18 ديسمبر، 2024 11:59 م

طوبى لشاربي بول البعير

طوبى لشاربي بول البعير

بعد حربها العبثية في فيتنام والخسائر الكبيرة التي منيت بها سواء بالاموال او الارواح ، اهتدت امريكا الى حروب النيابة ، واول تلك الحروب المهمة كانت حرب الخليج الاولى ، فقد اطلقت يد ربيبها في بغداد على من اطاح بصنيعتها في طهران ، بعد ان نفخته حتى كاد ينفجر ، سلطان ومجد وعظمة ، فكانت حربا رابحة بالنسبة لزعماء الخليج مهما بذلوا من مال فالقاتل والمقتول في هذه الحرب من المغضوب عليهم في شرعة بني عبد الوهاب ،
  وقبل ان ينجلي غبار هذه الحرب كررت التجربة ، وهذه المرة مع الاتحاد السوفيتي ، امريكا المؤمنة الورعة المسالمة التي تخر التقوى من جنباتها بدأت تلاحظ ان السوفييت ملاحدة فاستشارت جحوش العرب ، هل يمكن للكفار ان تتواجد جيوشهم في بلاد الافغان المسلمين  ؟ يومها كان الجحوش يفترشون الارض متكئين على اسوار القواعد الامريكية في بلدانهم يتبادلون انخاب بول البعير ، لم يتأخر جوابهم كثيرا ، الجهاد ، فرحت امريكا كثيرا ، بدل الجنود الامريكان هؤلاء الجحوش وبدل الاموال الامريكية اموال الخليج . وبدأت الحرب ، وتقاطر الجحوش الى افغانستان ، عرفوا حينها بالافغان العرب ، خليط من الشباب الباحث عن ( رضى الله ) بعد ان اتخم ولي امره طاعة ورضا وخنوغ ، شرب كاسا من مشروبه السحري ( بول البعير ) وادار ظهرة للقدس وتوجه لكابل ، هناك صار بامكانه ان يسقط احدث طائرة سوفيتية بعد ان كان يعجز ان ينش ذبابة تبحث عن طعام في عفن لحيته ،
   انتهت الحرب في افغانستان وعاد الجحوش لبلدانهم ، لكن شيئا كان قد تغير فيهم ، لم تعد تطيب لهم حالة الاستكانة والجلوس في الظل وبعيدا عن الاضواء ، وبدأت دولهم تضيق بهم ، وامريكا ( التي حشمتهم ) ادارت ظهرها لهم ولم تقابل جميلهم معها الا بالاساءة ، وانتهت الحرب في الخليج وعاد بطلها الهمام ليجد نفسه خالى الوفاض الا من عنترية فارغة ، فكانت بداية انقلاب السحر على الساحر ، مراهق السياسة غاضب ويطالب بثمن عمل دفع اليه دفعا ( وان كان متحمسا له ) ، لم يملك شيئا حينها ليوظف عنترياته فيه الا الحلقة الاضعف في الحلف الذي جاء به لهرم السلطة ، ولانه ارتشف كأسا من المشروب اياه ، نوى واخبر اولي الامر بنيته ، فكان يوم عيد ساعتها في واشنطن ، تلك فرصة لاتعوض لحلب اموال هؤلاء الرعاع وفرصة لتأديب هذا المتذمر الخارج عن بيت الطاعة ،
   هذا شأن داخلي ، هو كل مانقلته له السفيرة الامريكية غلاسبي وحزمت حقابها ورحلت ، ووقع القائد الضرورة في الفخ مرة اخرى ، فكان في اليوم التالي ان اصبحت الكويت المحافظة التاسعة عشر ، وبدأت امريكا تعد العدة ، وصلت اطنان الاموال وافرغت خزائن البدو وبات بامكانهم التدخل مباشرة لاجراء عملية جراحية بسيطة للتخلص من ورقة احترقت لم تعد تأتي بالنفع ، حرب لاخسارة فيها ،على المدى القريب على الاقل ، ارادوا، حينها ، ان يعلقوا هذا الجرذ ليكون عبرة ، لكن جلالة الواهب الاكبر ابى ، فصواريخ الجرذ تنثر على رؤوسنا اهون من باقات زهور ينثرها اخرون ،
في الجانب الاخر ، وفي وقت شح فيه مشروبهم السحري ، فطن الجحوش انهم استُغلّوا ولم يكافئوا ، فارادوا الانتقام ، وكان ١١ سبتمبر ، وكان بعده الرد الامريكي ، ليس اقل من ثلاثة ملايين مقابل الثلاثة الاف امريكي  ونحن من يحدد الوقت وساحة المعركة ، وسيقت الجحوش الى كل ساحات الارض الا امريكا واسرائيل  فبات الامريكان ينقلون هؤلاء الحمقى من ساحة لاخرى ، مرة افغانستان ومرة العراق واخرى وباكستان ورابعة اليمن ووو ، الى ان نضج الامر في سوريا وتذكر العربان ( بالصدفة ) ان بشار الاسد طاغية وانه لم يطلق رصاصة صوب الجولان في الوقت الذين يحكمون هم بالعدالة والديمقراطية وخاضوا اشرس الحروب لاستعادة صنافير وتيران !
   وتم الحشد من جديد قطعان من الدواب من كل الاصناف تناست كل مافعلته امريكا وحملت سلاحها الامريكي للاطاحة ببشار ، حرب رائعة اخرى تخوضها امريكا بهذه الجحوش ، من اين بندقية تخرج الرصاصة نصر لها وفي اي صدر تستقر نصر اكبر ، وتم تسخير كل مايمكن من اموال النفط وشيوخ الفتن ووعاظ السلاطين ومفكري الغنم وكتاب المقال حسب الطلب ، فيما نحن بانتظار ساحة اخرى يختارها العم سام
فطوبى للذين تسوقهم امريكا سوق النعاج ، وطوبى للذين اضاعوا البوصلة وتاهوا عن الطريق، طوبى للمضللين والبهائم والحمقى ، طوبى لاكلي لحوم البشر ، قاطعي الرؤوس ومقطعي الاوصال واكلي القلوب والاكباد ، طوبى لشاربي بول البعير .