18 ديسمبر، 2024 4:55 م

طوفان الأقصى… رسالة سلام وسط أمواج الدماء!

طوفان الأقصى… رسالة سلام وسط أمواج الدماء!

يتغافل الذين لا يملكون ذرة من ضمير وإنسانية عن التاريخ الأسود للجرائم الصهيونية في فلسطين وسوريا ولبنان وبقية المناطق التي دارت فيها معارك العرب القاسية مع الصهاينة.
ويتباكى المتغافلون، في ذات الوقت، على أي خسائر تُصيب الصهاينة حينما يحاول الفلسطينيون إثبات وجودهم والدفاع عن حقوقهم الشرعية والإنسانية بالأرض والحياة!
ومن منطلق الحقوق الإنسانية والتاريخية يحاول ثُلة من الفلسطينيين إيصال صوتهم لعَالَم مليء بالتناقضات، ومن هذا المنطلق نفذت فصائل المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى” النموذجية والمفاجئة.
انطلقت عملية الطوفان بإطلاق (5000) صاروخ دفعة واحدة من قطاع غزة وبشكل مفاجئ ومباغت على الأراضي المحتلة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الذي سيخلده التاريخ ضمن أيام المقاومة العالمية الخالدة، ولقد أثبتت العملية، أيضا، أكذوبة القبة الحديدية التي يتغنى بها الصهاينة!
وأعقب الضربات الصاروخية اقتحام مئات المقاومين لمناطق (غلاف غزة) عبر اقتحامات برية وجوية وبحرية، وسيطروا
على ثلاث مدن محتلة منذ العام 1948 في عملية وصفها جيش الاحتلال بأنها لا تشبه أي مواجهات سابقة مع الفصائل الفلسطينية!
ومَن يتابع العملية ينبغي عليه الوقوف عند توقيتها الدقيق، الذي وقع فجرا وبأجواء ضبابية، وفي يوم السبت الذي يعتبر من أيام التعطيل اليهودية!
وأجبرت العملية رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو للقول: “نحن في حالة حرب، وحماس أطلقت هجوما كبيرا قاتلا ومفاجئا ضد إسرائيل”!
وقد اعترفت الصحف “الإسرائيلية” بأن ما حدث “فشل ذريع على المستويات العسكرية والاستخبارية والسياسية الإسرائيلية! وهناك فشل غير مسبوق لا يمكن وصفه وشرحه”!
ودفعت “طوفان الأقصى” وزير الأمن القومي “الإسرائيلي” إيتمار بن غفير لإعلان حالة الطوارئ المدنية في كافة الأراضي المحتلة!
ولقد تمخض عن العملية مقتل ما لا يقل 1200 “إسرائيلي” وجرح أكثر من 3000 آخرين، وأُسِر خلالها العشرات من الصهاينة، ومن بين القتلى والأسرى العديد من كبار قادة وضباط الجيش والأمن.
وقد ارتكبت قوات الاحتلال بالمقابل جرائم انتقامية بشعة بأربعة آلاف طن من المتفجرات بحق المدنيين العزل في غزة، وخلف عدوانها 1450 شهيدا، وإصابة 6049 آخرين، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال وفقا لإحصائية الصحة الفلسطينية، ونزوح نصف مليون مواطن، ورغم ذلك رأينا تجاهلا عالميا شبه تام للهجمات الصهيونية الهمجية!
لقد كشف الطوفان الفلسطيني عن الوجه الحقيقي لغالبية دول الغرب التي ناصرت “الإسرائيليين”، وخذلت الفلسطينيين في دلالة على ازدواجية معاييرهم “الإنسانية”!
إن المقاومة الفلسطينية قلبت المواجهة إلى حرب شوارع بالداخل الصهيوني في عملية أذهلت الصهاينة وأنصارهم، رغم أن الجيش “الإسرائيلي” هو العاشر بالتصنيف العالمي بحسب تقرير “يو إس نيوز” للعام 2022.
وحقيقة فإن تاريخ النضال العربي الصهيوني لم يشهد مثل عملية الطوفان، وهذا يؤكد الإصرار الفلسطيني على تحرير أرضهم المحتلة رغم تجاهل غالبية الدول لقضيتهم العادلة!
ومَن يُدقق في عملية “الطوفان” النوعية لرجال المقاومة يجزم بأن المدرسة الفلسطينية وَلاَّدَة بالرجال الذين يمتلكون العقول النادرة، والشجاعة المذهلة التي كَسَرت أسطورة جيش “إسرائيل” الذي لا يُهزم!
‏طوفان الأقصى، وفقا للمنطق العسكري، يعتبر أكبر انتكاسة وهزيمة عملية ومعنوية ونفسية “لإسرائيل” منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، وهذا هو النصر الحقيقي!
وطوفان الأقصى صرخة سلام فلسطينية للعالم الذي يتجاهل حقوقهم، ويبارك “لإسرائيل” قتلهم بحُجة أنهم من “الإرهابيين”، ويفترض بالمجتمع الدولي إعادة النظر في تغافله وتجاهله لحقوق الفلسطينيين.
لقد أثبتت ملحمة “طوفان الأقصى” أن الفلسطينيين لا يلتفتون للمُثبطين والمُتخاذلين، وهم رجال يعشقون الشهادة حُبّا بأرضهم ومقدساتهم ومقدسات المسلمين.
dr_jasemj67@