18 ديسمبر، 2024 10:21 م

طهران في عين العاصفة الامريكية

طهران في عين العاصفة الامريكية

توقف المراقبون مليا امام اعداد مسودة تشريع في مجلس الشيوخ الأميركي تضع شروطاً جديدة على الاتفاق النووي مع إيران، وتسائلوا عن ابعادها وتوقيتها ودوافعها رغم ان الادارة الامريكية لاتخفي عدائها السافر لايران وثورتها الاسلامية الا ان هذه المسودة وما تضمنته من شروط وبنود جديدة كانت محط سخرية هؤلاء المراقبين الذين رأووا فيها افلاسا سياسيا واضحا لادارة البيت الابيض علاوة على انها من وجهة نظر هؤلاء المراقبين تمثل تحركا مشبوها ومدانا ولايتفق مع جوهر الاتفاق النووي كما انه بالمحصلة مسرحية هزلية جديدة في اطار الحرب النفسية والاعلامية .
ان طهران وبحكم معرفتها للادارة الامريكية تعتبر المصادقة على هذه المسودة انتهاكا صارخا للاتفاق وخروجا عن التعهدات الدولية وهذه المصادقة ستفتح امامها خيارات عديدة للرد عليها كما اكد قائد الثورة الاسلامية والمسؤولون في طهران .
اما مسودة التشريع الجديدة فهي والحق يقال هواء في شبك كما انها لاتقل هزالة عن تصريحات ترامب الوقحة ضد ايران حيث ان هذه المسودة تتضمن تهديدات بتشديد الحصار إذا اختبرت طهران صاروخاً باليستياً قادراً على حمل رأس حربي أو منعت المفتشين النوويين من دخول أي موقع والادارة الامريكية تدرك قبل غيرها ان ايران ليست في وارد الصناعات النووية العسكرية كما انها التزمت بالاتفاق النووي ولم تمنع زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
ويأتي هذا التحرك التشريعي عقب رفض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التصديق على التزام إيران بالاتفاق المبرم مع القوى العالمية الكبرى.
وقال منتقدون للتشريع الذي صاغه عضوا المجلس الجمهوريان بوب كوركر وتوم كوتون بدعم من إدارة ترامب إنه قد يجعل الولايات المتحدة في حالة انتهاك للاتفاق الدولي إذا ما جرى إقراره كما انه سيزيد من عزلة الولايات المتحدة في ظل الرفض الاوربي للاجراءات الامريكية هذه والتي يرون فيها انها تحدث خلافا معهم سيما وانهم يرفضون اي خروج عن الاتفاق النووي مع ايران .
في هذا الوقت وضع الامام الخامنئي النقاط على الحروف عندما اكد أنّ القدراتِ الدفاعيةَ للبلاد أمرٌ غيرُ قابلٍ للتفاوض ولا يمكنُ أنْ تخضعَ للصَفَقات. وقالَ سماحته خلالَ مراسمِ تخريجِ دورةٍ من ضباطِ الجيش إنّ الاستكبارَ العالمي يَعتبرُ اقتدارَ ايران على الصعيدِ الاقليمي عاملاً مُعرقِلاً له، وهو ما دَفعَهُ لمحاربتهِ. وشددَ آيةُ الله خامنئي على أهميةِ الأمن، معتبراً تحقيقَ أيِ تقدمٍ مرهوناً به.
فايران تدرك ان واشنطن تتجه الى قضية اعادة المفاوضات النووية من اجل تمرير اجندتها ومنها التفاوض حول الصواريخ الباليستية ودور ايران في المنطقة وهي قضايا داخلية مرتبطة بالامن القومي للبلاد ولايمكن التفريط بها باي حال من الاحوال كما ان ايران تدرك ان امريكا التي انقلبت على الاتفاق ستنقلب مجددا على اي اتفاق جديد وهكذا تسير الامور باتجاهات لايمكن التكهن بنتائجها فيما لو قبلت ايران بهذا المنطق الامريكي .
طهران ترى ان امريكا غير جادة في اي اتفاق توقعه مع الاخرين فهي تجير الاتفاقيات لصالحها فقط دون ادنى اهتمام بما تفرضه تلك الاتفاقيات عليها وهاهي الاتفاقية الامنية مع العراق لم تنفذ في مواجهة داعش او في مواجهة تمرد الكرد على الدستور العراقي بل تحولت الى مجرد سوط يجلد ظهور العراقيين .
ايران تدرك السياسة الامريكية اكثر من اي بلد اخر وهي التي وصفتها بالشيطان الاكبر وهي التي تعرضت لاكثر من عدوان امريكي مباشر وغير مباشر وهي التي تعرضت للارهاب منذ بداية انتصار ثورتها وقدمت قوافل كبيرة من الشهداء والجرحى والمعوقين .
واليوم عندما تتحدث واشنطن عن اعادة التفاوض حول الاتفاق النووي انما تحاول الالتفاف حول الاتفاق وتفريغه من جوهرة واستدراج الاخرين الى هذا الفخ المقيت.
فيما تفهم طهران هذه اللعبة الامريكية الجديدة التي هي محاولة لاسترضاء كيان الاحتلال الصهيوني ومحاولة لاستحلاب دول مجلس التعاون في منطقة الخليج بمزاعم محاصرة ايران والتضييق عليها فيما تدرك واشنطن جيدا ان ايران التي انفلتت من كل اشكال الحصار السابق وانتصرت عليها ستكون اليوم اقدر على مواجهة هذه الاجراءات التي هي في سبيلها الى الفشل والخسران .