18 ديسمبر، 2024 1:52 م

طوفان الاقصى …يغرق كل السفن

طوفان الاقصى …يغرق كل السفن

طوفان الاقصى لم يأتي من فراغ, بل نتيجة تيارات شديد السرعة تهب على منطقتنا العربية منذ قرن, سقوطالامبراطورية العثمانية بعد ان شاخت وتقسيم المنطقة وفق اتفاقية سايكس_ بيكو,والهدف هو تمزيق اوصال الامة العربية ونهب خيراتها, والتحكم في مقدراتها واحداث الفتن بين ابنائها,تطبيقا لمبدأ فرّق تسد.

ما يسمى بالعالم المتحضر لم يترك لنا مجالا للعيش بعزة وكرامة ,حاول جاهدا ان يسوّق لنا ديمقراطيته وفق رؤيته,يتدخل في شؤوننا الداخلية رغم اعلانه انه قد سلمنا مقاليد امورنا,ولا باس من تحديد اليوم الوطني للبلاد(عيد الاستقلال),ضيّق علينا الخناق يتدخل في ابسط الامور السياسية والاقتصادية عبر البنك الدولي والعسكرية من خلال مجلس الامن,والدينية بواسطة الامم المتحدة ومنظماتها المتعددة, فهم من يحلل لنا ويحرّم تحت بند حقوق الانسان, يريدون منا ان نعيش في غابة كالحيوانات, نساق كالقطيع الى حيث يشاؤون,اقفلوا كل المسارب التي قد تقودنا الى اصلاح احوالنا.

للأسف الشديد نحن نعيش في عالم متحجر متعصب, قطع صلاته برب الكون ,لا يؤمن بحرية الراي والمعتقدات وحق تقرير المصير, لم يكتفوا بتمزيق اوصالنا, بل يحاولون جاهدين اعادة رسم الخارطة السياسية من جديد,استحداث المزيد من الكيانات الاثنية والمذهبية واعلن صراحة معاداته للإسلام ومعتنقيه, سخّر ابواقه الاعلامية لمعاداتنا عبر مصطلح الاسلاموفوبيا واصبح 11 سبتمبر2001 يوما لتكريس عدائه لنا .

البعض يعيب على المقاومة بانها صنعت طوفانا لكنها لم تصنع سفنا للنجاة, نقول لهؤلاء بان المقاومين وذويهم من سكان غزة والضفة, يفتقرون الى ابسط سبل العيش فوقارضهم,التي تقضم كل يوم, حياتهم معلقة على مساعدات الامم المتحدة من خلال” الأونروا, محاصرون من كل الجهات لما يقرب من العقدين من الزمن, لقد اجبر الغرب المقاومين على صنع الطوفان لانهم تساوت عندهم الحياة والموت, ولم يعد هناك من حل سوى الطوفان, طوفان نوح كان بسبب ابتعاد البشر عن التعاليم التي اتى بها الرسل والانبياء,فكانت سفينة نوح المنقذ للمؤمنين.

طوفان الأقصى حدث في السابع من تشرين اول عام 2023 أي ثلاثة أيام قبل الموعد الذي تكلم عنه وزير الخارجية بلينكن وكان محددا للإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ولأن السعودية ينظر إليها علي أنها تمثل العالم الإسلامي, فالتطبيع بينها وبين الصهاينة يمثل طعنة قاتلة للقضية الفلسطينية وإعلان موتها. طوفان الأقصى كان هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ما بعد طوفان الاقصى لن يكون كما قبله,العالم على شفا الهاوية رقعة الحرب تتمدد, بالأمس غزة ثم الحق لبنان بقائمة الابادة الجماعية والان يستفردون بسوريا لانهم يرونها حلقة الوصل لمحور (الشر) ومن ثمّ العراق وصولا لما يرونه منبع الشر الممول الرئيس له (ايران), يبقى القول بان اليمانيين استطاعوا اغراق سفن الامداد الامريكية والغربية واجبروا حاملات طائراتها على الفرار من البحر الاحمر والمياه الاقليمية لليمن ,ربما الاسلحة التقليدية لا تحسم الامر ويتم اللجوء الى السلاح النووي المحدود,نعم المقاومون لم يعد لديهم ما يفقدونه (عليّ وعلى اعدائي),هل يستفيق العرب من سباتهم ويقذفون من يتحكمون في شؤونهم من عملاء, ويلتحقون بركب المقاومة وينقذون انفسهم؟.انها السبيل الوحيد للنجاة من الطوفان.