بعد فشل محاولة القوات الخاصة الأمريكية تحرير رهائن سفارتها في طهران.. ظهر الخميني في التلفاز الإيراني ليقرأ سورة الفيل.. في توصيف الردع الرباني الذي أدى إلى سقوط طائرة أقلت جنود المارينز الفاشلين في إطلاق سراح الرهائن!!
مقاربة ذلك بظهور الخامنئي متكئا على بندقيته في خطبة عيد الفطر المبارك. متوعدا إسرائيل بالويل والثبور ردا على عدوانها على القنصلية الإيرانية في دمشق التي أدت إلى مقتل قيادي فيلق القدس في سوريا.
ما بين كلا الحالتين.. مرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية بدعاية (الازمة الإيرانية) .. حتى حينما اطلق سراح اؤلئك الرهائن قبل تسليم السلطة في البيت الأبيض من الرئيس الديمقراطي كارتر الى الجمهوري ريغان.. وأشار كارتر في كلمة التسليم الى إطلاق سراحهم أجاب ريغان متعجبا هل هناك رهائن أمريكان!!
عودة الإطار الشكلي لاستحضار الازمات الإيرانية في الاختبار الانتخابي أيضا ما بين مرشحين ديمقراطي وجمهوري.. موضوعيا تختلف في حيثيات الأثمان المدفوعه من مختلف الأطراف..
ايرانيا.. اتكاء خامنئي على بندقيته لا ينتظر حلول السماء في إسقاط صواريخ ردا على العدوان الإسرائيلي.. التهديد الذي حمله وزير خارجيته إلى مسقط وهناك اخبار عن وسيط اخر صيني وثالث ياباني ان الرد الإيراني سيكون مدويا داخل إسرائيل ذاتها… وان الأثمان التي تبقى الإطار العام للنراع بين المحور الإيراني والمحور الصهيوني الأمريكي الإسرائيلي مضبوط الشدة.. تتطلب اعلان متتابع للخروج العسكري الإسرائيلي من غزة والقبول بشروط حماس وحزب الله للتهدئة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. ناهيك عن بقية فصائل محور المقاومة الإسلامية الإيرانية في العراق وسوريا واليمن.
دافع هذه الأثمان الأول حكومة إسرائيل التي تتبجح بوقاحة العدوان الدموي على غزة.. وهناك ردود أفعال متضاربة ما بين التأييد المطلق في اللوبي الصهيوني في الكونغرس الأمريكي.. والموافق عليه من دونالد ترامب المرشح الجمهوري.. وايضا من الكثير من قيادات الكونغرس الديمقراطيين.. وهذا يعني ان اتكاء خامنئي على بندقيته يتطلب مواقف حاسمة داخل سلطة القرار الأمريكي..
المعلوم للجميع.. ان واشنطن دولة مؤسسات وليس حكومة أحزاب.. هذا يعني إمكانية ظهور مواقف مشتركة بين قيادات الحزبين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية لمواجهة الخطوات الإيرانية المترتقبة.
أبرز هذه التوقعات ظهور متصاعد لاستخدام منظومة صواريخ هرمز في الاجيال الجديدة على رقعة الحرب المترتقبة.. ومنها تلك الصواريخ التي يمكن أن يستخدمها حزب الله في قصف مناطق الجليل.. وهناك توقعات ان تظهر موجة أخرى من الأسلحة من الجيل الخامس في صواريخ ومسيرات في حرب فصائل محور المقاومة الإسلامية الإيرانية في العراق واليمن وسوريا.
في ضوء ما تقدم.. يتكرر السؤال عراقيا.. كيف سيتعامل العراق مع كل هذه التطورات خلال زيارة رسمية يقوم بها السيد السوداني لواشنطن.. هل هناك أدوار يمكن أن يلعب أوراقها في مسار التهدئة؟؟
ام سيكون موقف العراق محددا في ملف تحويل العلاقات بين واشنطن وبغداد إلى علاقات سيادية وخروج جميع انواع الوجود العسكري الأمريكي.. مقابل تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين؟؟
واقعيا.. نجح السوداني في إيقاف ردود أفعال فصائل محور المقاومة الإسلامية الإيرانية خلال الأسابيع الماضية.. وربما ينتهي زمن الهدنة مع انتهاء زيارته لواشنطن.. السؤال ماذا بعد ذلك؟؟
هل تخضع هذه الفصائل للاتفاق الرسمي بين واشنطن وبغداد ام انها ستكون مع الموقف الإيراني في كل مستجداته؟؟
موضوعيا.. الاجابة المرجحة .. ان مواقف هذه الفصائل لن تكون تحت سلطة الاتفاق المقبل بين واشنطن وبغداد.. بل تلتزم بسلطة الولاء العقائدي للقرار الإيراني.. فاتكاء الخامنئي على بندقيته يفتح جميع الاحتمالات.. والاثمان العالية المطروحة في زيارة وزير خارجبته إلى مسقط وايضا عبر وسطاء اخرين.. ربما اقول ربما ترفض أمريكيا وإسرائيليا.. فهرمجدون معركة وجود مقبلة.. إيران ترفع اثمان دخول المنتدى النووي للأمم الصغيره مثل باكستان كثمن مقبول للتهدئة مقابل الاعتراف بقوتها النووية في الردع المتبادل مع إسرائيل.
فيما ترفض الصهيونية العالمية ذلك.. وامتلاك بندقية خامنئي الأسنان النووية وسلاح الجيل الخامس.. يجعل هرمجدون معركة مقبلة بلا صخب تصريح هنا وهناك عن مفاوضات تحت الطاولة او فوارق بين رئيس جمهوري متشدد واخر ديمقراطي متساهل.. بل ربما سيكون هناك قرارا بخلع الأسنان النووية الإيرانية بمنهج أقرب إلى ما حصل مع العراق في تسعينات القرن الماضي.
السؤال الاخير.. من يعلن هرمجدون … الانتخابات الأمريكية ربما تؤجل ذلك إسرائيليا.. لكن اي تصعيد غير مقبول إيرانيا عبر محور المقاومة الإسلامية يجعل رد الفعل المقابل أيضا غير متوقعا.. فيما اذا كانت إسرائيل قادرة على إدارة حربا في أكثر من جبهة.. وايضا أدوار قوات الناتو والقيادة المركزية الأمريكية وزحام الاساطيل في مياه الخليج وشرق المتوسط في هذا التصعيد المتوقع!!
فالاجابة ليست في ذات مضمون الخطاب الذي رد به الخميني على سقوط الطائرة الأمريكية بعد محاولة فاشلة لاطلاق سراح الرهائن..بل في نوع التصعيد المرتقب.. مضبوط الشدة ام اعلان حرب مفتوحة؟؟ وهذا يعتمد على الذكاء الإيراني في إدارة الازمة متعددة الأطراف.
اما الموقف العراقي الرسمي المعبر عنه في تحالف إدارة الدولة سيكون امام حقائق جديدة.. وفي حالة التصعيد لا سامح الله… ربما ستجبر الجميع الذهاب إلى انتخابات مبكرة.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!