قال الله تعالى ” قل لا أسئلكم عليه أجرا ألا المودة في القربى”
قال رسول الله “ص” عن أهل البيت “ع” : لاتتقدموا عليهم فتهلكوا , ولا تتأخروا عنهم فتندموا , ولا تعلموهم فأنهم معلمون ” .
وقال ألامام علي ” ع” : قولوا فينا ماشئتم ولكن نزهونا من الربوبية “.
قال الشاعر الكميت المعاصر للآمامين الباقر والصادق :-
في أي كتاب أم بأية سنة … ترى حبهم عارا علي وتحسب
وطائفة قد كفروني بحبهم .. وطائفة قالوا مسيئ ومذنب ؟
من يريد أن يفسر الحشود المليونية المتوجة مشيا الى كربلاء بما يشبه الزحف البشري الذي أصبح ظاهرة تحتاج الى التأمل والدراسة التي يجب أن تدخل في مفاهيم علم ألاجتماع وتحليلاته على أنها أضافة نوعية تختزن الفكر السياسي ألاحتجاجي المنبعث من ينابيع ألايمان المنزل وحيا بأشكاله ودرجاته التي تعهدها النص القرأني بالوعد والوعيد والترهيب والترغيب , وهي خطابات تلائم خصوصية المشاعر وألاحساس البشري الذي يتأثر بالصوت ومعاني ألالفاظ ودلالتها والتي أصبح لعلم النفس أختصاص بها فرضته الحاجة الى معرفة مكنونات الشخصية في الفرح والحزن , والشقاء والسعادة , وألانطواء وألانبساط , ومفاتيح الشخصية هذه كانت معروفة ومفهومة عند المعصومين وهم ألانبياء وأوصياء ألانبياء , وقد فتح ألامام علي “ع” أسرارها عبر تجارب عملية أملا من العلماء والدارسين متابعتها , ولكن ألالتباس الذي تعرضت له ألامة أبعدها عن ثقافة ألاصطفاء القرأنية , فضاعت منها بوصلة ألاهتداء المتكامل ” وهو المعرفة التفصيلية لما يجب حتى يكون حبنا حبا وجوديا لله تعالى ومن فيض هذا الحب تتفرع أغصان الحب : للآباء , وألازواج , وألابناء , وألاخوان , وألاصدقاء , والزملاء , والجيران , على أن حب الفروع أن لم يكن مستوحى من حب الله فأن قد يتعرض للآهتزاز , وقد ينقلب الى كراهية وربما عداوة تهتز لها دعائم ألاسرة والمجتمع .
والسر في ظاهرة الحشود المليونية في الزيارة ألاربعينية كما هو في الزيارة العاشورائية , والزيارة الشعبانية هو وجود شلال الحب ألالهي الذي هو الممثل الحقيقي لما نسميه بالحب الوجودي والذي غيب معناه عمدا أو سهوا وغفلة من قبل المديا ألاعلامية المعاصرة وكثير من العاملين فيها أصبحوا جنودا مجندة لدكتاتورية ” ألاستوديو ” وأربابها من فراعنة المال والسلطة الذين تقودهم ” هوليود ” مباشرة كما في أمريكا وأوربا واليابان والهند وأسرائيل ومنها اليهود الذين تمرسوا في الصناعة الهوليودية وسيطروا عليها , أو بصورة غير مباشرة كما في بعض الدول العربية والتي أصبحت مهرجانات دبي تتفاخر بعروضاتها التي تشارك فيها أسماء من هوليود .
والسر في الظاهرة المليونية في الزيارة ألاربعينية ليس في كثرة مريديها فقط وهي كثرة تبعث على الدهشة وألاعجاب , ولكن السر الحقيقي : يكمن في هذا ألانتظام العجيب والنظام الذي يقدم الخدمة في كل من :-
1-الطعام والشراب
2-السكن
3-ألامن
4-الصحة والخدمات الطبية
5-النقل في العودة
وعندما نعرف ان تعداد الزائرين يتجاوز ” 5″ ملايين الى ” 10 ” ملايين , وقد يصل أحيانا الى ” 15″ مليون , وأي رقم نأخذه نجد صعوبة في تصور أي حكومة أو دولة أو هيئات رسمية يمكن أن تقوم بخدمة هذا الحشد الهائل من الزائرين رغم تفاوت مستوياتهم الثقافية والعمرية بدون عقبات ومشاكل , أننا نجد أن ألانسجام بين الزائرين ومن يقدم لهم ا لخدمة في الطعام والشراب والسكن هي نموذج للنجاح في الخدمات الذاتية التي يتبرع بها أفراد وهيئات مجانا وبعيدا عن الربح المادي , أن هذا ألامر يشكل عمق الظاهرة وحقيقتها المنفتحة على مفهوم الثواب وألاجر , وهي مفاهيم أيمانية نجدها تتجسد في ظاهرة الزيارة ألاربعينية وغيرها من الزيارات كزيارة العاشر من محرم الحرام وهي يوم شهادة ألامام الحسين “ع” واصحابه وأهل بيته , وزيارة النصف من شعبان وهي يوم ولادة ألامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف .
أن هذه الزيارة وغيرها من الزيارات , وزيارة الحج والعمرة هي محطات للآستحمام الروحي الذي يزيل متاعب الدنيا وغبارها عن النفس , وممارسة الصلاة , وقراءة القرأن , وألاذكار وألادعية , والصدقة , وألانفتاح على ألاخرين والتعرف عليهم من أبناء البلاد ألاسلامية , تجعل النفوس قريبة من الوئام وألاستقرار مما يعمق حبها لله وللناس , ومن هنا تبدأ السعادة البشرية الحقيقية , ويتحقق المجتمع السعيد نتيجة شيوع ألالفة والعدالة والمحبة والتعاون بين الناس , وزيارة هذه برامجها , هي زيارة يجب على الناس العقلاء تشجيعها وألاهتمام بها حتى وأن أختلفت مذاهبهم وشرائعهم , فالدين واحد , والشرائع متعددة ” شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا اليك وما وصينا به أبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ..”
وألاهتمام بهذه الزيارات الدينية يوسع دائرة ألاصلاح في المجتمع مما يوفر على الدول والحكومات والمجتمع كثيرا من فرص البناء الثقافي ومراجعة أشكاليات المعرفة ومفاهيم الثقافة المادية التي أصبحت تحاصر المجتمع بمفاهيم خاطئة
أن المردود النفسي والروحي للزيارات الدينية لاسيما الحج والعمرة والزيارة ألاربعينية التي تتكرر سنويا ويشارك فيها الملايين هي مكسب يفتح لنا مشروع العودة الى ألايمان وفضائل ألاخلاق التي لاتتحقق لو أنفقنا مليارات وبلايين فأنها بغير هذه المحطات الروحية تذهب هباء كما ذهبت ماتنفقه ألامم المتحدة من أموال دون مردود حقيقي على البشرية لآنها لم تنطلق عبر بوصلة السماء , ولم تفتح القلوب على هدي ألايمان من حيث الشكل والمحتوى , ومن حيث ألاسلوب والمفهوم , أن الدارسين لظاهرة الحشود المليونية في الزيارة ألاربعينية يلاحظون أنسجام الشكل ” اللباس ” و ” ألحركة ” و ” ألاداء ” مع ” المحتوى ” وهذا هو سر النجاح , وتبقى الشوائب لمن يرصدها بنوايا طيبة لاتعدو كونها تعود لكتلة وحشد بشري غير معصوم عن الخطأ فلا يعول عليها كثيرا , وأن كان ليس من الصحيح أهمالها , كما أن تعرض بعض الزائرين لعنف وأعتداء الجماعات ألارهابية يقوي ويزيد من صحتها ويجعل من يعتدي عليها خارج حسابات المعذرية في المفهوم ألاصولي , ويجعل ” المنجزية ” بالعذاب للمعتدي على أفراد الزوار قصاصا ربانيا في ألاخرة لايعطل القصاص في الدنيا لمن يريد أن يحكم بما أنزل الله .