طوزخرماتو بعيدة عن العين النيابية وعن القلب الحكومي وقريبة جدا من يد البطش الارهابية يتيح لنا وصفها كبش الفداء استحوذ عليه مجرمون لايمتهنون سوى لغة الدم والقتل وفارقتهم ملامح الانسانية الا صورهم،بلدة بالكامل تقترب من الابادة الجماعية، وعملية الذبح فيها تجري بوضح النهار والعلن والقصاب لايوفر جهدا لامتطاء ذبيحته التي تغافل عنها الجميع، جرائم هذه المدينة التي يسكنها غالبية تركمانية باتت لاتتعدى أكثر من خبر يسرد بسرعة في وسائل الاعلام المحلية وسبق َ يلهث وراءه صحفي يتسلق سلم النجاح ،الفضائيات انقسمت بين غافية عن كل الجرائم البشعة و متحدث رسمي باسم من يقتل العراقيين ويفجرهم واخرى انشغلت ببرامج الاكل وتسريح الشعر والتعارف وتخفيف الوزن واخرى تقول انها تفعل ماعليها!.
ثمة واقعة لايمكن انكاره بأن هناك قتل وأرهاب منظم لاذكاء الحرب الطائفية في البلاد تشتغل عليه منظمات ماهرة في التصفية الجسدية وممولة من احزاب داخلية ودول اقليمية مع حكماء وقوفوا على التل واكتفوا بالنظر بعين المتابع والمحلل السياسي وشراء القبور لضحايا هذا القتل!، لكن لايعني ابدا أن تستمر طوزخرماتو سليبة وبعيدة عن الحماية ولايتعدى انتشار قوات الجيش فيها الا صورياً.
اصبحت جرائم الابادة والتفجيرات الدائمة في طوز خرماتو ظاهرة متسيدة اثقلتها بالدماء وصراخ النساء ونظرات عتب الايتام، في ظل اجراءات حكومية خجولة وانتقادات بيانية لاتتعدى الحبر على الورق .
نجحت المجاميع الأرهابية في تقسيم البلاد مناطقيا ، في السنوات الاولى لحملة التفخيخ والتفجرات كان ابناء البصرة على سبيل المثال يحزنون كثيرا على تفجيرات بغداد وابناء بغداد يشعرون بالخيبة والقهر على تفجيرات كركوك وديالى والعكس مطابق تماماً ، لكن تغيرت الاحوال واختلفت عن السابق واصبحت كل محافظة منشغلة باحزانها، بل وصل الامر إلى ماهو اعمق من ذلك، حتى تفكك الشعور الجماعي في المحافظة ذاتها ، فلم يعد يحزن كثيرا الذي يسكن في منطقة بغداد الجديدة على تفجيرات منطقة البياع والعكس ايضا، ارتفاع موجات العنف في المحافظات لايبرر نسيان طوزخرماتو سياسياً وحكومياً وشعبيا ً واعلامياً .
ومايثير الاستغراب أن بعض الشخصيات في الكتل السياسية تكتفي بـ”بيانات التعزية والاستنكار الجرداء ” في تفجيرات البلاد لكنهم تراهم مسودة وجهوهم على اعمال عنف تحدث في بلدان آخرى قريبة .
ينبغي الأشارة إلى أن طوزخرماتو الذبيحة الطيعة ،بحاجة إلى ضمائر سياسية وحكومية حية لاتكتفي بالاستنكار والادانة والتأفف والتقهقر وأن تركز جهدها لحماية سكان هذه المدينة الذين يقتلون بمنهجية، وأن يمنح سكان القضاء صلاحية تشكيل افواج رسمية من ابناءه لتحقيق الامن ومتابعة المجاميع الأرهابية واذا كانت حمايتها صعبة لهذا الحد فليس امر مهينا أو مستعاباً أن يلجأ العراق الى قوات دولية لحماية هذه المنطقة فقط ، ثمة حقيقة جازمة مفادها أن أرواح العراقيين ومن بينهم الطوزخورماتين ليسوا اعدادا تذكر في اخبار وكالات الانباء !