22 ديسمبر، 2024 7:37 م

طموح الإقليم يتوسد الجرح العراقي

طموح الإقليم يتوسد الجرح العراقي

لقد عرف العراق بتعدد طوائفه، وقومياته، واديانه، ولغاته، ولهجاته، وتباينت أجواؤه وتضاريسه من منطقة لأخرى، وهذا مازاده رونقاً وجمالاً، وقد تعايش أبناؤه على مر السنين، ولم يحدث يوماً ان اعلنت فئة من الفئات او طائفة من الطوائف انها لاتتشرف بالعراق، او انها تتمنى ان تبني لها وطناً غير هذا الوطن.
في الوقت الذي يقاتل فيه أبناء الوسط والجنوب من اجل استعادة الأجزاء التي نهشها داعش من جسد العراق، وصادرها لنفسه، يسير الاكراد في الظل، للوصول إلى الاستقلال وتحقيق هدف قد اضمروه في أنفسهم منذ زمن بعيد وتكوين دولة خاصة بهم على حساب العراق، غير آبهين لوحدة البلاد التي ضمتهم واحتوتهم على مر السنين. لقد صور الساسة الاكراد للعالم انهم مضطهدون، ومهمشون، ولم ينالوا حقوقهم الى اليوم، وان بقائهم ضمن دولة اسمها العراق يعني استمرار ضياع هذه الحقوق، وهذا أمر مغلوط وكاذب، ذلك لأنهم ورغم ماعانوه من قمع وتشريد ابان حكم الطاغية، حالهم كحال أي مكون اخر نال حصته من القمع إلا انهم كانوا يتمتعون بحكم ذاتي منذ عقود، وحتى بعد العام 2003 صار الإقليم أكثر استقلالية، يوماً بعد يوم، حيث اخذت عجلة الاقتصاد بالتحرك وسار الإقليم نحو التقدم، والتطور، بسبب موقعه الاستراتيجي وطبيعة ارضه السياحية وماتحتويه من ثروات، وهذا امر مستحسن ومفرح للجميع، لكن مع مرور الوقت اخذت حكومة البارزاني تنتهج اساليب مستهجنة في طريقة التعامل مع العراقيين من باقي المحافظات، حيث أصبح لايدخل إلى الإقليم عراقي غير كردي إلا بكفالة احد الاكراد، بالاضافة الى انفرادها بعدة قرارات فردية وغير دستورية، ومن دون تنسيق مع المركز ففي قطاع النفط بدأت حكومة الإقليم تتعاقد مع شركات أجنبية دون الرجوع الى بغداد، كذلك المطارات، والمنافذ الحدودية، اخضعتها لسلطتها وصادرت وارداتها، استغلال قوات البيشمركة التابعة للاقليم للوضع خلال حرب داعش وسيطرتها على محافظة كركوك، وبعض المناطق الأخرى خارج حدود الإقليم، وعدم الإنسحاب منها بهدف توسيع النفوذ القومي للكرد، والاستيلاء على ابار النفط فيها، بالإضافة الى الكثير من الامور الاخرى التي عقدت من الوضع كالعلاقة مع إسرائيل، وطلب دعمها في موضوع الاستفتاء الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، وفجر نيران الغضب لدى العراقيين بكافة طبقاتهم والوانهم، حيث صدرت عدة بيانات خارجية، وداخلية، تدعو القادة الأكراد للتراجع عن الاستفتاء، كالامم المتحدة، والجامعة العربية، وبعض دول الجوار، ورئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، ورئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم، ورئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري، وبعض القيادات السياسية الاخرى، لكن دون جدوى، الأمر الذي جعل الحكومة الاتحادية تطلق حزمة من القرارات الدستورية، والقانونية، كاقامة منطقة حظر جوي فوق أجواء الإقليم، وقطع المنافذ الحدودية والمعابر بالتعاون مع تركيا وايران الرافضتين بدورهما مشروع تقسيم العراق.
إن مكتسبات إقليم كردستان العراق السياسية، والاقتصادية، والأمنية، تكاد تصبح في مهب الريح بعد الخطوة الغير مدروسة التي اقدم عليها رئيسه مسعود بارزاني، حيث عرض استقرار الإقليم الى التدهور، ووضع مبررات لدول خارجية كي تتدخل بشؤون البلاد، هذا ما أشارت اليه مرجعية النجف في خطبة الجمعة الماضية بعد الاستفتاء.