زفت البشرى للعراقيين وكل الذين وقفوا ضد الارهاب والتطرف في الانحاء كافة، بتحرير الموصل، وذلك بطرد عصابات داعش من جامع النوري الموقع الرمزي، أي ان صفحة مهمة طويت وانهاء تنظيم الدولة عملياً وما الصفحات الباقية من المواجهة العسكرية لانهاء الفلول مسألة وقت ليس الا.
لقد ادت القوات العسكرية بانواعها وافرعها ما عليها من واجب وقدمت لحرية الوطن والمواطنين دماء طاهرة وزكية وشجاعة تحفظ لكل منها حسب دوره على مر التاريخ الحاضر والمقبل، لا يمكن ان تحجبها تخرصات او محاولات التمدد على ادوار الاخرين من جهة اخرى.
المهم ان الاتي اعظم واكبر للحفاظ على النصر العسكري الذي كان ثمنه باهظاً، فالصفحات من ترسيخ الانتصار تتطلب شجاعة فائقة وقرارات صعبة وقد تكون مؤلمة في بعض جوانبها لتسوية سياسية او مصالحة وطنية تعيد اللحمة بين ابناء شعبنا وبنائها على اسس متينة لا ينفذ منها داعشي قديم او داعشي جديد.. هذا الانتصار مهد الارضية والاجواء الملائمة لهذه المسألة الكبيرة والاساسية..
ان العمل لتحقيق ذلك لا يقتصر على جبهة واحدة، وانما المباشرة به على مستويات متعددة من دون انتظار حل لهذه العقدة او تلك اينما تسهل عملية فك العقد وحلحلتها لتعمل عليها القوى السياسية بلا تأخير او مساومات باشتراطها في البدء من هذا الطرف او ذاك ستعقد الامور ولا تفضي الى الحلول الوسط التي يمكن ان تتطور وتتحسن مع تعزيز الثقة بين قوى الحل.
ان الافاق ملائمة ومدعومة بتأييد منقطع النظير شعبياً لانهاء التناحر والتناقضات بين القوى السياسية فالمنصت للصوت الشعبي والرائي لحركة الاحتجاجات الجماهيرية، والمتحرك فيه الضمير والمسؤولية الوطنية تقتضي الاستجابة للتشريعات والقوانين التي تستكمل بناء الدولة وقبل ذلك السعي لاصلاح عملية التنفيذ وتطبيق ما هو موجود منها على الجميع بلا استثناءات للنافذين وذوي الجاه والفاسدين الذين حان الوقت لتقديمهم بالجملة الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل وحرمان المتطرفين من التربة المناسبة لنموهم مجدداً.
لا نهاية لداعش وغيره مما تنبته تربة الفساد وهضم حقوق الاخرين فئات وافراد وغياب الديمقراطية الحقيقية ما لم نباشر فوراً بالاصلاح الجذري الشامل الذي يبدأ اولاً بتشريع القوانين الناظمة لاختيار الشعب لممثليه الحقيقيين…
ان حلفاء الدواعش مذ تأكدوا ان الانتصار آت لا محالة حدوا سكاكينهم وحضروا ادواتهم واقاموا تحالفاتهم في الخفاء وتقربوا وتزلفوا الى الذين بيدهم مقاليد الامور لاقتطاع جزء من كعكة اعادة اعمار المناطق المتضررة من الارهاب والتي خصص لها مئة مليار دولار، وهو مبلغ ضخم اذا ما تم انفاقه بنزاهة وحرص سيبني المحافظات المتضررة وغيرها ، بل انه سيكون عاملاً اساسياً في معافاة الاقتصاد الوطني وتنشيطه واعادة بنائه لمصلحة المواطنين.
ان عملية اعادة الاعمار ممكن ان تكون رافعة للاقتصاد الوطني وتسهم في انهاء البطالة التي كانت رافداً من روافد الارهاب وما الى ذلك من منافع للمواطنين ومداواة جراحهم التي خلفها داعش الارهابي او ان تكون ذات حد ثان تزيد من الالام وتشكل البيئة لنمو الفاسدين وبالتالي ظهور منظمات اجرامية اكثر قسوة ووحشية.
ان ما بعد داعش الذي يتم الحديث عنه منذ زمن لابد من الاعلان عنه لمعرفة الرؤية وبالتالي الوضوح في دعمها والدفاع عنها في وجه اعدائها، وتحشيد الطاقات للاسهام فيها والتمكن من ازالة التناقض بين الادعاء بالبناء والممارسة في الهدم..