23 ديسمبر، 2024 3:56 ص

طوال أکثر من ثلاثة عقود، کانت المعارضة الايرانية النشيطة المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، تٶکد لوحدها وبصورة مستمرة على إن الاعدامات التي طالت الالاف من السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق في صيف عام 1988، قد جرت في محاکمات سريعة وغير قانونية لم تستسغرق أغلبها بضعة دقائق وإنها من فرط الاستعجال الاستثنائي للإجهاز على السجناء السياسيين وإبادتهم فقد تمت المحاکمات بصورة حتى إنها خالفت وناقضت القوانين التي وضعها النظام الايراني بنفسه، لکن وبعد إعتقال حميد نوري، المسٶول الايراني السابق، ومحاکمته في السويد بتهمة تورطه بإرتکاب تلك المجزرة، فإنه صارت هناك أصوات قانونية وسياسية رسمية دولية تعيد ماکانت المقاومة الايرانية تٶکد عليه خلال العقود الثلاثة السابقة.
وفقا لنص لائحة التهم التي وجهتها كريستينا ليندهوف لارسون، المدعي العام السويدي بالمحكمة، فقد إتهمت المحكمة نوري الذي تم القبض عليه بموجب الولاية القضائية العالمية، بـ “جرائم الحرب” و”القتل الجماعي” و”انتهاك القانون الدولي”، وقالت المدعية السويدية إن تلك الإعدامات تمت وفق محاكمات سريعة وصورية وتخالف حتى القوانين الإيرانية نفسها، فضلا عن انتهاك القوانين الدولية، وقرأت رسائل من منتظري للخميني يحتج فيها على الإعدامات، ثم قرأت تصريحات لمنتظري لأعضاء لجنة الموت (رئيسي ونيري واشراقي وبورمحمدي) يقول لهم إن “هذه الإعدامات تضر بنا جميعا وبالثورة وتجعل الضحايا شهداء.. سيحكم علينا العالم كمجرمين.. سيتم تشويه هيبة الإمام (الخميني) وولاية الفقيه”.
المحکمة التي دخلت أسبوعها الثاني وتحظى بتغطية ومتابعة إعلامية غير عادية، يمکن الجزم بأنها صارت تشکل مصدر قلق وإمتعاض للنظام الايراني خصوصا بعد أن بات يتم ترديد اسم الرئيس ابراهيم رئيسي فيها حيث کان وقت تنفيذ المجزرة، عضوا في لجنة الموت سيئة الصيت التي حکمت بالموت بصورة غير قانونية على السجناء السياسيين، ومن دون شك فإن هذه المحاکمة التي لايبدو من إنها ستکون مجرد محاکمة تقليدية وليس لها أهمية إعتبارية خصوصا وإن أحکامها وبموجب القانون الدولي، ستکون نافذة، ولذلك فإن النظام الايراني الذي حاول التنصل والتهرب من التبعات المترتبة عليها، فإن ظلالها ستغطيه شاء أم أبى وستقوم بکشف وفضح کل ماقد حاول التستر عليه وإخفائه أثناء تنفيذ المجزرة.
التزام الصمت من جانب القادة والمسٶولين في النظام الايراني عن الادلاء بأية تصريحات أو مواقف بشأن هذه المحاکمة، لايمکن تفسيرها بأنها تأتي من عدم إکتراث النظام بها ومن إنها لاتشکل أية أهمية إعتبارية لها، بل لأن النظام الايراني يشعر بالقلق والتوجس منها ولايريد أن يضع عودا في عش الدبابير وإنما يفضل الانتظار ليرى نتائجها.