ما تزال الأدوية المغشوشة تشكل خطراً جدياً عَلَى صِحةِ المواطنين، وتهديداً حقيقيا لمفهومِ الصحةِ العامة، إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أنَّ (10%) مِنْ الأدويةِ المتداولة فِي مختلفِ اسواق العالم تُعد أدويةِ مزورة، الأمر الَّذِي يفرض عَلَى الجهات المعنية بذل المزيد مِن الجهودِ لمحاربتِها؛ لأجلِ القضاء عَلَى المشكلات الصِحية التي أفضت إليها، كما يتعين عَلَى منظمةِ الصحة العالمية، بالإضافةِ إلى الجهاتِ المعنية بموضوعِ الصِحة النظر فِي إدراجِ تلك المشكلة عَلَى برامجها؛ بغية إخضاع آلياتها إلى تقييمٍ دقيق وبما يتناسب مع أهميةِ تنفيذ الوظائف الأساسية للصِحةِ العامة، وَلاسيَّما أنَّ بعضَ صناع الأدوية استهوتهم سبل الغش فِي عالمِها بفعلِ ضخامة مردوداتها المالية، وَالَّتِي كان مِنْ أبرزِ إفرازاتها السلبية وأكثرها خطورة هو استهداف هذا التوجه اللاإنساني أدوية ضرورية لحياةِ الناس مثل عقار الأنسولين الَّذِي لا يستغني عَنه المرضى المصابين بداءِ السكري، وعلاجات الالتهابات، والمضاداتِ الحيوية فضلاً عَنْ كثير مِن الأصنافِ غيرها.
عَلَى وفقِ النتائج المتحصلة مِنْ أغلبِ البحوثِ والدراساتِ العلمية، تصنف الأدوية المغشوشة إلى ثلاثةِ أنواع رئيسة، أولها الأدوية الخالية مِنْ أيةِ مادةٍ طبية علاجية، وأنَّ استخدامها مِن الناحيةِ النظرية لا يضر بالصِحة، بَيْدَ أنَّها يمكن أنْ تكون سبباً لموتِ المريض فِي بعضِ الحالات. والنوع الثاني مِنْ تلك الأدوية هو الَّذِي يقوم عَلَى التقليد، حيث تستبدل المادة الفاعلة (الحشوة) فِي تقليدِ الدواءِ بمادة أرخص سعراً وأقل مفعولاً، مع العرضِ أنَّ هذا الصنف يُعدّ مِنْ أكثرِ أنواعِ الأدوية المغشوشة خطراً؛ لعدم ضمان أنْ لا يكون البديل مميتاً. أما النوع الثالث المشار إليه باسْمِ الأدويةِ المستنسخة او المنحولة، وَالَّذِي يُعَدّ أكثر الأصناف انتشاراُ مَا بَين عائلة الأدوية المغشوشة، فأَنَّ تصنيعه يتمحور عادة حَوْلَ اعتماد مقادير بناء العقار ذاتها المستخدمة فِي العلاجِ بنسخته الأصلية، إلا أَنَّ الجودةَ غَيْر مضمونة. وبحسبِ المتخصصين فِي الشأنِ الصحيِّ، فإنَّ بعضَ الأقراص أو العقاقير المغشوشة، وَالَّتِي تفتك بالآلافِ مِنْ البشرِ فِي كلِ عام، لا تقتصر خطورتها عَلَى افتقارِها إلى المكوناتِ السليمة لعلاج الأمراض، إذ أنَّ بعضَها تحتوي عَلَى موادٍ مسرطنة ومذيبات، وقد يكون مِنْ بين مكوناتها بقايا حشرات. والمتوجب إدراكه هنا هو أَنَّ الغشَ فِي مجال صِناعةِ الأدوية متقن لدرجةِ استحالة التمييز ما بين الأقراص المغشوشة التعبئة وما بين المنتج الأصلي حتى مَعَ الفحصِ البصري. ومِنْ أبرز الأمثلة الَّتِي يمكن استحضارها ضمن هَذَا الإطار هو أنَّ المواطنَ فِي روسيا دفع ثمناً غالياً جداً؛ جراء انهيار صناعة الأدوية فِي بلادِه عَلَى خلفيةِ أفول نجم الاتحاد السوفيتي وتفكك الدول المكونة له، إذ أصبح الهدف الأساس والرئيس لإداراتِ أغلب شركات إنتاج الأدوية والمستحضرات الطبية هو الحصول عَلَى ما يمكن مِنْ الأرباحٍ بمعزلً عَنْ النظرِ إلى آثارِها عَلَى المستهلك، ما أفضى إلى ظهورِ موجةِ الأدويةِ المغشوشة فِي الصيدلياتِ الروسية!!.
فِي أمَانِ الله.