تقول لكم ايران : ” لن نسمح لواشنطن ان تبقى في العراق بعد تحرير الموصل ” ثم تطرح عليكم سؤال ” منذ متى كان القرار بأيدكم ؟”. وقبل أيام أخبرتكم أنقرة بانها حامية لحمى السنة في العراق ، وفاضت واستفاضت وهو تحذر من الاقتراب من قواتها المتواجدة في العراق ، في الأشهرالماضية كان نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي مشغولا بالحرب على حيدر العبادي وتأديبه، بعد أن ارتكب خطيئة الجلوس على كرسي رئاسة الوزراء ، فخامته يصر هذه الايام ان رئاسته للوزراء خلال الثماني سنوات الماضية، فرضت عليه، لكنه والكلام ” لفخامته “، لا يمانع في العودة ثالثة لو ان الشعب اراد ذلك.
تمنيت أن يقرأ جميع الساسة العراقيين مذكرات اثنين ممن صنعا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول فسوف يتبين لهم بوضوح معنى ان يساهم السياسي في كتابة صفحات ناصعة من تاريخ بلاده التاريخ، فقد كان لدى الرجلين الفهم الحقيقي لمعنى السياسة والشعور الوطني، والسعي لإنجاز عمل تاريخي وطريقة الولوج إلى هموم الناس.
وللرجلين منذ ولادتهما موهبة التأليف وقد تميز تشرشل بأسلوب ماهر في الكتابة جعله يخطف جائزة نوبل، وفي لحظة من المرح أسّر إلى أحد الشبان بالقول “نحن جميعاً ديدان” ليلتفت إلى إحدى السيدات التي اغتاظت وقلقت مما سمعت ليقول لها “لكن أعتقد بأني دودة براقة”.
ولم يقل تشرشل يوما ان فترة حكمه هي الأنجح والأفضل مثلما اخبرنا ابراهيم الجعفري ، الذي اجتاحت البلاد في عهده اخطر موجة عنف طائفي، طبعا ” الفيلسوف ” لم يستدع للمحكمة ولم يتجرأ احد أن يسأله حتى هذه اللحظة عن أسباب القتل على الهوية التي انتشرت في عهده .
أخطاء كثيرة ارتكبها مسؤولون سابقون وحاليون ولن نسمع أن القضاء تدخل وطالب بمحاسبتهم، بل العكس نراهم مصرين على أنهم أصحاب التغيير، وأنهم الذين أنقذوا الناس من مخالب صدام وعليه يحق لهم أن يسرقوا من المواطن حريته وكرامته بعد أن سرقوا منه أمنه وحاضره ومستقبله وثرواته.
سأعود ثانية الى ونستون تشرشل الذي قال ذات يوم “ان الديمقراطية هي افضل الأنظمة السيئة لكن عندما تسوء يكون سوؤها فظيعا”، وسوء الديمقراطية هو الذي جعل تشرشل يحترم الإعلام حتى حين وجه الأخير سهام النقد اليه ودفعه إلى ان يتقاعد، يذكر المؤرخ البريطاني جيفري وبست احد ابرز كتاب سيرة رئيس الوزراء البريطاني السابق، ان الرجل حظي بنصيب كبير من المقالات والتقارير التي هاجمته، ويتساءل المؤرخ ما الذي يستطيع السياسيون الآخرون إضافته إلى سجل تاريخ حياتهم اكثر من خدمة وطنهم خلال سنوات حرب ضروس؟ واي رجل آخر غير تشرشل حين يواجه عاصفة إعلامية شرسة يتقبل الامر ويذهب ليجلس في بيته ، ليكتب مذكراته.
ازدهرت الشعوب والامم بقادة اصروا على إشاعة روح العدالة وبث الأمل في النفوس، بينما غرقنا نحن مع مسؤولين لا يتوقفون لحظة واحدة عن تذكيرنا بانهم ليسوا طلاب سلطة، لكنهم لايمانعون .
يا سادة لقد دفعنا ولا نزال ندفع أثماناً باهظة بسبب عشق فخامته للكرسي .
نقلا عن صفحته الشخصية ـ فيس بوك