا صلب الحضور وكثيف الانتشار، لكن في الوقت نفسه تتعرض جميع مناطق مدن السلام العراقية الصغيرة منها والكبيرة إلى الإبادة والخراب والدمار , والتدويل والتفكير بصوت عال , بيوت تتهدم ومباني تسقط ومؤسسات تحرق ، وعقول تنفي وكفاءات تتعرض كل يوم إلى الاغتيال ، وأشباح الرعب تتحول من مدينة إلى أخري ومن شارع إلى أخر ,
متى : سنظل عاجزين عن إيقاف معاول الهدم , متى : ندرك ونعي حجم المؤامرة التي يتعرض لها بلدنا الحبيب المنكوب ,
متى : نقتنع أن واقعنا لا يغيره احد ، ولا جرح يضمده الساسة الجدد ,
متى : نتمكن من خلق موازنة هادئة بين عواطفنا وعقولنا , لأننا بعيداً عن تلك الموازنة لن نفلح في وضع الخطوة الأولى على أول الطريق الذي يربط الخطوة بالهدف الذي لا نزال نحلم بالوصول إليه ، الخطوة الرصينة التي لا تنزلق في متاهات الطريق والمنعطفات ,
متى : نتنبه إلى خطورة ( الألغام ) عفواً الأحكام التي نصدرها دون تحسب تجاه كل التوجهات الرامية إلى إصلاح حال البلد ,
متى : نمتلك الجرأة على التحرر من المجاملات والنفاق الاجتماعي للعديد من الشرائح الاجتماعية التي اتخذت من أساليب الرفض ما تعبر من خلالها عن فشلها وعجزها عن تقديم شيء يدعم مسيرة الإصلاح ويرفدها بفعل ايجابي بناء يؤهلها للانضمام إلى جانب الشرائح الاجتماعية الإصلاحية , متى نتحرر من الحيز الضيق إلى الآفاق الواسعة الرحيبة لنتمكن من قبول الآراء الحرة الصحيحة بصرف النظر عن عائديه تلك الآراء ومرجعياتها الحزبية أو الطائفية أو العرقية ,
متى : نحرص علي تحمل مسؤولياتنا ، كل حسب موقعه ، ونعمل بنية صادقة ، لا تركن إلى صغائر الأمور، لكي يكمل بعضنا بعضاً ولكي نبني عراقاً جديداً ذا كيان موحد يتسع لاستيعاب مختلف الأفكار السياسية والدينية البناءة ,
متى : تحقق هذه ( الأمنيات ) موعدها مع الفجر , فجر التوحد والتآخي والتآلف فجر العمل الصادق الدؤوب على تحويل ( حقول الألغام ) إلى ميادين إعمال مخلصة ، وحقول خصب ونماء , وإذا كان العالم اليوم يدين الكذب والخداع كونه من المراحل الماضية فمن باب أولى إن نخاطب نحن الصحافيون في العراق الرئاسات الثلاث ومجلس الوزراء وأعضاء البرلمان العراقي بهذا المنحنى الذي تتعامل هذه النخبة مع الشعب العراقي وعدم الاهتمام بهم واعتبارا من عام ( 2003 ) ولحد الآن وقد عانت هذه الشريحة الحية من أبناء العراق من الاضطهاد والاعتقال والقتل من قبل قوات الاحتلال وقوات المليشيات وراحة ضحية الأعوام ( 18 ) الماضية أكثر من مليوني مواطن بين شهيد وجريح و معوق و مهجر لكن إرادة المواطن العراقي تقول للعالم اجمع نحن الأقوياء ,
وأخيراً أحب إن اذكر إخوتي العراقيون
والسؤال المطروح للعراقيين ,
( متى ) نتخلص من حكم الفرد الواحد !