لم تتغنج عهرا ولا تمانع عفافا، كأنها بالمثل العراقي”هدني لأصيح عليك والزمني لا طيح” يروى ان هنالك فتاة جميلة مغرومة سرا بأحد شباب قريتها دون إجهار اَي الطرفين، وفي يوم ممطر كانت تعود من مزرعتها وهي تسحب قدميها بوحل الطريق كان الشاب التقاها دون موعد، وحين هوت حاول الإمساك بها فصرخت “هدّني لأصيح عليك” اَي اتركني كي لا املأ الدنيا صراخا بسبب قربك مني .. وبعد ان تركها الشاب خائفا من الفضيحة التفتت اليه “الّزمني لا طيح” اَي اسندني لكي لا أقع.
– انها الحيرة يا كرام.
منذ ان كان السيد الخميني عام ١٩٧٩ مقيما في الضاحية الفرنسية “نوفيل لوشاتو” يحرسه عملاء CIA و DGSE وهو يتابع الانتفاضة الشعبية في ايران ضد الشاه، ويخطط لمشروعه في ولاية الفقيه، كان النهم السلطوي يمتد في طموحاته بأي ثمن من الاثمان لاحياء الامبراطورية الفارسية تحت سقف ثيوقراطي يستمد أفكاره من نظرية المحقق الكركي العاملي الذي قدم الى أصفهان قبل اكتر من خمسمائة سنة بصحبة الشاه اسماعيل الصفوي لتنظيم اعمال الحوزة الشيعية هناك، وحين ضاق البلاط ذرعا بتدخلاته في شؤون الدولة، غادرها الى النجف الأشرف، وبعد وفاة الشاه اسماعيل الصفوي وتولي ولده الشاه طهماسب بن اسماعيل الصفوي وحاجته اليه بسبب الوهن الذي عّم الادارة آنذاك … ارجعه الى أصفهان بصفة شيخ الاسلام او “نائب الامام” وفقا لنظريته.
يبدو ان الخميني كان عاشقا لتلك النظرية حتى اجتاز نظمها الدينية ليمتد في قيادة الدولة وإعلان شعار تصدير الثورة .. ومنذ ان حط رحاله في طهران على ظهر طائرة البوينغ 747 التابعة ل Air France ، حتى ندد بخصمه اللدود قائلا:
“الشاه دمّر كل شئ، ثقافتنا وجامعاتنا والاقتصاد والزراعة، سنهدم النظام الذي اقامه”.
ولكن امر اخر كان يشغل بال الخميني وهو امر الجيش ..
والسؤال الافتراضي الذي يمكن قراءته في أفكاره. ان الجيش الايراني لم يتصدى للجماهير الغاضبة وهو الجيش المنعّم بعطايا وامتيازات وهبات الشاه، ويبدو فكرة الجيش الوطني مصدر ريبة له .. وبذلك كانت فكرة الجيش الرديف “الحرس الثوري” التي أسس لها في ايران صارت عقيدة ولائية تم تنفيذها من قبل القادة الخمينويين أينما حلّوا كما في لبنان والعراق واليمن.
هنالك امر اخر وضع ضوابطه الصارمة بداية فترة حكمه وهو ان لايحق لاي من القيادات الشيعية السياسية والدينية سواء في طهران او خارجها من التفاوض او ارساء دعائم القيادة الا ان تمر عبر بوابته، ويمكن ان نأخذ السيد مهدي الحكيم الذي شكل ثنائي المعارضة مع السيد سعد صالح جبر بلقاء المنظمات الدولية لشرح مظلومية الشعب العراقي، وبذلك أشر السيد الخميني على السيد مهدي الحكيم اشارة حمراء حتى بعد اغتياله من قبل المخابرات العراقية في الخرطوم لم يجرأ احدا بنقل جثمانه وهو راقد هناك بسلام، وعائلة الحكيم لم تجرؤ حتى الان من نقل رفاته للنجف خوفا من مخالفة اوامر الخميني حتى في غيابه … ويمكننا القول ان السيد مهدي الحكيم شخصية وطنية مفكرة أرست دعائم المعارضة العراقية في الخارج مع السيد سعد صالح جبر لهما الرحمة والغفران.
التطرق لذلك الامر وددت الإشارة الى ان الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة في العراق لم يقرأوا افكار الخميني وما بعده على خطاه السيد الخامنئي ان جميع الاتصالات والمحادثات مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة الامريكية والدول الأوربية تمر عبر مكتب الوليّ الفقيه حصرا لكل الحركات الشيعية في المنطقة، والجميع هنا في العراق يغردون خارج سرب الواقعية الخمينية، حين اعلان التوسط بين ايران وأمريكا…
انه امر مضحك يا سادة يا كرام ان خطواتكم بالتوسط اما غباءا مفرط او عدم قراءة الأفكار الخمينوية وأنتم جنود في صفوفها.
وها هو تصريح وزير اطلاعات الايرانية محمود علوي:
“المفاوضات بين إيران وأمريكا ستتم إذا أعطى المرشد الأعلى علي خامنئي الإذن بذلك”، مستدركا بالقول إن “إيران لا تتفاوض تحت ضغوط العقوبات”.
لننتظر قدرة الصبر الامريكي امام دلع الغنج الايراني.