ان قبول المملكة العربية السعودية بالوساطة العراقية كان امراً مهم و عبرت من خلاله عن استعدادها لخوض حوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية للمساهمة في خفض حدة التوتر بينهما و بالمنطقة، بعد سنوات طويلة من الخلافات والصراعات التي تعود جذوره إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بعد انطلاق فجرالثورة الكبيرة الايرانية الشعبية وقيادتها الحكيمة التي غيرت مسار التاريخ السياسي في المنطقة والعالم ، و نتج عنها زوال نظام من اعتى الانظمة العميلة في المنطقة و هو نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وقد اظهرت المؤشرات في الاشهر الماضية حول إمكانية قيام علاقات طبيعية بين الطرفين وحل الخلافات الثنائية و بلاشك انها بدفع التحول الطارئ في سياسة ادارة بايدن الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في تقليل تواجدها العسكري، وخاصة السعودية التي ضعفت نتجية ابتعاد قوة كانت تعتمد عليها و إلى إعادة النظر في مواقفها على مستوى سياستها الخارجية، إذ أصبح تركيز الإدارة الأمريكية الجديدة بعيدًا عنها ، ولم يعد من أولوياتها بشكل أساسي العلاقات مع الرياض انما ثانوية اجبر قيادتها للجلوس مع الجانب الايراني الذي كان دائما من المرحبين والساعين الى مثل هذه العلاقات بين دول المنطقة وتعمل لتوطيدها ، و لأول مرة منذ 5 سنوات بعد قطع العلاقات لمحاولة اذابة الجليد بينهما يجتمع المسؤولين وفي عدة لقاءات وبمستويات ادنى مختلفة لمناقشة النقاط الخلافية في العلاقة و شهدت العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة نوعًا من الانفراج، مع تبادل الرسائل الإيجابية بين المسؤولين واصبح الطريق اسهل و كل طرف على قناعة تامة أن فرص التعاون أفضل بكثير وأقل تكلفة من استمرار الصراع، ولن يستطيع أي طرف حسم الصراع بشكل كامل لصالحه،، وهو ما قد يؤشر إلى بدء مرحلة جديدة وقد صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال حوار تليفزيوني، أن “إيران دولة جارة”، وأنه لا يريد أن يكون وضع إيران” صعب “، على العكس يتمنى أن تكون إيران مزدهرة وتنمو، و”يكون لدينا مصالح فيها ولديهم مصالح في السعودية،لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار،” ان هذا التطور يشير إلى اهتمام البلدين ببدء حقبة جديدة من التفاعل والتعاون ، والجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة في السياق ذاته صرح ، ان إيران ترحب بتغيير السعودية لنبرتها من خلال الآراء البناءة والنهج المبني على الحوار.
يمكن لإيران والسعودية كدولتين مهمتين في المنطقة والعالم الإسلامي، الدخول في فصل جديد من التفاعل والتعاون لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية الإقليمية وتجاوز الخلافات وهي لصالح المنطقة اساساً والعالم الاسلامي لمكانت البلدين الدينية عند المسلمين ان هذا التطور في العلاقات بينهما ، يأتي في سياق أوسع من المتغيرات التي بدأت تطراء على المنطقة من تغيرات سريعة وعلى السياسة السعودية منذ انتهاء رئاسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مطلع العام وتقدمت بخطوات تجاه المصالحة مع دولة قطر بعد قطيعة سنوات، والانفتاح أكثر على التعاون مع روسيا والصين، في ظل تحسن واضح في العلاقات مع أنقرة، وموقف أقل تشددا مع سورية،و إقامة علاقات تعاون مع العراق، بالإضافة إلى فتح قنوات التواصل والحوار مع الجمهورية الاسلامية وتقليل الحملات الإعلامية المتبادلة، وتخفيض مستوى العنف مرحليا، واحتمالات ايجاد تفاهمات متبادلة مع ايران في الملف اليمني، والسعودي في الملف السوري،وكان لمجيء إدارة جديدة براسة بايدن التي وجهت انتقادات عدة للمملكة في ملفات مختلفة واهمها حقوق الإنسان ولعل قضية جمال الخاشقجي في مقدمتها وحريات الراي والحرب الشرسة على اليمن التي اجبرت اليمنيين على تنفيذ هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ ضد منشآت نفطية لشركة آرامكو السعودية وإلحاق ضرر بالغ بها، أدى إلى خفض صادرات السعودية النفطية للنصف تؤكد التطور الحاصل في دفاع اليمنيين عن بلدهم كلما مر الزمن ويعني ان ذلك ليس من مصلحة الرياض والانتهاء منها للتفرغ لمشاريع تنموية تكفل الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على الإيرادات النفطية، إلى اقتصاد متنوع ينسجم مع رؤية 2030، ،وما يتعلق بتخفيض مستوى التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الامريكية وبعض بلدان العالم الغربي التي تمثلت في إلغاء بعض صفقات التسليح وسحب منظومات الدفاع الجوي الأمريكية وغير ذلك وتقليل الحملات الإعلامية المتبادلة، وتخفيض مستوى العنف مرحليا، واحتمالات ايجاد تفاهمات متبادلة مع ايران في الملف اليمني، والسعودي في الملف السوري، مع العلم أن إيران ليس لديها ما يدفعها لتقديم اي تنازلات و نجحت في سياستها وطهران تدفع حالياً في الاتجاه للتمكن من عودة الولايات المتحدة الامريكية دون شروط للتفاق النووي و إحيائه ورفع العقوبات الصارمة التي فرضتها عليها إدارة المهبول ترمب السابقة وتسببت في عزلها عن النظام المالي العالمي. وبالتالي فإن إعادة إحياء الاتفاق تعتبر من أولويات الإدارة الايرانية الجديدة من دون ضغوطات او المس بمصالحها للتمكن من انعاش الاقتصاد الإيراني الذي يمر بمرحلة جديدة ولكن ليست بالشدة التي تتصورها واشنطن او الاعلام الغربي وخاصة بعد التقارب الذي بدء يحصل في المنطقة وانضمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية رسمياً لمنظمة شنغهاي للتعاون في 10 سبتمبر 2021 في اجتماع القمة الحادية والعشرين للمنظمة الذي عقد في العاصمة الطاجيكية دوشنبه على اعتبارها دولة كاملة العضوية والتي سوف تساهم لا محال في تقليل الحظر عليها ومن ثم زواله و يعزز علاقات ايران الاقتصادية مع ثلاثة مليارات انسان في دول المنظمة ، الأمر الذي سيساهم في توسيع وحل المشاكل الاقتصادية للبلاد .