هي عليه خلف الجبوري (أم قصي) عراقية شجاعة تسكن في مدينة العلم الواقعة على ضفاف نهر دجلة في محافظة صلاح الدين , أطلق عليها العراقيين اسم طوعه تيمناً باسم السيدة الكريمة طوعه التي آوت مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين (ع) بالكوفة , عندما كان مطارد من جنود عبيد الله بن زياد , الذين كانوا يبحثون عنه من أجل اعتقاله وأخذه إلى ابن زياد ليقتله .فطوعه الكوفة هي كطوعه العلم وكلاهما قاما بفعل لم يقم به الرجال , فلا اختلاف بين جنود بن زيادة وجنود الخليفة البغدادي إلا بأساليب القتل الحديثة وطرق التعذيب القاسية .
لقد قامة أم قصي بفعل عظيم وهو إيواء عدد من الجنود الناجين من مجزرة قاعدة سبا يكر , المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من (1700) عراقي , تم إعدامهم في ساعات معدودة , بتوزيعهم على شكل مجاميع كل مجموعة اختير لها مكان للقتل , فمنهم من تم قتله على حافة نهر دجلة ورميهم بعد ذلك في النهر لتأكلهم الأسماك ومنهم قتلوا في ساحات ترابية ودفنوا بنفس المكان في مقابر جماعية . خاطرت هذه العراقية الأصيلة بحياتها وحياة أهلها والدافع هو إنقاذ هؤلاء العراقيين المساكين الناجين من وحشية جنود تنظيم داعش الإرهابي , الذين لاعهد لهم ولا ميثاق , إن أعطوك الأمان في الصباح قتلوك في المساء . وكيف وهم أقبح المخلوقات الموجودة على وجه الكرة الأرضية, قتلوا البشر وفجروا الآثار ومراقد الأنبياء والصالحين ولم يسلم من إرهابهم حتى الأطفال. كل هذه الدموية والعنف لم تمنع طوعه (أم قصي) من مد يد العون للجنود الناجين وإنقاذ أرواحهم وهذا الفعل ليس بالأمر السهل بل هو مجازفة خطرة نهايتها الموت المؤكد, إذا مآتم اكتشافها هي ومن أعانها على ذلك. وعلى الرغم من الفاجعة الأليمة , التي مرت عليها بسبب استشهاد زوجها وابنها على يد داعش الإرهابي , إلا أنها صبرت وزادتها هذه الحادثة إصرار وعزيمة على احتضان أبناءها الجنود في بيتها المتواضع معززين مكرمين . وبعد احتلال داعش لمدينة العلم سعت أم قصي جاهدة لنقل الجنود الناجين إلى محافظة كركوك حفاظاً على سلامتهم في ظل ظروف صعبه وخطرة جداً. استطاعة تأجير سيارة بالاتفاق مع السائق مقابل 300 ألف دينار عراقي لنقلهم إلى كركوك .وبمساعدة أقاربها الذين استطاعوا عمل هويات شخصية مزوره للجنود الناجين وتغيير أسمائهم ومحل سكناهم حتى لا يكتشف أمرهم من قبل تنظيم داعش . والمجازفة الأخرى التي قامة بها طوعه هي المخاطرة بحياة بنتها وبنات ابنها الشهيد واللواتي رافقها في نفس السيارة المتجهة إلى كركوك كمحاوله ذكية منها لإخفاء الجنود وحتى توحي لسيطرات داعش المنتشرة على طول الطريق بأنهم عائلة واحده وبعد مرورهم بأحد عشر سيطرة داعشية أوصلتهم طوعه إلى بر الأمان ودخلوا إلى محافظة كركوك بسلام .
في مقابل شجاعة وبطولة هذه السيدة العراقية هناك خسه ونذاله وعار مابعده عار من رجال!؟ اعتلوا منصات الشر وصرخوا قادمون يا بغداد. أين هم الآن , لقد دمروا مناطقهم وجعلوها حاضنة للإرهاب وهربوا إلى كردستان وعمان واسطنبول ينعمون بفنادق خمس نجوم وأبناء مناطقهم نازحين ينامون في خيم لا تقيهم لا من برد ولا من حر , يعشون في ظروف قاسية خصوصاً على الأطفال وكبار السن . فرق كبير جداً بين قدوم الأم العراقية طوعه إلى بغداد عاصمة كل العراقيين مرفوعة الرأس شامخة كنخيل العراق وهي حاضره في قلوب العراقيين وضمائرهم يفتخرون بشجاعتها وموقفها النبيل. وبين شيوخ وسياسيين الساحات الجبناء لهم الخزي والعار واحتقار الأبرار من العراقيين الشرفاء .