18 ديسمبر، 2024 1:47 م

عبارات تتغزّل بجسد المرأة حد الوقاحة، كلمات أصبحت من القاموس اليوميّ. وفي حال الصمت، تواجَه النساء بالشتائم، وقد يصل الأمر إلى الضرب على مرأى المارّة أحياناً.
حالات ليست معزولة تشير إلى استمرار ظاهرة التحرّش على الرغم من العمل الجبّار الذي يقوم به المجتمع المدني لمحاربة الظاهرة المجتمعية منذ سنوات، ولكن لا قانون للحد من تلك الظاهرة، حتى ضمن الشبكات الاجتماعيةالتهجم والتحرش.. ويجعل المتحرّشون حياة الكثير من النساء جحيماً.

الشارع “الحرام” على النساء
يتربّص المتحرّشون بالنساء عند كل منعطف طريق. كل امرأة أضحت مصابة بالرّهاب من الخروج إلى الفضاءات العامة بسبب الظاهرة.وفي أغلب الأحيان تتراجع النساء عن رغبتهن عن العمل والتطور هذه فور تذكّر العنف اللفظي والأبتزاز.انه مأزق العيش في مجتمع ذكوري.
وحتى التمسك بالكثير من التقاليد، سواء في اللبّاس “المحتشم”، أو في أسلوب الحديث لم يكف المرأة عن التعرض للتحرش إذ لا تزال العقلية الذكورية تكتسح جميع المدن والقرى”.
أنّ المتحرّش لا يعير بالاً إذا ما كانت الفتاة مُحجَّبة أو غير ذلك، بقدر رغبته في إفراغ ما يحفظه من كلمات التحرّش، أو تلذذه بمضايقة الآخر .أعتقد أن أي شاب يقوى على التحرّش بالنساء في الفضاء العام أو داخل مقرات العمل، أو الفضاء الإلكتروني، هو بحاجة إلى معالجة نفسية على وجه السرعة، كي لا يبث المزيد من سُمِّه على النساء. تكفي مشاكل اليومية، وكفاح المستميت في إثبات النساء لذوات داخل مجتمع ذكوري، إلى أن يثبت العكس”.
وبحسب مذكرة حول “العنف ضد النساء والفتيات خلال الأشهر القليلة حول العنف ضد النساء والرجال في 2021 فإن من بين 12.6% من النساء اللواتي تعرّضن للعنف في الأماكن العامة خلال السبع الأشهر الماضية، 7.7% كنّ ضحايا للعنف الجنسي؛ الأمر الذي يضع الإصبع على جرح غائر في نفسية الكثير من النساء المتجرّعات مرارة التحرّش كنوع من العنف المعنوي.
العامل الأهم وكذلك في خوف النساء من الاعتراف بتعرّضهن للتحرّش. وبحكم عملي على قصص النساء أعرف الكثيرات ممن تعرّضن للتحرّش أو الابتزاز الجنسي، ولا يستطعن البوح بذلك، لأنهّن في قرارة أنفسهن مقتنعات أن المجتمع يجرّم الضحيّة، ويُبرّئ الجاني المتحرّش مع كامل الأسف”
نعم نعم
السر في المجتمع فإن: “الثقافة السائدة في المجتمع ترفع الحرج الاجتماعي عن المتحرّش بتحميل المسؤولية للضحية، فالنماذج النمطيّة حول المرأة وسلوكها اليومي متجذرة في الوعي الجماعي، وهو ما يعيق بالضرورة مواجهة مثل هذه الممارسات التي تعيق مشاركة المرأة في المجال العام”، مبرزة أنه “في كثير من الأحيان يُفرض على المرأة أن تلبس ما يجعلها رجلاً، لأن قدْراً من الاسترجال ضروري بالنسبة إلى مجموعة من النساء من أجل الحماية”.

“أتساءل عن حقوق الضحيّة: أليست هي الأَوْلى بالعلاج، وبالمراقبة والمواكبة للخروج من الصدمة؟”. ظاهرة التحرّش “لا نجد لغاية اليوم اعترافاً من قِبل النساء، بتعرضهن للتحرّش، ويبقى الموضوع حبيس الجلسات الخاصة، ولأن لا يوجد مكان آمن يتم اللجوء اليه في الحث على أسس التنشئة الاجتماعية والسياسية، وتنمية الوعي الأخلاقي، والاعتراف المجتمعي لكون القانون في تضامن ذكوري .
وهنا نتبيّن عدداً من الأسباب التي تجعل النساء لا يُقدمن على التبليغ اصلا، أولها إشكالية الإثبات القانوني، المبني على اعتراف الشخص المعتدي أو الشهود. علماً أن التحرّش والعنف النفسي يصعب أن تجد المرأة وسيلة لإثباته”. وما يؤكد على هذا الحديث هو أن المجتمع ينصّب نفسه حكَماً ضد ضحية التحرّش، وفي العديد من الحالات يدافع بقيّة الرجال عن المتحرّش إذا واجهته المرأة بفعلته.