22 نوفمبر، 2024 6:03 م
Search
Close this search box.

طيبون بالفطرة

من سجية العراقيين السمحة وحب فعل الخير للغير ان طيبتهم لا تميز بين دين او مذهب او طائفية، فيما بينهم او حتى مع الغريب، داخل او خارج البلد، فمثلا لو كنت ماشياً في الطريق وحصل ان تعثرت بشيء ما او اصابك دوار وسقطت على الارض، سترى من حولك يقول لك “اسم الله”، واخر يمد لك يده ليرفعك، واخر يحاول معرفة ما اصابك عله يساعدك بشيء، وهكذا.
جرّب على سبيل المثال، وانت تمشي في مكان ما ان تسأل عن عنوان دائرة مثلا، او اي شيء اخر، سترى من تسأله يحاول جاهداً ان يسهل عليك الطريق لما سألته، وربما سترى تدخلاً من شخص آخر قريب منكما، ليدلك على طريق اسهل، وقد لا يدعانك تمضي حتى يتأكدان من انك حفظت كلامهما صم، وهكذا.
جرب ايضا، ان تحمل اغراضاً عدة ولا تسع يداك على حملها لكثرتها، وفجأة تسقط اغراضك على الارض لعدم سيطرتك عليها، سترى الايادي تمتد اليك بالمساعدة واعادة ترتيبها، وقد يطلب احدهم ان يعينك على حملها معك اذا كان مكان وصولك قريبا، وهكذا.جرب مثلاً، ان تترجل من سيارتك التي توقفت فجأة في وسط الطريق لتدفعها الى جانب الطريق، سترى من المارة القريبين منك يعينوك على دفعها، وقد يقف احدهم ليصلحها معك، وهكذا.
جرّب ما شئت من الامثلة، ستجد ان هناك صفة مجتمعة عند اغلب الناس في هذا البلد، انها الطيبة العراقية التي تجلى اسمها وفعلها عن كل شائبة، انها حب فعل الخير للغير دونما مقابل، انها سجية العراقيين السمحة التي لا تميز بين دين او مذهب او طائفية، فيما بينهم، او حتى مع الغريب، داخل او خارج البلد.
مثل هذه التصرفات او غيرها، التي نقوم بها تلقائياً فيما بيننا، لا تحسبوها هينةً البتة، فهي رغم ما يتوالى علينا من مصائب ومحن ورغم المحاولات المستمرة حتى اليوم لتمزيق الضمائر والانفس الطيبة، الا انها ما زالت تعيش فينا كأنها فطرة خلقنا عليها، فكما كل مولود في الكون يخلق على فطرة الاسلام ومن ثم تباعاً يصير على دين ابويه، فنحن كذلك، فطرنا الخالق على هذه السجية، وغرس فينا حب الخير والمساعدة للغير، ومشاركة بعضنا الحلوة والمرة، ولا اظن، بل اني على يقين من ان غايات ومساع الدخلاء لتأجيج المشاعر والاحقاد الطائفية لسلبنا هذه الميزة لن تفلح ابداً.
يا “جماعة الخير”، هذا ما تبقى لدينا من صفات حميدة اظف اليها الغيرة والنخوة، فلا تدعوا الألسن المشحوذة سماً تنال منها، فاننا منقرضون دونها لا محالة، انه ببساطة يا سادتي الافاضل، سرُّ هذا الشعب و”باجه” العاجي بين الأمم، او بمعنى أدق انه الـ DNA الخاص به.

أحدث المقالات