طوال 41 عاما من تجربة الحکم لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، ظل هذا النظام ولايزال مهووسا بالهاجس الامني والخوف من السقوط وکل مايتعلق بهذا السياق، ولايوجد هناك عام أو مرحلة من عمر هذا النظام وتجربته المريرة إلا وقد شهدنا فيها أحداثا وتطورات بهذا المعنى، والذي صار أمرا ثابتا ولاجدال بشأنه هو ولع هذا النظام بنظرية المٶامرة والاحساس بأنه دائما مستهدف من الخارج وإن کل مايحدث في داخل إيران من تحرکات أو نشاطات لاتتفق مع مفاهيمه ومنطلقاته فإنها ترتبط بالضروة بمٶامرات ومخططات ودسائس خارجية ضده!
بعد أن قام هذا النظام بقتل وتصفية أکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق من خلال مجزرة عام 1988، والذي أعقب عملية الضياء الخالد التي حرر فيها جيش التحرير الوطني الايراني مسافات شاسعة، کما قام بعد ذلك بعمليات القتل والاغتيال للرموز المعارضة للنظام في خارج إيران وفي مقدمتهم الدکتور کاظم رجوي في جنيف وبعد أن قام بعمليات القتل والتصفية المتسلسلة في أواسط التسعينيات والتي طالت الشخصيات والنخب الفنية والفکرية والسياسية وبعد سلسلة الهجمات الدموية والمخططات المشبوهة ضد سکان أشرف من أعضاء المقاومة الايرانية أيام کانوا في العراق، وبعد المخططات الارهابية بإستهداف مقرات وأماکن تجمعات المقاومة الايرانية والتي کان أهمها إستهداف التجمع السنوي العام في باريس عام 2018، والذي کشفته المخابرات الالمانية والبلجيکية وأجهضته، وبعد ماقد إرتکبه هذا النظام من جرائم بحق المنتفضين ضده وبعد دوره المشبوه في تفشي وباء کورونا في إيران، فإن هذا الهوس الجنوني للنظام لم يتوقف بل إستمر وکأنه يخاف من کل شئ ولايثق بأحد، فقد أعلن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني، أنه تم إنفاق حوالي 190 تريليون ريال أي ما يعادل 4.5 مليار دولار، على إنشاء “شبكة المعلومات الوطنية” خلال العام الماضي، وذلك بهدف السيطرة على الإنترنت!
وهدف هذا النظام بعد أن رأى بأن للأنترنت دور کبير في عملية التوعية ضده وصار الشعب يستخدمه في عملية نضاله من أجل الحرية فقد أصبح الانترنت بمثابة عدو وخصم کبير للنظام ولذلك فإنه يسعى بکل جهده من أجل تقليص الشبكة الداخلية اتصال الإيرانيين بالفضاء الإلكتروني الدولي ومواقع التواصل الخارجية والشبكة العنكبوتية العالمية. يسار الى إنه وفي نوفمبر الماضي، قطعت السلطات الإنترنت بالكامل بأمر من أجهزة المخابرات والأمن خلال قمع الاحتجاجات التي عمت كافة المحافظات الإيرانية وتمت السيطرة عليها بعد قتل 1500 متظاهر واعتقال أكثر من 10 آلاف وجرح الآلاف ولم يعلن النظام رسميا لحد الان عدد الشهداء والمعتقلين ويتهرب من ذلك، ويبدو واضحا إن النظام يتصور بأنه وبناءا على طلب مسٶولين في النظام فإن السيطرة على الانترنت سوف تسمح له أن يمسك الامور بقوة ويسيطر على الاوضاع، متناسيا بأنه وطوال أعوام حکمه کانت الاعتراضات والاحتجاجات والنضال ضده مستمرا وإنه بدون الانترنت أو مع الانترنت، فإن الرفض الشعبي والکراهية ضده ستستمر وستتواصل فالمشکلة في النظام نفسه والشعب لايريد هذا النظام!