لم يكن وصول وزير الخارجية الايراني “ظريف” ، اعتياديا ، وانما جاء بعد احتدام الازمة بين العصائب والحكمة ، والتي اخذت الشيء الكثير من الجوانب السياسية ، بعد ان انبرت قنوات تابعة للحشد بتجيرها بطريقة تظهر وكانها استهداف او ما شابه ذلك من العبارات القاسية ، ناهيك عن كون الاجتماع الذي عقد بعد منتصف الليل وضم الشيخ الخزعلي والعامري والمهندس الى جانب حمودي والهاشمي وقيادات اخرى وصدور بيان عنه ، ذلك الاجتماع كان صادما و استغرب الوسط السياسي من عقده بعد “عاجل” صغير بينما عـــده مراقبيين بانه اجتماع مستفز لبقية الكتل السياسية او ناقوس خطر على الاخرين حتى وان كانوا من المحور الشيعي ، حيث يرسم تحديدا شكل التحالفات المقبلة وكانها اصطففات بنكهة مسلحة بعد ان غادرنا التخندقات الطائفية خصوصا وان ما جمع المجتمعين بمنزل الخزعلي امرا قد يستلزم هكذا تصعيد او كشفا للنوايا المبيتة ، فربما كان هناك خطئ وارد من محرر في قناة الفرات ، فهل تستلزم هكذا تصعيد واصطفاف يا ترى ام ان القضية هذه ستكون “برنامج عمل” مقبل في اي ازمة سياسية مقبلة .
وربما يجهل الكثيرين بان وصول ظريف كان مدروسا ومتزامن مع هذه الازمة وازمات اخرى مستحدثة باقليم كردستان ، كما انه كان يحمل رسالة تهدئة بين الكتل الشيعية و قد يكون وجه لطمة عنيفة للمحور المقرب من طهران حيث بدأ ظريف جولته السياسية من الجادرية حيث كان اللقاء بالسيد الحكيم ، رساله تحمل دلائل مهمة فهذه التراتبية بالمواعيد وللقاءات مؤشرا واضحا جدا بانه رسالة للاخرين بعدم التجاوز او التمادي او كان الزعامة “تبدأ” من هنا وليس في اي مكان اخر ، ولا نريد الخوض في ما قاله وزير الخارجية بعد ان تسرب للاعلام وظهر جليا حجم الاحترام الذي تكنه طهران للحكيم بعكس الاخرين الذين تمادوا بالتواصل الاجتماعي في رسائلهم وتغريداتهم ضد الحكيم ، متصورين ان ما ظفروا من مقاعد (بعد حرق الصناديق) سيجعلهم ثقلا سياسيا كبيرا وان ظفروا بعدد من الوزارات ..!!
كان ظريف يصر في حديثه مع الحكيم بانه من عائلة ولدت من رحم الشعب وفي ذلك مدلولات على ضرورة عدم تجاوز قيادات الحشد على منزل رئيس تحالف الاصلاح ..!!
ولم يكن وصول ظريف امرا غريبا على المشهد العراقية ، فسياسية طهران واضحه جدا وهي بلع اكبر عدد من الساسيين وضمهم تحت جناحها حتى وان كانو مسيئين او لا يمتلكون ثقلا شعبيا فعباءة الولي الفقيه قادرة ان تجمع المتضادين وتحتويهم وفي تشكيل حكومة عبد المهدي خير دليل على ذلك حيث نجحت باحتواء الفتح وسائرون ووحدت كلمتهم على “عبد المهدي” رغم انه خطئ كبير بدات قيادات التيار الصدري او حتى اقطاب المكون السني بالندم عليه ..
اعود للقول ان جولة ظريف وتنقلاته بين اربيل وبغداد وحتى لبقية المحافظات ربما كانت من اجل ترميم العلاقات اولا بين التحالف الشيعي وثانيا بين الكرد ، خصوصا بعد تفاقم الازمة هناك حول وزارة العدل الاتحادية والخلافات التي يشهدها الاقليم ..!!
وخيرأ وليس آخرا ، فان حركة “ظريف” وطريقة الزيارات التي يجريها تثبت بما لا يقبل الشك بان الكلمة الاولى والاخير في العراق هي ، لطهران وما سواها تحركات و ردة فعل من دول صديقة لا يمكن ان تصل الى حجم ودور ايران في المشهد العراقي .
فلا تنسوا تلك الحقيقة مهما تغيرت المعطيات ..!!