مخطئ من يتصور بأن التناقضات والتضارب في التصريحات والمواقف المعلنة من جانب المسٶولين في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية هو مجرد لعب ومناورة من جانب هذا النظام من أجل التأثير على نتائج المفاوضات والخروج منها بنتائج مفيدة ومرضية لهم، بل وإننا لو نظرنا الى ماقد جرى في محادثات فيينا خلال جولاتها التي تم عقدها لحد الان، لوجدنا إن الولايات المتحدة الامريکية والبلدان الغربية ليست متهافتة على طهران من أجل إبرام الاتفاق النووي کما يوحي أحيانا بعض المسٶولين الايرانيين وکذلك وسائل الاعلام التابعة للنظام، ولاسيما وأن مشاعر التشاٶم من جانب النظام بهذا الصدد لاتقف عند حد تأکيد عضو مجلس الشورى محمود وند على ان الاخبار التي تصل من هناك”أي من محادثات فيينا” ليست جيدة، بل وتذهب أبعد من ذلك عندما يشير عضو اللجنة الامنية في المجلس ابوالفضل عمويي الى مقاومة الجانب الامريكي لرفع العقوبات التي وضعها الرئيس السابق دونالد ترامب، وقد يكون عضو المجلس محمود نبويان الاكثر وضوحا حين قال بانه لا يوجد هناك ما يريده النواب!
وزير الخارجية الايراني أمير عبداللهيان الذي أقر بصعوبة التوصل الى اتفاق جيد، وکذلك ماقد دعا إليه نائب رئيس مجلس الشورى عبدالرضا المصري الى مراعاة مصالح النظام وقانون العمل الاستراتيجي. جاء بعد تسريبات من جانب وفد النظام بأن الامور تسير بإتجاه جيد وإنهم قريبون من التوصل الى إتفاق، لکن ليس لم يصدر أي تأکيد أو حتى مجرد توضيح من جانب مصادر الوفود الدولية المشارکة في محادثات فيينا، بل وحتى إن النظام الايراني لم يمتلك القدرة والجرأة الکافية للتأکيد على ذلك.
الحقيقة التي لم يعد بوسع النظام الايراني التهرب منها أو التغطية عليها هو إنه في حاجة ماسة الى إبرام الاتفاق النووي لأن أوضاعه الداخلية وخيمة جدا وحتى إنها أقرب ماتکون من الانفجار، ولذلك فإنه وعلى الرغم من کل مايقوله ويشير إليه بصدد أن سياق المحادثات لايجري بالصورة التي يرغب به النظام ويتمناه لکنه ومع ذلك يواصل إجراء المحادثات ولايجرٶ على الانسحاب منها إذ أن إدارة ظهره للمحادثات والتخلي عنها يعني بأنه قد قام بسحب الزناد من أجل التحضير لإطلاق رصاصة الرحمة على رأسه.
مشکلة النظام الايراني بأنه قد جاء الهجوم الروسي على أوکرانيا ليزيد في الطين بلة ويجعل المستقبل بالنسبة للتوصل الى الاتفاق النووي أکثر ضبابية وسوداوية وحتى على کف عفريت خصوصا إذا مافشلت روسيا في تحقيق النتائج التي تسعى إليه وهو أمر وارد!