23 ديسمبر، 2024 8:55 ص

ظاهرة التقاعد الحزبي في إقليم كوردستان !!!

ظاهرة التقاعد الحزبي في إقليم كوردستان !!!

( النقد أعظم إنجاز حققته البشرية والأعظم منه قبول النقد ) … نيلسون مانديلا
كلمة التقاعد بشكل عام تعني المرحلة التي يتوقف فيها الانسان عن العمل ، سواءا ً كان هذا العمل وظيفيا ً أو إداريا ً أو حتى العمل في المعامل الانتاجية ، لذا يتم إحالته إلى التقاعد وفق شرط العمر أولا ً وأخيرا ً طبقا ً لقانون تحمل نفس الاسم وربما عمر التقاعد يختلف من بلد إلى آخر ، لكن أكثر شئ هو أن يبلغ الانسان بعد الستين من العمر وفق الأنظمة المختلفة للبلدان الراعية للتقاعد ، ليستحق بعدها راتبا ً يتقاضاه يختلف نسبيا ً من بلد إلى آخر ، وقد تحصل حالات استثنائية يُحال الموظف أو العامل إلى التقاعد للظروف الصحية وفق التقارير الطبية من لجان معتمدة لدى الجهات ذات العلاقة استثناءا ً من شرطي العمر أو الخدمة … أول دولة تَدخل نظام التقاعد وتحديدا ً في نهاية القرن التاسع عشر هي ألمانيا ، لكن في الوقت الحاضر ، معظم البلدان والدول المتقدمة وغيرها لديها أنظمة لتوفير رواتب التقاعد وفق نسبة معينة تستقطع من راتب الموظف أو العامل من بداية العمل إلى سن التقاعد ، بالتأكيد يتغير قانون التقاعد في البلدان بين الفترة والأخرى ربما للظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة أو متغيرات سياسية قد تحدث …
لكن ! الحالة الغريبة في إقليم كوردستان هي إيجاد أو استحداث دائرة تقاعد موازية لمديرية التقاعد العامة مختصة بملفات الكوادر الحزبية وجحافل المتقاعدين من الأيلوليين ( المزيّفين أكثر من الحقيقيين عشرات المرات ) المحسوبين على الحزب الديمقراطي الكوردستاني حينذاك ، بالتأكيد هنالك الكثير من العناصر الحقيقيين أو غيرهم أيضا ً والذين شاركوا في ثورة أيلول حينذاك
 
 
وانتقلوا فيما بعد للنضال في صفوف أحزاب كوردستانية أخرى مثل الاتحاد الوطني الكوردستاني أو التنظيمات السياسية الأخرى منها الاسلامية أيضا ً ، ربما
تم تسجيل الكثير من أنصار الأحزاب أعلاه غير المستحقين أيضا ً ليتقاضوا رواتبا ً باسم المناضلين والبيشمه ركه الأبطال ، في تصوري ووفق الاحصائيات الميدانية للمعنيين بأن أعداد هذا الجحفل ( الأيلوليون )  قد تجاوز 150 ألف ، في حين عدد المشاركين الفعليين في ثورة أيلول حينذاك ( الكوادر والمسلحين ) قد لا تتجاوز 20 % من هذا العدد ، لذا أشار السيد نيجيرفان بارزاني رئيس الحكومة إلى هذا العدد وربما لأكثر من مرة والذي جاء على حساب الأيلوليين الحقيقيين والمفروض يستحقون رواتب وامتيازات أعلى مقارنة ً بالتي يتقاضوها الآن … هذا ناهيك عن أعداد من المسلحين والكوادر من الحزب الشيوعي والذين شاركوا فترة من النضال والكفاح المسلح ضد صدام في السبعينات والثمانينات ، هؤلاء أيضا تقاعدوا بشكل أو بآخر على ميزانية وزارة المالية لحكومة الإقليم … إضافة ً إلى الجحافل التي ذكرناه وهم تابعين إلى الأحزاب الكوردستانية .. لكن ! يتقاضون الرواتب من ميزانية الحكومة … كُل هذا معقول وخاصة ً الذين ناضلوا وكافحوا وشاركوا في ساحات الوغى من أجل الديمقراطية وكما يجب أن تكون ( أقصد الأعداد الحقيقيين لا المزّيفين والمحسوبين بشكل أو بآخر على الأحزاب المتنفذة وغيرها ) … لكن ! من غير المعقول وأتمنى أن يكون هذا النقد مقبول من قبل الصدور الواسعة للمتنفذين ، لأن الأعظم من النقد هو قبوله وفق مقولة نيلسون مانديلا في بداية المقال ، نعم من غير المعقول أن يتم التعامل مع جيش من الكوادر الحزبية المحسوبة طبعا ً على الأحزاب المتنفذة وربما غيرها والذين أنضووا تحت لواءها بعد انتفاضة آذار عام 1991 وتشكيل الحكومة الكوردستانية لأول مرة عام 1992 ، هؤلاء وللأسف طبعا ً ولحد مواليد السبعينات من القرن المنصرم تم إحالتهم بصفة متقاعدين وبدرجات وظيفية متفاوتة تفوق الدرجات الوظيفية ربما لأكثر من دولة ، بدءا ً من معاون ملاحظ فني مرورا ً بالمدراء التنفيذيين أو العامين وصولا ً إلى الدرجات العليا وبدرجة وزير ( حيث يقال بأن
 
منهم آباء السياسيين الكبار وهم بدرجة وزراء متقاعدين ) هؤلاء يتقاضون الرواتب من حكومة كاك نيجيرفان بارزاني والذي يعد أي السيد نيجيرفان من بين
الأوساط رجل ٌ من رجالات الدولة لولا التدخلات الحزبية ومن أقرب المقرّبين ، وأعتقد بإمكانه قيادة حكومة إدارية ( غير حزبية ) بامتياز بعيدا ً عن الأحزاب لو سُمِحَ له ذلك ، وربما هذا الرجل لا يقبل أن يتولى رئاسة الحكومة في القادم القريب وحتى البعيد …  
ربما نكون متشائمين لحد الآن في موضوعنا هذا المُهم ، لكن يجب معالجته في المستقبل حبذا لو تم المباشرة في العلاج في أقرب فرصة ، في تصوري بأن أكثرية المعالجة هي تشريع جديد لقانون الأحزاب من قبل البرلمان الكوردستاني بعد إنهاء فترة تعطيله وإزالة اسباب عدم انعقاد الجلسات ، بعد أن يتم الإشارة في مواد القانون إلى كُل هذه ( التجاوزات ) وبصراحة معهودة ومدعومة من رئاسة الإقليم لتنفيذ بنودها مع تكفل كُل الأحزاب الكوردستانية بامتيازات كوادرها وغربلة تقاعد ورواتب الأيلوليين ، لتطفو على السطح الأصليون ومحاولة قطع دابر المزيّفين وغير المستحقين ، هذا يجب أن تكون هنالك شفافية في تعامل الأحزاب مع الجهات الداعمة لها ، لا سيما من الناحية المالية والأمنية بشكل خاص ، ما معناه يكون التعامل على أساس الوطنية لا الحزبية الضيقة أو المصالحية ، لأن الحزب أو الأحزاب العريقة في كوردستان والمفروض يعني أو تعني التربية ، هذا يعني المستقبل ، مستقبل الأجيال من مرحلة إلى مرحلة على أساس الانتماء إلى الوطن أولا ً وأخيرا ً من أجل الوصول إلى الأهداف المرجوة وبرّ الأمان وهي حُلم كُل الأكراد في الأجزاء الأربعة من كوردستان العراق وتركيا وأيران وسوريا وحتى أكراد الاتحاد السوفيتي في حق تقرير مصير الشعب الكوردستاني وتشكيل دولة كوردستان في المستقبل القريب ، تعمل وفق نظام مؤسساتي سليم من الناحية العملية والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال ، وما شالله معظم القيادات أصحاب تجربة سواءا ً كانت بالإقامة في الدول الأوربية وأمريكا أو المعايشة الميدانية مع المجتمعات في تلك الدول ، وهذا ما نتمناه …
[email protected]