يعرف المجتمع العراقي عبر تاريخه الطويل برصانته وتمسكه بقيمه وتقاليده الرفيعة، سواء في ملبسه أو حديثه أو سلوكه العام. فالعراقي، رجلاً كان أو امرأة يترك أثراً طيباً أينما حلّ، ويعكس بأخلاقه صورة حضارية لوطنه العريق. وحين تقول العراقية بفخر،أناعراقية، فهي لا تُعرّف عن جنسيتها فقط ، بل تُعلن إنتماءها لهوية تحمل في طيّاتها عمقاً حضارياً وثقافياً لا يُضاهى
إلا أن المشهد الرقمي اليوم بات يعجّ بظواهر دخيلة تُهدد هذه الصورة الناصعة، وفي مقدمتها، ظاهرة الفاشينستات اللاتي يظهرن على منصات التواصل الاجتماعي بمحتوى فارغ أو خادشاً للحياء، يتنافى مع الذوق العام والقيم الأخلاقية التي تميز بها العراقيون جيلاً بعد جيل
حين تتحول الحرية إلى فوضى
الحرية حق إنساني مقدس، ولكن حين تُفرغ من مضمونها، وتُستخدم كذريعة لتبرير الابتذال والانفلات، فإنها تتحوّل من نعمة إلى أداة هدم للذوق العام، وتفكك للمجتمع من الداخل. المؤسف أن بعض من يُطلقن على أنفسهن مشهورات تجاوزن كل الخطوط، وأخذن من الأضواء غطاءً لتمرير سلوكيات لا تليق بفتاة عراقية ذات انتماء حقيقي لهذا الوطن
مشاهد استعراضية، ألفاظ خادشة، وإيماءات تفتقد لأبسط درجات الحياء، تُقدّم على أنها ترندات، بينما هي في الحقيقة تكرّس صورة مشوّهة عن المرأة العراقية، وتدفع بفتيات صغيرات السن إلى التقليد دون وعي وترويج مالاتتقبله العقول الرصينه ولا الاذان السليمة ،المؤسف أن هذه الموجة لاتقف عند حدود بل تنتشر دون رقيب أو واعز، حتئ بات من الصعب علئ الجهات المختصه اللحاق بها او احتواؤها
ضعف أداء المنصات الرقابيه.. ومجتمع يُشوَّه بصمت
المشكلة لا تتعلق بعدد محدود من الأسماء، بل في توسع الظاهرة بشكل لا يمكن إنكاره، حتى أصبحت منصات التواصل مسرحاًمفتوحاً لكل من يبحث عن الشهرة الرخيصة، ولو على حساب سمعته وسمعة بلده. في ظل غياب الرقابة الصارمة وضعف الدور التوعوي، تتكاثر هذه النماذج يوماً بعد آخر، داخل العراق وخارجه، وكأننا نعيش غزواً يستهدف العقل والذوق والانتماء
نعم، مررنا بظروف قاسية، لكننا لسنا بلا هوية صحيح أن العراق مرّ بأزمات سياسية واقتصادية أثرت في مستوى التعليم والمعيشة، ولكنها لا تبرر أن يتخلى بعض أبنائه عن هويته. الرقي والاحترام لا يحتاج إلى المال، بل إلى وعي وانتماء. الفتاة العراقية عبر التاريخ كانت مثالاً للأدب والعلم والقوة، ولم تكن يوماً سلعة للعرض او أداة لفت الأنظار
رسالة واضحة: أنتن لا تمثلننا
إن ما تقوم به هذه النماذج لا يُمثل إلا أنفسهن، ولا يعبر عن الفتاة العراقية التي نعرفها ونفخر بها. من تريد أن تعبر عن جمالها فلتفعل، لكن دون خدش الحياء، ومن تريد أن تبرز موهبتها، فلتكن الموهبة حقيقية لا استعراضا فارغا
اخيراً
أمام هذا المشهد، لا بد من وقفة جماعية: من الأسرة، من الإعلام، من الدولة، ومن كل فرد يحرص على هوية العراق. يجب أن نعلي صوتنا ونقول بوضوح: هذه ليست صورتنا العراقية الاصيله، العراق أكبر وأطهر من أن يُختزل بهذه النماذج ، مرضئ ، لايعيرون للشرف اهمية، (لكل قاعدة شواذ)
ظاهرة الفاشينستات، البلوگرات، شوهت الهوية وافسدت الذوق العام، لم يكن العراقي يوما إلا رمزاً للرقي والاحترام، في ملبسه وحديثه وتصرفاته. فقد تميز المجتمع العراقي عبر العصور برصانة عرفه، وسمو تقاليده، وانعكاس ذلك في كل المحافل التي حضرها داخل البلاد وخارجها. إن الحرية مفهوم نبيل وحق إنساني أصيل، لكن ما يجري على منصات التواصل الاجتماعي تجاوز كل الحدود……… فحين لا يكون هناك ردع حقيقي أو توجيه تربوي، تتحول هذه الظواهر إلى نمط سائد. والأخطر أن هذه الفئة باتت تمثل في نظر كثيرين خارج العراق صورة عن المجتمع العراقي، وهي أبعد ما تكون عن حقيقته الأصيلة
الوعي المجتمعي هو خط الدفاع الأول، يجب أن يكون له دور أكبر في مواجهة هذا الانحدار، لا من خلال الهجوم أو الإقصاء، بل عبر تقديم البدائل الحقيقية والرموز الملهمة من نساء العراق الرائدات في كل مجال