أمس وعن طريق الصدفة وقعت بيدي بعض الوثائق المهمة ، منها ما هو صادر عن مكتب رئيس الوزراء ، ومنها ماهو صادر عن هيئة النزاهة ، أو عن الدائرة القانونية الخاصة بهذة الهيئة .. وقد أظهرت هذه الوثائق الدامغة حقيقةً لم تكن واضحة إلاَّ لمن كان قريبا من موقع القضية . فقد كشفت بشكل لا يقبل الدحض أو الإلتباس تفاصيل وجوهر الإتهامات التي وجهها شيروان الوائلي لأمين بغداد الدكتور صابر العيساوي، لاسيما بعد سقوط أساس الدعوى التي أقامها النائب الوائلي في مجلس النواب، وانهيار العنصر الأساسي في ملف الاستجواب ، ونقصد به مفتش الأمانة المحامي سهيل نجم القريشي ، بعد أن إنتهى الأمر بإحالة القريشي الى القضاء، بتهمة الرشوة، والفساد .. وإعفاءه أيضاً من منصبه .. وتعيين بديلاً عنه .
وقد يسأل البعض عن علاقة القريشي بموضوع إستجواب العيساوي في مجلس النواب. والجواب: إن النائب شيروان الوائلي قد إعتمد في جمع المعلومات المضللّة على عنصرين، ظن بانهما يملكان مايسعى اليه ، فكان المفتش العام سهيل نجم أحد هذين العنصرين المموَّلين للوائلي بالمعلومات ، والثاني هو المقاول ( الفاسد ) عبد الله عويز. وعندما يكون مصدر القضية فاسداً ومرتشياً، أحالته الى القضاء لجنة تحقيقية مشكلة بأمر من دولة رئيس الوزراء نوري المالكي، ضمَّت قاضياً بارزاً بحجم القاضي عزت توفيق جعفر، ومحققاً شهدت له ميادين التحقيق في هيئة النزاهة ، وآخراً عمل مديراً لقسم التفتيش في الهيئة ، فنجح في أداء عمله نجاحاً كبيراً.
ثم تقرر هذه اللجنة ( طرد ) هذا المفتش من منصبه بتهمة الفساد والرشوة ، وتضعه في دائرة الجرم والمسؤولية ، حيث ينتظره حكم القضاء العادل.. أقول عندما يكون مصدر الوائلي مرتشياً وفاسداً ، بل وغاطساً في وحل الفساد ، ويكون ملف إستجوابه مبنياً على معلومات كاذبة ، قدمها له شخص فاسد مثل القريشي ، ومقاول لا يقل عن صاحبه فساداً وسوءاً وضحالة ، فمن المؤكد ان هذا الملف الإستجوابي فاسد هو الأخر ، خاصة وان القاعدة الفقهية العدلية القانونية تقول :-
( كل ما بني على باطل …فهو باطل ) !!
فكل المؤشرات والوثائق التي صدرت قبل أيام قليلة أضعها اليوم امام القارىء الكريم، لنؤكد من خلالها سوء نية الوائلي ، ونثبت ( شخصنة ) القضية، والاستجواب معاً.. إذ لو كان الوائلي منصفاً، وذا نوايا وطنية ومهنية صادقة فعلاً، لما توجه في بحثه عن الحقيقة الى شخصين أحدهما فاسد مرتش , وأخر ( سطع نجمه ) في عالم الفساد، حتى زكمت الأنوف رائحة . ولعل الأمر الذي أعطى لنتائج التحقيق مع المتهم سهيل نجم القريشي أهمية مميزة ، ان دولة الرئيس نوري المالكي قد صادق بنفسه على توصيات اللجنة التحقيقية، بما في ذلك اعفاء القريشي من منصبه . وهو أمر له دلالاته ومعانيه .. اذ لو لم يكن الامر صحيحاً ، والتحقيق سليماً ، لما صادق عليه المالكي بهذه السرعة، وهو المعروف بدقته وتمحيصه لمثل هذه القرارات؟
ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين موقفي النائب الوائلي، وأمين بغداد صابر العيساوي من قضية الفساد في الأمانة ، لأتضح لنا الجوهر الذي يدفع بهذين الشخصين نحو إتخاذ هذا القرار ، أو ذاك . فالعيساوي كان قد تلقى قبل أكثر من ثمانية أشهر معلومات تفيد بأن مفتش الأمانة شخص غير نزيه تحوم حوله الشبهات ، ورغم ذلك فان العيساوي لم يقم بأي تصرف أزاء هذا الشخص ، بل قام بالتحقق من المعلومات ، والتأكد من صحتها قبل كل شيء .. ليقوم بعد ذلك برفعها الى ( مسؤوله ) المباشر رئيس الوزراء، حيث قام المالكي بعدها بتوجيه أمر خاص بتشكيل لجنة تحقيقية متخصصة للتحقيق مع المفتش العام سهيل القريشي حول ما نسب اليه من تهم ..في حين ان النائب شيروان الوائلي لم يفعل مثل ما فعله العيساوي عندما تلقى ( معلومات ) عن وجود فساد في عمل أمانة بغداد، ولم يكلف نفسه في التحقيق عن صحتها، وسلامتها، بل قام بدفعها الى أروقة مجلس النواب مباشرة، ليجيش بعدها الجيوش ضد العيساوي، ويجمع الصفوف حوله، وحول إدعاءاته الباطلة.. ولم يكتف بذلك، بل راح يمارس ضغوطاً إعلامية ونيابية، وحكومية من أجل تحقيق مآربه، وغاياته الظالمة ضد الرجل.. واليوم، وإذ يسقط ركن هام من أركان ملف الوائلي، ويقع شريكه في وحل الفساد بعد ثبوت الادلة .. فإن الله أراد ان يظهر بهذا ( السقوط ) حقيقة الوائلي، وان يظهر المعدن الحقيقي لخصوم العيساوي، فيكشف لكل من لم ينكشف أمامه الأمر، جوهر القضية الظالمة التي بناها، وأسَّسها الوائلي على معلومات كيدية، وأرقام، وحسابات واهية لم تكن إلاَّ في مخيلته، ومخيلة عصابته الصغيرة… ولا أعرف كيف يقتنع النواب بقضية يرفعها شخص فاسد مثل شيروان الوائلي، ويمولها شخصان فاسدان مثل سهيل نجم، وعبد الله عويز .. فالوائلي ذو التاريخ السياسي الاسود، والتاريخ المهني الأكثر سواداً .. والملطخة يداه بالمال الحرام .. والممتلىء رصيده بالشبهات، والصفقات، والمقاولات النتنة، لايصلح قط لإستجواب أي شخص في العراق ,, فما بالك عندما يكون هذا الشخص المستجوَّب صابر العيساوي .. ذلك الرجل الذي لايملك في العراق، وخارج العراق شبراً واحداً .. ولا يملك في مصارف الكون درهما واحدا..؟! ألم يقل الاقدمون من قبل : – ( أن فاقد الشيء لايعطيه )..فكيف نريد النزاهة من شخص كالوائلي ، وهو الغاطس في وحل الفساد من قمة رأسه حتى أخمص قدميه .. وكيف نطلب الشهادة الصادقة من المفتش العام سهيل نجم القريشي، وهو شخص مطعون في شهادته من الغلاف الى الغلاف، بعد أن طرد من الخدمة بسبب الفساد والرشوة. وهل يمكن لعاقل واحد في الدنيا أن يصدِّق بملف يرفعه فاسد، ويعده فاسد، ويجمع معلوماته فاسد … إن مجلس النواب العراقي اليوم أمام إمتحان وطني ومهني وأخلاقي عسير.. فأما أن يرَّد الملف، ويسقط الإستجواب، فيحقق بذلك العدل، ويكون قد مارس دوره الوطني الحقيقي .. وأما أن يقف مع أحد نوابه ظلما، فيسند نائباً فاسداً من أجل إرضاء عدد من النواب، والقوائم، وتحقيق بعض المصالح المنفعية والتوفيقية، وتفعيل مبدأ (شيلني واشيلك ) سيء الصيت . واذا ماوقف مجلس النواب مع الوائلي في هذه القضية ( وهو أمر مستبعد ) فإن هذا يعني ان الفساد قد وصل الى عنق العملية السياسية، وهو مجلس النواب، أو مجلس الشعب المنتخب.. وهذه هي الطامة الكبرى، والكارثة الحقيقية، وليس غيرها. ختاماً أود ان أقول بأني لا أعرف العيساوي، ولا أدافع عنه بإعتباره شخصاً مسؤولاً في الدولة، فأنا وكما يعرفني الكثير من الأصدقاء ، والأحبة القراء أتحسَّس من أصحاب المناصب، وأبتعد عن المسؤولين، لكني أستطيع الدفاع عن العيساوي بقوة، لأني وجدته مظلوماً، وصاحب حق، إذ أوقعته الظروف بين فكي البرلمان والمال الحرام، وكلاهما قويان. وعلى الرغم من أني لم ألتق الرجل من قبل إلاَّ إنني أقف معه، وأدافع عنه، لأن الدفاع عن العيساوي في مثل هذه القضية، هو دفاع عن سمو الحقيقة، ودفاع عن النزاهة الضائعة هذه الأيام، ودفاع عن كل الذين توقعهم الظروف الظالمة بيد شروان الوائلي المتسلح بسلاح البرلمان، وسلطة المال الحرام … وسأظل أدافع، وأقاتل بكل ما أملك من قوة وإيمان وحق عن العيساوي، وعن كل من كان مثله حتى يتم العدل، وينتصر الحق .. ويزهق الباطل .. وها هي أولى بشائر إنتصار الحق تظهر بسقوط أحد أبرز أفراد عصابة الوائلي، وأقصد أمين صندوق معلوماته الكاذب والفاسد المفتش سهيل نجم القريشي.. والبقية على الطريق بإذن الله.. ويقيناً بأني لن أكون الوحيد في ساحة الدفاع عن العيساوي، فمعي ستقف كل الاقلام الشريفة، والأصوات الشجاعة. لسحق الظلم، وإسقاط الباطل، وقبل ذلك يتوجب علينا جميعاً الإتحاد من أجل كشف أوكار الفساد، وسلطات المال الحرام.. وبؤر الرذيلة ..
[email protected]