في الواقعِ الواقعُ في عراق اليوم يعجّ ويضجُّ بظواهرٍ لمْ تسبقها من قبل هكذا ظواهر ولا تحملُ ما نراه وما نلمسه من مظاهر , كما انها إحتدّتْ واشتدّتْ لتغدو ظواهرٌ تتلو ظواهر وبشكلٍ مسيءٍ وساخر…
ولعلّنا لمْ نعُدْ نندهش ولا ننكمش تجاهَ نشوءٍ ايّةِ ظاهرةٍ سلبيّةٍ من هذه الظواهر إذا ما تذكّرنا يوم 942003 يوم دخول قوات الغزو الأمريكية الى بغداد ” ولمْ تكن قد اكمَلَتْ انتشارها بَعْد ” حيثُ رأينا اعداداً كبيرةً من اصحابِ السيارات ” في ذلك اليوم ” صاروا يجتازون < الجسور > المخصصة لأتّجاهٍ واحد , فصاروا يجتازوها من الأتجاه المعاكس .! وقد اخترنا هنا مثالاً هو من ابسط الأمثلةِ لما حدثَ في ذلك اليوم المشؤوم , وهو ليس بأختيارٍ عابث .! فأجتياز الجسور بهذه الطريقة في ذلك اليوم ليس له من علاقةٍ بتأثيرات الحصار, كما يفتقد لأية علاقةٍ بالدخل المادي المحدود , كما أنّ ممارسةَ هذه الممارسة المخالِفة في ذلك اليوم تحديداً يرتبط بنوعية النفوس .! ويدلُّ على إنعدام الحسّ والشعور الوطني < للتأمّلِ ” على الأقل ” بوجوهِ جنودِ قوّات الأحتلال ودبّاباتهم , وعلى ما أمسينا واضحينا فيه , ومن الواضحِ جليّاً انّ هذه المخالفة الكبرى والشنعاء لا ترتبط بالنظام لسابق ولا بالأحتلال ايضا < وهنا استذكر عبارةً قديمة للرئيس المصري السابق انور السادات ذكرها في كتابه المعنون ” البحث عن الذات ” الذي صدر في عام 1979 وتمّ طبعه ب 28 لغة , وكان السادات في ذلك الكتاب يستعرض ذكرياته القديمه حين كان من الضباط الأحرار في فترة الأحتلال البريطاني لمصر في النصف الأول من القرن العشرين وهو يتأمل الجنود الأنكليز في شوارع القاهرة فقال حينها ” العلّةُ فينا وليست في الأحتلال ” ! > ومعلومٌ انّ مصر لاتوجد فيها مذاهب وقوميات , فكيف الحال في العراق المتعدد الأعراق .! , فماذا في دلالات مثال السير بالأتجاه المعاكس .؟ هل لا ننتظم للقانون والنظام إلاّ بالقوة .! هل تجرّدَ الألتزام الذاتي من ذاته .؟ أَمْ إننا شعبٌ لا تصلح معه اليمقراطية ويؤكد على ذلك ويبرهنه الأنفلات الحاصل في شتى الميادين ..!
وبعيداً عن السياسة والتسييس , وعن تفاقمِ وتراكمِ ما صارَ يكتظُّ به المجتمعُ من ظواهرٍ سلبيةٍ لا تقبل التخسيس .! اخترتُ هنا ” ظاهرتين ” دون غيرها لما تُشكّلُهُ من مصدرٍ للإزعاج :
1: دأَبتْ وشرعَت العديد من العوائل في مختلف الأحياء والمناطق السكنية في العاصمة بصنع او وضع ” مطبّاتٍ ” غير قانونيةٍ أمام بيوتها عِبرَ حرق وتذويب مادة ” القير ” وإشعال النار في طبقة ” الزفت ” التي تغطي الشوارع والطرق الفرعية داخل هذه الأحياء , ثمّ تركها لتتجمّد ذاتياً لتغدو مطبّاتٍ غير هندسية الشكل وبأرتفاعاتٍ متباينه , مما يسبب عرقلةً لمرور العجلات والمركبات ولا سيما لأصحاب السيارات التي يتفاجأون بها لأوّل مرّة وخصوصا اذا ما كانت هذه السيارات تنطلق بسرعةٍ معيّنه , مما يسبب ارباكاً لسوّاقِ هذه السيارات , وتُشكّل الأعداد المتزايدة في هذه الطرق والشوارع الفرعية ازعاجا كبيرا لسوّاق المركبات للأضطرارِ لتخفيف السرعة للحد الأنى بغية اجتيازهذه المطبّات المصطنعة , أمّا المبرّرات او المسوّغات التي يطرحوها اصحاب تلكم البيوت فلا تتعدّا اثنتين لا ثالث لهما , وكلّ واحدةٍ منما أسوأ من الأخرى .! فهم يقولون انها لأتاحة الفرصة لأطفالهم للّعبِ في الشوارع وتجنيبهم مخاطر سرعة السيارات التي تمرّ في داخل هذه المناطق , امّا النقطة الثانية فهي لتقليلِ نسبة الغبار الناتج عن مرور العجلات من أمام بيوتهم .! وهذه هي بالطبع الأنانية الضيّقة على حساب جموع الآخرين بالأضافةِ الى التجاوز على القانون , ولاسيما إنعدام المحاسبة والمراقبة واتخاذ الأجراءات بحق هؤلاء …
2: يا سادة و يا قادة : نعرف جميعا أنّ التعبير عن بهجةٍ ما في البلد بات يصاحبه ممارسة الألعاب النارية ذات الأصوات العالية والشديدة الأزعاج للمواطنين , وندرك أنّ ذلك صار عرفاً من الأعراف في مناسبةٍ وطنيةٍ ما او في حالة فوز فريق كرة القدم الوطني على دولةٍ اخرى ” وأنّ ذلك لا يستغرق اكثر من سويعاتٍ من الوقت وعلى الجميع تحمّل اصواتها , ولكنّ ان تستمر هذه الحالة بشكلٍ ووقتٍ مفتوح ودونما مناسبة فالأمر له ابعادٌ اخرى .! فعدا أنَّ اعصاب الناس مشدودةً ويخيّمُ عليها التوتّر الدائم , ومع الأخذِ بنظرِ الأعتبار أنّ انواعاً جديدة ومتطوّرة من الألعاب النارية قد دخلت الى العراق ولها من الأصوات المدوّية ما يكاد يشابه اصوات العبوات الناسفة والأنفجارات التي تُسمَع من مسافاتٍ متباينه والتي تسبب قلقاً بالغا , فأنّ اصداء واصوات هذه اللعاب النارية يمكن استغلالها لتنفيذ اعمال ارهابية واغتيالاتٍ وتفجيراتٍ وما الى ذلك من مرادفاتٍ ومشتقّات .! وهنا , على الجهات المعنية والأمنية أن توقِف استيراد مثل هذه الألعاب وان تمنع اصحاب المحلات من بيعها وبشكلٍ فوري , وان يصدر تبليغٌ رسميّ عبر وسائل الإعلام يحذّر ويمنع استخدام هذه المواد الصوتية وبعكسه فأنّ اولياء أمور من هم دون الثمانية عشر عاما سيخضعون للمساءله القانونية …
نلحظ ونسمع ونشاهد جميعا أنّ المفخخات والعبوات الفعلية تكاد لا تتوقف يوما سواءً في بغداد او المحافظات الأخرى , ونعلم انّ الأجهزة الأمنية عاجزة بالكامل والمطلق على ايقاف مثل هذه الأعمال الأرهابية , لكننا هنا ندعوهم لمراعاة اعصاب ومشاعر الناس ولو نسبيّاً …!