23 ديسمبر، 2024 9:41 ص

الزيارة الغير معلنة لوزير الخارجية الايراني جواد ظريف لاقت ترحاب من الاطراف السياسية العراقية ، ولكنها في نفس الوقت كانت لافتة ، إذ بمجرد نزوله بارض مطار بغداد توجه مباشرة لزيارة زعيم تيار الاصلاح السيد عمار الحكيم ، حيث غطت وسائل الاعلام هذه الزيارة وعدتها خطوة باتجاه التهدئة على خلفية الخلاف الحاد الذي نشب بين قناة الفرات الفضائية التابعة لتيار الحكمة وبين العصائب على اثر تقرير نشر في برنامجها حول مصفى بيجي وعمليات السلب والنهب التي طالته ابان حرب التحرير من عصابات داعش ، كما ناقش الجانبان مستجدات العملية السياسية ، وآخر تطورات تشكيل الحكومة وملفات اخرى كانت محط اهتمام الجانبين ، كما تاتي الزيارة في ظل التهديدات التي اطلقتها الادارة الامريكية ضد ايران ، والعقوبات الاقتصادية التي ستطال طهران ، وما يشكله العراق من طرفاً مهم في هذه العقربات ، اذ تصر الادارة الامريكية ان تكون بغداد اليد الابرز في تنفيذ العقوبات وتجويع الشعب الايراني ، وهي سياسة كانت متبعة ضد الشعب العراقي ، الذي كان يعيش محنتين الاولى حصار الغرب له وتجويعه ، وحصار نظام صدام وترهيبه .

الزيارة جاءت في توقيت زيارة وزير الخارجية الامريكي الى بغداد ، والذي امهل الحكومة 90 يوماً للاعتماد على نفسها في مجال الطاقة ، وقطع استيراد الغاز والكهرباء من ايران ، حيث يستورد العراق 28 مليون مكعب من الغاز الى مصانعه ، كما يشتري وبصورة مباشرة 1300 ميغاواط من الكهرباء الايرانية لسد النقص الحاصل خاصة في فصل الصيف ، حيث تشير التقارير ان رئيس الحكومة عادل عبد المهدي في وضع لا يحسد عليه ، وفي مواجهة مصيرية بين طهران وواشنطن ، وهو بالفعل غير مستعد لمثل هكذا مواجهة ، في وقت تعيش الحكومة صراعاً من اجل اكمال كابينتها ، وان اي قرار غير مدروس يمكن ان يلقي بظلاله على التوازنات الاقليمية .

ايران تتميز بسياسة الهدوء وطول البال ، وهو ما جعلها تنجح في اصعب مفاوضات شهدها القرن الحالي مع الدول الخمس والتي استطاعت فيها ام تنجز مهمتها وتسير قدماً نحو برنامجها النووي ، لهذا ليس من السهل اللعب معها بوصف انها دولة شرق اوسطية ، بل على الغرب ان يتعامل مع إيران على انها ايران النووية ، كما على العراق ان يتعامل مع الغرب ومع ايران على انه العراق المستقل بقراره دون تبعية لاحد ، والذي كان يوما يمثل عمق القرار العربي والاسلامي في المنطقة ، وما يمتلكه من خزين وارث حضاري جعله في مقدمة الدول الشرق اوسطية ، وهذا ما يكون حافزاً لقراراً موحد ضد اي تهديد لمصالحه وشعبه .