23 ديسمبر، 2024 5:50 م

ظاهرة العصيان الاداري..وتداخل الصلاحيات

ظاهرة العصيان الاداري..وتداخل الصلاحيات

انتشرت مؤخرا ظاهرة رفض الاوامر الادارية لبعض الموظفين,وتحديدا المدراء العامين,هذا فضلا عن ان حالات فردية حصلت في بعض المراتب العسكرية سابقا,لكن ان يصل الامر الى التشابك بالايدي والعراك المخجل امام انظار بقية الموظفين والمراجعين

(كما حصل في بعض المحافظات,تحديدا ماحصل مؤخرا في بلدية محافظة ذي قار), فهذه حالة فوضوية تعرض هيبة الدولة والنظام والقانون للانتهاك والتجاوز المستمر المتعمد,وتلك ظاهرة عززتها التجربة الديمقراطية المتكأة على الانتماءات القبلية والعشائرية والاثنية.

التداخلات الادارية وتضارب الصلاحيات بين المسؤولين المحليين والحكومة المركزية الممثلة بالوزراء, لعبت دورا سيئا في تعطيل عمل الحكومات المحلية وشل حركتها وعملها الاداري,تصور ان الحكومة المحلية الاقرب للواقع الاداري في المحافظات والمدن التابعة لها, لايحق لها تغير مدير فاسد او فاشل,وهذه هي المشكلة الكبيرة التي اهملها مجلس الوزراء والبرلمان العراقي,فعندما يقرر مجلس المحافظة تغيير مديرا عاما لاحدى الدوائر التابعة لوزارة معينة,يأتي كتاب من الوزير يرفض القرار الدستوري الخاص بهذا التغيير ,مصرا فيه على الموظف المعين من قبل الوزارة لاسباب عديدة ومعروفة,وهنا يحق للمواطن العراقي ان يسأل مجلس الوزراء والوزير المعترض على قرارات الحكومات المحلية, ماهذا الاصرار على رفض قرارات مجالس المحافظات الدستورية,وهل تعتقد ان مشاكل وزارتكم متوقفة على هذا الموظف او ذاك,هذه اسئلة تحتاج ان تنتبه لها السلطات الدستورية الثلاث

(التشريعية والتنفيذية والقضائية)لايجاد حلولا جذرية لهذه التداخلات المسيئة للدولة والعملية السياسية.

الغريب ان الدستور العراقي وكل الدورات الانتخابية التشريعية اهملت الموضوع الاثني وانعكاس اثاره السلبية على الدولة والمجتمع,اي اننا لم نلمس اية رغبات حقيقية من قبل اغلب الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية الحالية ,للعمل من اجل تشريع قانون خاص يمنع اتباع الاسلوب والنهج الطائفي والعنصري في من

ح الوظائف الحكومية,بينما نحن نسمع علنا واحيانا تحت قبة البرلمان يتحدثون عن مناصب سيادية وغير سيادية بأنها من حق الكتلة الفلانية او غيرها,وهذه التصرفات زحفت الى المحافظات واداراتها المحلية,مع ان الحكومات التوافقية في اغلب دول العالم المتحضر لاتهبط الى التنافس الوظيفي في المؤسسات العسكرية او الوظيفية الاعتيادية,بحيث يصبح منصب مدير عام محلي(للتربية او الصحة او البلدية الخ.)خاضع ايضا للحسابات التوافقية داخل نفس المكون الطائفي او الاثني(محاصصة طائفية في المركز تتركز بين المكونات الثلاث عرب شيعة,وعرب سنة,واكراد,ثم تنتقل الى المحافظات فتصبح المحاصصة داخل البيت الشيعي نفسه وهكذا لبقية المكونات),

وهنا ايضا سنطرح سؤال على الحكومة والكتل السياسية والشعب,هل تريدون بناء البلد واعماره وتطويره,وتوفير الامن والاستقرار والازدهار له,ام تبحثون عن الارهاب والفوضى والفساد,والنتيجة خسارة الجميع لوطنهم,وقد جربنا الغربة وجربها ملايين العراقيين,وتوصل الجميع الى حقيقة واحدة مهمة جدا,هو انك لو ملكت مال قارون وزرعتها في غير بيئتك ووطنك لن يكون لها قوة متعة بساطة الفقير وهو يشعر اينما يذهب في وطنه فثمة بيئة وثقافة وعادات وتقاليد ولغة واحدة,انه يسمونه في الغرب مرض البيت الاول بيت الولادة,صحيح نسبيا مانسمعه من ان المال في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة,ولكن هذه المقولة لاتنطبق على الشعب العراقي,الذي ينام على اثمن ثروة طبيعية اهداها الله لبني البشر دون تكلفة منهم.

بناء سلطة القانون وترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية في توفير فرص العيش الكريم لجميع المواطنين دون استثناء,ومعاقبة كل من يحاول ان يعتدي او يمس هيبة الدولة وقراراتها الرسمية خارج السياقات الادارية والادبية,تجعل من دوائرنا المكان الذي نتعلم فيه الطرق الصحيحة في التعامل الرسمي بين الدولة والمجتمع,ومنها يتعلم الناس الالتزام بالنظام واحترامه,لا ان تكون نكتة يتداولها العامة يسخرون منها,فتكون دافعا قويا لتمادي المخربين والفاسدين والارهابيين في مواجهتهم للدولة والشعب,

وما استمرار الجرائم الارهابية في العراق,وتنوع الاساليب الارهابية ,وتقديم الدعم اللوجستي والمعنوي من قبل بعض الخونة الانجاس للمخربين الارهابيين وبقايا البعث المنحل,الا دليل على ان هناك ثغرات كثيرة يستغلها الارهاب بقوة ,وهي تت

علق بالطبع في طبيعة اختيار القادة الامنيين,واساليب التدريب والانضباط العسكري,والمحاصصة في توزيع المراتب والمناصب الرفيعة الحساسة, الخ.

الانتخابات القادمة يجب ان تضع حدا لمثل تلك التجاوزات,والكلمة الفصل هي كلمة الشعب العراقي,اما ان نخرج من دوامة الفوضى,او نستمر في الانزلاق نحو الهاوية.