23 ديسمبر، 2024 2:54 م

ظاهرة بناء الاضرحة وتقديسها….. رؤية اجتماعية )) 2/2

ظاهرة بناء الاضرحة وتقديسها….. رؤية اجتماعية )) 2/2

رابعا : فهم ظاهرة تشييد الاضرحة وتقديسها ببعدها الاجتماعي .
يختلف كل علم عن الاخربرؤيته التحليلية التفسيرية للظواهرالكونية والاجتماعية والطبيعية ، كما ان كل مدرسة فكرية ، كذالك لها وجهة نظرها ، وزاويتها الخاصة ، التي تنظر منها لتلك الظواهر ، ومن ثم تفسيرها وتحليلها واسباغ وجهة النظر المقاربة عليها !!.
فعلم كعلم اللاهوت (مثلا) لاريب يختلف في وجهة نظره ، ومنطلقاته الفكرية ، والتصورية في تحليل وتفسير الظواهر سواء كانت ظواهر كونية او طبيعية او اجتماعية او نفسية…عن باقي العلوم والفلسفات الانسانية ، وهكذا في علم الاجتماع ، الذي يتناول نفس تلك الظواهر ولكن بادوات فكرية  وزوايا بحثية ، واشكال اجتماعية علمية لاغير ولاضرورة بشكل عام(على هذا الاساس)تحتم ان تتناقض وتتضارب كل هذه الرؤى الفكرية اللاهوتية والفلسفية ،  والعلمية و … لتسقط او تهدم بعضها البعض الاخر من وجهة نظرنا بل هناك ربماكان نوع من التكامل في هذه الرؤى التي تنظر وتدرس
 ببحث المشهد وخاصة الاجتماعي منه من زوايا مختلفة لتطرح لنا عدة تحليلات وتفسيرات متنوعة لظاهرة واحدة محددة !!.
فعلم اللاهوت الاسلامي الديني وغير الاسلامي، عندما يتناول ظاهرة اجتماعية كظاهرة بناء القبور وتشييد اضرحة العظماء لاسيما امثال الرسل ، وائمة الدين ، واسباغ نوع من التقديس لارواحهم الحاضرة وادامة تخليد ذكراها ، وتجديد بعث الحياة والحركة الاجتماعية فيها و.. لابد انه سيتناول هذه الظاهرة من خلال ادوات هذا العلم واهدافه الاخلاقية العالية ليوظف  من ثم هذه الظاهرة الى عامل الايمان داخل نفوس المؤمنين بهذا الدين ، او ذاك ، وادامة صناعة رمز التضحية الدينية للمجتمع لحث هذا المجتمع الى التطلع لبناء المثل الاعلى !!.
اما اذا تناول علم الاجتماع نفس ظاهرة بناء القبوروتشييد الاضرحة وتقديس ارواح موتاها ، وتجديد  بعث الروح ، والحركة الاجتماعية الطقسية حولها ، فانه  ولاريب يحاول دراسة هذه الظاهرة من خلال ادواته العلمية الاجتماعية  ليبحث عن اسبابها الاجتماعية  وما تقوم به من وظائف سوسيولوجيا في تماسك المجتمع اوتفكيكه لاغير !!.
ومن هذا المنطلق : (( اختلفت الاهداف ، والوسائل في ادوات العلوم ومادتها البحثية فاختلفت التحليلات والنتائج )) !.
في علم الاجتماع  تدرس ظاهرة بناء القبور ، وتشييد اضرحة القادة والعظماء من بني الانسان  واسباغ نوع من الاحترام وترميز ذكراها بطقس قدسي على اساس انها ظواهر كانت ولم تزل منتجا اجتماعيا وظيفته الاساس وهدفه الاكبر هو  دعم التماسك الاجتماعي من جهة وتجديد روح النشاط لحركة ، واستمرارية حيوية  المجتمع من خلال الاحتفالات الجماهيرية الكبرى وماتجدده من شعارات واهداف فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية و …. من جانب اخر !!.
اي وكماهو مدروس اجتماعيا منذ تاسيس علم الاجتماع وحتى اليوم فان مداميك اي مجتمع انساني قائمة على بنيتين :
الاولى : البنية الثابتة ((استاتيك )) التي من خلالها يتماسك المجتمع ويحافظ على وجوده من التفكك ومن ثم الاضمحلال والانقراض !.
الثانية: وهي البنية المتحركة((انستاتيك))التي توفرالحركة والتطور والفعل والبناء والتجدد والنشاط و….الخ ، وعدم الوقوع في الجمود ومن ثم الموت المحقق لهذا المجتمع !!.
ومن هنا، فعلم الاجتماع يدرس جميع ظواهر المجتمع الانساني على اساس هذين القانونين الذين يعالجان بطبيعة الحال اشكاليتين ترتبط فيهما حياةالمجتمع او موته ولذالك تدرس ظاهرة بناءالقبور وتشييد اضرحة الموتى وترميزها قداسيا على اساس هاتين الاشكاليتين وما تمثله هذه الظاهرة  من معالجة لقانون (( الثابت والمتحرك )) داخل منظومة وانساق المجتمع الانساني !!.
خامسا : الوظائف الاجتماعية لظواهر تقديس الاضرحة .
لا ريب انه ليست هناك ظاهرة متجذرة  داخل بنية اي مجتمع انساني تاريخيا وحتى اليوم ، دون ان يكون لهذه الظواهر متطلبات وحاجات اجتماعية تفرض من وجودها والقيام بوظيفتها الاجتماعية !!.
فالجسم الاجتماعي الانساني لايختلف كثيرا ((  وخاصة في المدرسة الوظيفية  لتالكوت )) عن جسم  الانسان ، وقوانين وظائف اعضاءه الفيسلوجية التي تناهض بطبيعتها القانونية  اي ميكروب اوفيروس غريب  او مؤذي يحاول اختراق ، او اقتحام هذا الجسم الانساني من الخارج ولسوف يجابه اي مكروب غيرمتوافق مع حاجات ومتطلبات وصحة هذا الجسم الانساني  بمقاومة  من قبل قوانين هذه الاعضاء الفيسلوجية، للحفاظ على سلامة الجسم حتى اخراج هذا الطارئ من جسم الانسان  تماما !.
وهكذا الجسم الاجتماعي ايضا فهو لايقبل سوى الظواهر الاجتماعية السلوكية ، او الفكرية (وخاصة على المديات الطويلة تاريخيا ) التي تساهم بسلامته واستمراره وديمومته وصحته و… ، والمتوافقة مع متطلباته وحاجاته المادية والمعنوية والنفسية والتربوية .. الحقيقية ولو فرض ان دخلت بعض السلوكيات او الافكار الشاذة: ((  كظاهرة انتشار الجريمة او فكرة التخلص من نظام الاسرة اوظاهرة الفوضى او ..)) على قوانينه وبنيته الاجتماعية فسرعان مايقاوم (هذا الجسم الاجتماعي)هذه المكروبات الاجتماعية  للتخلص منها باقرب واقصر وقت ممكن ، وهكذا القول في حال تعرض
 الجسم الاجتماعي الى فقد عنصر من عناصر صحته الاجتماعية فسرعان ما يعوض هذا الجسم الاجتماعي ما يحتاجه من دماء  وسوائل و … تعتبر من الضروريات لديمومة حياة المجتمع وقوته وحركته !!.
وعلى هذا الاساس تقرأ  الظواهر المجتمعية ( في توافقها ،  وحاجة المجتمع لها ، او في تنافرها  ومضرتها لكيان المجتمع ) لاسيما تلك الظواهر ، التي اثبتت التجربة الاجتماعية التاريخية : (( انها ظواهر اصيلة ومتجددة ومتجذرة ومتوافقة و …. مع روح المجتمع وجسمه المادي الاقتصادي والسياسي والتربوي و …الخ )) ، كما هو حاصل بالفعل في طقسية تشييد وبناء الاضرحة  وترميزها قداسيا وصناعة الاحتفاليات السنوية حولها و ..في المجتمعات الاسلامية  لقادة الدين او الاولياء الصالحين المباركين او غير ذالك !!.
سادسا : الاضرحة والعمل الاجتماعي الميداني  .
اختلفت في الحقيقةالتفسيرات والاراءالفكرية والتحليلات الاجتماعية والدراسات الميدانية ونتائجها العلمية ، التي تتناول : دراسة وبحث ظاهرة بناء الاضرحة ،وترميزها قداسيا لقادة الدين من انبياء وائمة واولياء مباركين في المجتمعات العربية ، والاسلامية  وخاصة منها المجتمعات  الزراعية   الحضارية المستقرة ، او التي (( تمتلك ثقافة الحضارة الزراعية المستقرة )) ، كالعراق ومصر  وايران والمغرب العربي …….الخ ، وباقي الشعوب التي نمت وتطورت داخلها ظاهرة الاولياء وتشييد اضرحتهم المقدسة ،  وانجذاب الاجتماع لهم واقامة الاحتفاليات الجماهيرية
 الحاشدة  بمواليدهم او وفاتهم السنوية !!.
طبعا هذا الاختلاف في التفسيرات والتحليلات الاجتماعية لايخلو من مؤثرات كذالك بيئية واجتماعية بطبيعتها وربما تصل هذه المؤثرات في دراسة وبحث هذه الظاهرة الى مسخ الرؤية العلمية(مع الاسف) لعلم الاجتماع ،  والاخذ بالرؤية اللاهوتية (( لاسيما الرؤية الرعوية الوهابية في العصر الحديث )) المنغلقة التي تدرس هذه الظواهر من خلال هيمنة الثقافة الرعوية التي هي كمااشرنا لها سابقا ثقافة تفتقد للجذر الثقافي المديني  والزراعي المستقر ، الذي ينتج هذه الظواهر مما يجعلها رؤية ( تنفر) بطبيعتها الرعوية (وهكذا الدينية العقدية ) من موضوعة الروح ، وما بعد
 عالم الاحياء المادي والطقوسية التي تترتب على هذه الظاهرة و ….. ومن ثم النفور من كل ماهو تاريخي وحضاري اجتماعي بشكل عام !!.
ومن هنا علينا ان نلحظ ونرصد بدقة التفسيرات  والتحليلات العلمية الاجتماعية لهذه الظواهر ، والتحليلات والتفسيرات المتأثرة بعناصر التفكيراللاهوتي الرعوي الذي حوّل كل جذره الثقافي الاجتماعي الى المعتقدي الديني لينظّرويحلل ظواهر المجتمع المدنية لاسيما ظواهر تشييد الاضرحة وترميزها قداسيا و …الخ ، على اساس انها ظواهر ضد الدين ، ومعتقده التوحيدي ، ولا تختلف عن عقائد الوثتية …الخ بينما تحليلات وبحوث علم الاجتماع العلمية لا تعترف الا بالتحليلات الاجتماعية التي تكون هي المؤسس الحقيقي للفكر الديني والقداسي والميتافيزيقي و…ليس
 العكس في ان تكون تحليلات الفكر التجريدي هي الحاكمة في تفسير الظواهر الاجتماعية !.
ان من اهم الوظائف الاجتماعية ، التي  تقوم بها ظاهرة :   (( الولي والضريح والمقدس والمبارك … الخ )) تاريخيا وحتى اليوم هي :
اولا: الوظيفة الجغرافية التي تذهب من خلال ثقافة المجتمع الشعبية القداسية الى : ان هناك حماية مباركة تحل في المكان الذي يرقد فيه الولي او المبارك بضريحه المقدس اجتماعيا !!.
لذا ومن هذا المنطلق يحوز ضريح المقدس ، وفي اي مكان يحل فيه اجتماعيا عربيا او اسلاميا او حتى انسانيا (( حمى )) جغرافية يتسع قطرهاالجغرافي اويصغرحسب ثقل الولي وقداسته اوالمكان المقدس واهميته (( كالقداسية المكانية الجغرافية لمكة او ضريح الرسول او الفاتيكان او القدس او….الخ في العصر الحديث)) بحيث ان الضريح وقداسته ربما يتسع قطر بركته ليعم مدن اجتماعية  وحضرية كبرى (( كمدينتي النجف وكربلاء في العراق )) ،  لتشمل حمايته ورعايته وبركته …،  كل المكان الجغرافي المحيط به ليصبح المحرّم والطاهر والمحمي هو المهيمن اجتماعيا في هذا المكان المقدس
 !.
وعادة ما يعبر هذا المكان اجتماعيا الى كل ماهو طاهر، ونزيه ونقي …. ، وهكذا حتى في الطبيعة ، وجميع موارها الاقتصادية الحيوانية والزراعية و… تطغى عليها لغة البركة التي يسبغها صاحب الضريح بكل سلطته، ونفوذه المعنوي على اتباعه على هذه الاشياء الطبيعية فالزروع ، والاشجار والطيور والدواب و … الخ ، محمية ببركة هذا المقدس الجغرافي ، وكذا الاشياء القذرة والذنوب المدنسة ايضا هي محرمة وممنوعة ومدانه اجتماعيا في قطر هذه الاماكن المقدسة !!.
وبهذا تصبح ظاهرة الضريح، وتشييده وترميزه بالقداسة والطقسية الجماهيرية  كانما هي بئرة  يصنعها المجتمع هنا وهناك لتخفف من وطئة وضغط المكان المدنس والمتزاحم والمتوتر و…الخ داخل حياة الاجتماع الانسانية ، التي لا  يمكن لها ان تستمر ، بدون هذه النوافذ والاماكن النقية باجوائها المكانية والطاهرة بجغرافيتها ، والتي تقوم بوظيفة تنقية هواء المكان الاجتماعي وفضائه وتغييرانفاسه الملوثة واطمئنان قلبه المتوتر والمشغول والمخنوق و…..  تحت وطأة حياة المدينة ، وعتمة سقوفها الخانقة ، ومعتركها السياسي  والاقتصادي الكئيب !.
ثانيا : الوظيفة النفسية
مخطئ من يعتقد ان سبب او اسباب نشأة ظواهر (( الولي والضريح والزيارة والتبرك ، او حائط للمبكى عند اليهود   او غرفة الاعتراف المصاحبة لكل كنيسة او…)) هي اسباب تعود بكليتها الى الاعتقادات الشعبية ، التي تعتمد فقط على طلب الشفاعة الدينية من الله سبحانه اوان هناك اعتقادات ساذجة وغير معقلنة اجتماعيا  هي التي صنعت مثل هذه الظواهر القداسية تاريخيا وحتى اليوم داخل المجتمع !!.
بل ان التحليل الاجتماعي السليم لهذه الظاهرة يدلل بشكل لاريب فيه ان الحاجات الفكرية والسياسية والاقتصادية وكذا النفسية والتربوية الاجتماعية ايضا ،  وخاصة في قطاعات المجتمع الفقيرة والمعزولة والمهمشة والمقهورة و..الخ  والتي تشكل غالبية المجتمع الانساني منذ خلق البشرية حتى اليوم  هذه القطاعات وبما فيها ايضا قطاعات وطبقات استقراطية ليست بفقيرة وتتنوع حاجاتها النفسية ايضا هي التي صنعت مثل هذه الظواهرالقداسية(في بث الشكوى للولي وطلب الحاجة ) لتكون مادة ( تفريغ ) نفسية اجتماعية وعاطفية وحاجاتية يملئها هذا (( الطبيب النفسي المجاني ))
 الجالس والقابع في زاوية كل مدينة من مدن الاجتماع الانساني او زاوية اي كنيسة او معبد او حتى في كوخ في مجاهل افريقيا ، لاسيما تلك المدن  التي تنفقد فيها تماما حاجات الانسان الضرورية وتشتد فيهااكثرفاكثرقسوة المجتمع وتدافعه وفقدان روح التكاتف والتعاون الاجتماعية من داخله !!.
ان بث الشكوى والتفريغ من هذاالاحتقان النفسي الفردي والجماعي الذي تفرضه حياة الاجتماع الانسانية وحاجاتها  بالقرب ((من الولي وضريحه )) لاتقوم بوظيفتها الفردية لاغير بل هناك وظيفة التوازن او (( الضبط الاجتماعي او ظيفة تفريغ الاحتقانات المتفجرة )) داخل المجتمع والتي تضبط من انفلاتات المجتمع الكارثية  والتي بطبيعتها لاتقبل بغير سد حاجاتها وملئ رغباتها المتطلعة دومالاكثرمما تسمح به طبيعة الحياة الانسانية الاجتماعية !!.
وهكذا تبدو هذه الظاهرة (في صناعة الولي وضريحه وقداسته وبث الشكوى وتفريغ الاحتقانات النفسيةبالقرب منه)هي ظاهرة منسجمة تمامامع روح المجتمع الحضري المدني المستقرالمليئ بالضغوطات النفسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما ان هذه الظاهرة في جانبها النفسي  ايضا ترفد قوى (( القانون ، والضبط ، والتوازن )) المجتمعي الاخرى في التخفيف من وطأة الضغوطات الاجتماعية !!.
نعم ربما هناك فلسفة اجتماعية تاريخية  اخرى في الاتخاذ من الولي او النبي او الامام او القديس او .. طقسا بعد وفاته وليس ابان حياته بين الاحياء ، وهكذا يقال في ظاهرة غرفة الاعتراف او حائط للمبكى وبث الشكوى والتطهير من الذنوب والتخفف من حمل اعباء الخطايا وباقي جرائم السلوك الانسانية وربما( وحسب اجتهادي الشخصي ) ان افرادالمجتمع الانساني وحتى في هذه القضيةالمخصوصة بالذات فهم لايثقون بافشاء اسرارهم وشكواهم التي تعتبر نقاط ضعف يمكن ان تدمر حياة الانسان قانونيا ، واخلاقيا ، ومجتمعيا حتى للولي ابان حياته  ولذالك هم يتخذون منه (جثة هامدة
 )لايمكن ان تفشي اي سر يفضى به اليه قديسا ، وموضعا للتنفيس النفسي والروحي ميتا اكثر من اتخاذه لهذه الوظيفة الاجتماعية حيّا ونفس الشيئ يقال في اتخاذ حائط للتفريغ النفسي اوالاختباءخلف غرفة تحجب شخصية الانسان وهويته ،  لتكون معبرا للاعترافات الجنائية الخطيرة ، والتطهير من تبعاتها النفسية والروحية والاخلاقية !.        
ثالثا : صناعة الرمز الاجتماعي !.
ليس هو جهلا، او اتكالية او شركا بالله سبحانه ، كما انه ليس كسلا او عجزا او …..الخ ان يقيم المجتمع هذه الرموز الطقسية في زيارة ولي او امام او نبي  او مقدس يُعرف عن حياته قبل وفاته الاخلاص والتفاني والشجاعة والنجدة للاخرين ، ثم وبعد رحيله من هذه الدنيا يجدد المجتمع ذكراه ليدعم ((روح فكرة هذا النموذج )) الذي يحتاج المجتمع ، واحياءه لمثل هذه النماذج الشخصية الانسانية  المضحية والمحبة للمجتمع والمتفانية في سبيل خدمته بالمجان !!.
فالتكريم ، والاحتفاء بشخصية انسانية رحلت عن هذه الحياة وتركت فراغا في شغل موقعها الاجتماعي الديني او السياسي او الاقتصادي او ….. وخاصة داخل المجتمعات التي يكون فيها الدين محور للحياة الاجتماعية كالمجتمعات العربية الاسلامية ليس تعبيرا عن (( كسلية اجتماعية واتكالية و…)) بقدر ماهي تعبير عن مادة تعويضية يحتاج المجتمع لتجديد انتاجها في حياته المعاشة ، فالولي والاحتفال بموته او ولادته وبناء وترميز هذه الاحتفالية بالطقسية الدينية لم تكن هي ظاهرة متوجهة للولي بصورة مباشرة اوالامام اوللتقرب لله سبحانه وتعالى  بقدر ماهي ظاهرة يحاول
 المجتمع من خلالها (( الحث على اعادة انتاج هذه النماذج المجتمعية من جديد حسب مقاييس النموذج الاجتماعي ))الذي يعمل لخدمة المجتمع ومرضاة الله بدون ان يكون هناك مقابل مادي لخدمات وتضحيات هذا النموذج !!.
اي ان صناعة الرمزية الاجتماعية ،  التي تتجسد بهولاء الاولياء او الائمة او القادة او …… هي التي دفعت المجتمع تاريخيا وحتى اليوم لصناعة ظاهرة التكريم ، واعادة الطقسية الاحتفالية السنوية بالولي او الامام ليكون هناك ( ظاهرة تعيد انتاج نفسها زمنيا) بنفس الوقت التي تعيد(انتاج مضحين احياء)في المقابل لرفدحياة المجتمع بالرمز النموذج الذي يحمل اعباءالعناية بالمجتمع حيا والحفاظ على كرامته والدفاع عن مظلوميه والمحتاج في داخله !.
وبهذا يكون المجتمع استطاع ان يحول (ظواهره الى مصنع) لاعادة انتاج الحياةالاجتماعية بكل ماتحتاجه من مفردات انسانية تعيد نشاط فكرة الرمز بشكل تربوي وبغطاء ديني وقداسي ناعم !.
يتبقى هناك اكثر من ذالك في قراءة (( ظاهرة بناء وتشييد الاضرحة وتقديسها ..)) في الرؤية الاجتماعية عزفنا عن ذكرها لعدم الاطالة !!.