23 ديسمبر، 2024 8:36 ص

ظلام الكهرباء وظلام الفكر

ظلام الكهرباء وظلام الفكر

حين تهاوى عرش النظام استبشر الشعب فرحا بهذا الحدث العظيم , بسقوط مرحلة الاستبداد والطغيان وبدأ مرحلة  جديدة تساهم بقوة واقتدار ب دخول العراق الى رحاب الحرية وفضاءها الفسيح , ويعلن وفاة او انقراض مرحلة ظلام الارهاب والقمع والتعسف الوحشي وانهزام الفكر والثقافة التي مقوماتها واركانها العنف والارهاب والشوفينية والحقد الاعمى وسلب الحقوق والحريات العامة . وتوقع الكثير بان ساعة العمل والاعمار والبناء دقت بازالة مخلفات الحقبة الدكتاتورية
والخراب الهائل في شن حروب ليس لمصلحة العراق لاناقة ولا جمل ولا حمار سوى نزوات المقبور المجنونة في اشباع رغباته المريضة في تدمير العراق وحرقه في صراعات مدمرة سوأ في الداخل في افتعال حروب شوفينية مسمومة بالحقد القومي الاعمى , او حروبه مع جيران العراق لاسباب تافهة . وتوقع الكثير بعد السقوط بان العراق سيدخل رحاب العدل بعد الظلم الجائر الذي طال فئات واسعة من الشعب حرمت من خيرات العراق , فتسيد القهر والحرمان والعوز
والفقر وضنك الحياة , وان العهد الجديد قادر على اطفاء الظلم واعادة الحق والعدل الى مساره الصحيح وسيفتح باب النور بعد ظلام دامس طال لاكثر من ثلاثة عقود عجاف من الاغلال والقيود وقوائم الموانع ومحرمات , وخلو حياة مدنية التي تزدهر بالنوافذ الثقافية والفكرية والاجتماعية الزاخرة بالعطاء . وتوقع الكثير بان العراق سيدخل باب التطور والتنمية الاقتصادية ويتعجل في مرحلة البناء وخاصة انه يملك امكانيات مالية ضخمة من موارد النفط , وكذلك يملك من الطاقات
والخبرات العلمية الكثير من اصحاب الكفاءات والخبرات المتنوعة في كافة اشكال الحياة ومتطلباتها والتي تستطيع ان تساهم بشكل فعال في صنع المستقبل المشرق , ليصبح العراق قلعة شامخة واشعاع مضيء لشعوب المنطقة , وسيفعل وينشط مجالات النشاط الصناعي والتجاري والاقتصادي لخلق التطور المطلوب. ويستغل الموارد المائية من اجل تطوير الجانب الزراعي باستغلال اكبر قدر من المساحات الزراعية وفق برنامج مدروس وخاصة وان العراق يملك الثروات
المائية من الانهار والروافد , وسيطبق النفط والعلاقات التجارية والاقتصادية سلاح ضد من يغتصب حقه الشرعي الذي يكفله القانون والاعراف الدولية بحق من يخالف ويمنع انسياب الانهار والروافد ببناء السدود دون اية شرعية دولية ومخالفة للمنطق الدولي . . وسيشجع بناء انطلاقات فكرية وثقافية متحررة تدعو الى التسامح والاخاء والمحبة والتعايش السلمي لابناء الوطن بكل اطيافه ومكوناته الاجتماعية بهدف تعزيز اللحمة العراقية وسد بؤر الفتن الداخلية والصراع الطائفي
الذي يمزق النسيج الاجتماعي . ويدعم انشاء واقامة النوادي الثقافية والاجتماعية والمراكز الثقافية لحياة مدنية متحررة من قيود واغلال الفكر والثقافة الظلامية التي عفا عليها الزمن وبال , والتي تؤمن بالخرافة والجهل والتخلف والتطرف الديني , والتي تحشر المواطن في بوتقة ضيقة تجعل حياته اليومية اشبه بالجحيم ,ان وهؤلاء اصحاب الفكر الظلامي يخنقون الحياة العامة بمبررات لا تنطلي على ابسط مواطن , وانهم معاول هدم لعراق مشرق بالبناء والاستقرار المطلوب
لتفعيل العملية السياسية نحو الافق الديموقراطي الذي يحترم الدستور ويصون حرية المواطن وكرامته وتحقيق العدالة الاجتماعية المطلوبة , ومحاربة بؤر الفساد التي تستنزف طاقات البلاد المالية وتعطل برامج التنمية والاصلاح . لكن من التجربة الاعوام الماضية عقب سقوط الحقبة المظلمة تشير بشكل دامغ وقاطع بان كل التوقعات والتمنيات والاحلام بغد مشرق تسوده العدالة ودولة القانون اصبحت ضرب من الخيال وصعبة المنال ,حيث عراقنا الجديد يعيش في كوميديا
سوداء , تكبل المواطن بقيود واغلال شتى وبقوائم الممنوعات ومحرمات وبسلوكية تجعل الحياة ضيقة كأنه يعيش في حقبة مظلمة تسد كل منافذ حياة مدنية تنشد التحرر والانعتاق في رحاب الحرية الواسعة  التي هي هدف الشعوب لحياة اجمل وابهى لا حياة القبور والسواد واللطم والنحيب . وغياب البهجة والفرح التي هي اسمى معاني الحياة .