23 ديسمبر، 2024 8:41 ص

طلبتنا بين مشاكل القبول المركزي وهموم ما بعد التخرج

طلبتنا بين مشاكل القبول المركزي وهموم ما بعد التخرج

بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد وبعد معاناة طويلة في مرحلة الإعدادية ولا سيما    السادس الإعدادي بفروعه كافة  تبدأ رحلة أخرى بعد إعلان نتائج القبول المركزي حيث  يحدد كل طالب اختياره الذي يتوقف  على معدله النهائي الذي حققه في الامتحان الوزاري     وبكل تأكيد هذا المعدل او  الدرجات التي حصل عليها يعتقد البعض انها عكس المتوقع وبخلاف رغبته وعائلته التي قدمت الكثير خلال سنوات دراسته من اجل تحقيق حلمهم بمستقبل يليق وما خطط أليه .في السابق كانت الجامعات الحكومية قادرة على استيعاب الطلبة رغم قلتها وتمركزها في بغداد وعدد قليل من المحافظات وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي  ويتخرج ألاف الطلبة ليجدوا ما ينتظرهم من تعيين مركزي في وزارات الدولة وكل حسب اختصاصه  وهذا  ما يحفزهم على التخرج وتحقيق  أحلامهم وأهدافهم وذويهم  وتتويج جهدهم بوظيفة تتناسب وطموحهم من خلالها يخدمون الوطن بمجال عملهم  وتوفر لهم مورد مالي شهري .مع مرور الزمن ازدادت الجامعات الحكومية  في اغلب المحافظات لتناسب أعداد الطلبة المتزايد  ومع تزايد أعداد الطلبة  تم افتتاح عدد من الجامعات الأهلية  بشكل ملحوظ  في السنوات الماضية  ومهما اختلفت  التسميات هذه الجامعات وتعددت الأقسام  واختلفت أجور الدراسة  فإنها تبقى  أحدى الحلول التي تنقذ الطالب من عدم القبول بالكلية التي يرغبها في الجامعات الحكومية بسبب  قلة المعدل او عدم تنسيق في استمارة القبول المركزي أو رغبة عائلته  في دخوله كلية حسب رغبتهم  رغم ارتفاع أجور الدراسة  وخصوصا في الكليات الطبية ( طب الأسنان  والصيدلة  )

وكذلك (كلية التمريض والمعاهد الطبية ) في الدراسة المسائية الحكومية  لأنها توفر لهم فرصة للتعيين والعمل بعد التخرج وهذا ما يطمح اليه الطالب بعد تخرجه .لم يتوقف الأمر عند الدراسة الصباحية في الجامعات فقط  بل  أصبح الأمر أكثر سهولة من خلال افتتاح الدراسة المسائية في اغلب الجامعات وهذه الدراسة فتحت ايضا مجال كبير للطلبة في اختيار ما يليق بهم مقابل اجور  قد  تكون  مناسبة مقارنة بالجامعات الاهلية .ليس من الصعب  على أي  طالب الدراسة في اي جامعة أهلية اذا تعذر الحصول على درجات تؤهله لدخول كلية  يطمح بها  لينال الشهادة الجامعية  حسب رغبته وهذا بالحقيقة  قد لا يحقق طموحه  وطموح عائلته بعد سنوات من الدراسة والاجتهاد وخصوصا بعد اجتياح ظاهرة الدروس الخصوصية وصرف ملايين الدنانير وهذه الدروس الخصوصية وانتشارها بشكل كبير وعدم  الحد منها  لها تأثيرها مباشر على مستوى التدريس في مدارسنا  , وهذا يولد فجوة كبيرة بين الطلبة كل حسب مستواه المعيشي مما تضطر  بعض العوائل  إلى الاقتراض من اجل سد مبالغ الدروس الخصوصية وغيرها من المصرفات لأبنائها .بالحقيقة تكاد تكون مصرفات الطالب خلال عام دراسي في السنة الأخيرة بالإعدادية وبالأخص الفرع العلمي منها بالذات مكلفة جدا ولكنها غير مكلفة  مقارنة الجامعات  الأهلية  وخصوصا طب الاسنان والصيدلة والهندسية  التي تتفاوت  اجور الدراسة بها حسب الأقسام والجامعة   , من جهة اخرى  قامت وزارة التعليم العالي بفتح دراسة موازية إضافة الى الدراسة المسائية وهذا من شانه يساهم في قبول عدد كبير من الطلبة  الذين لديهم الرغبة بالدراسة في الكليات والأقسام التي يرغبون بها مقابل اجور حددتها الوزارة  وبمعدل اقل من الدراسة الصباحية وهذه الخطوة بكل تاكيد جعلت الكثير من الطلبة الدراسة يسجلون  في الجامعات الحكومية لأسباب عديدة منها توفير مبالغ كبيرة مقارنة بالجامعات الاهلية وكذلك انها معترف بها وكذلك توفر الأقسام الداخلية لطلاب المحافظات .ان اعداد المتخرجين من الجامعات والمعاهد  الحكومية في ازدياد  خصوصا بعد افتتاح الكثير من الجامعات الاهلية وبكل تاكيد ان طموح كل طالب متخرج ان ينال فرصة للتعيين والعمل في دوائر الدولة او القطاع الخاص , ولكن مقارنة بإعداد المتخرجين  ان فرص العمل قليلة جدا اذا ما استثنينا  منها وزارة الصحة والتربية  التي هي بحاجة الى كوادر على ملاكها لتقديم الخدمة للمواطنين من خلالها وهذا ما جعل اغلب الطلبة وخصوصا الفرع العلمي يتنافسون على القبول في احدى الكليات الطبية (الطب وطب الاسنان والصيدلة)  وكذلك كلية التمريض  والمعاهد الطبية هذا الامر جعل من باقي الكليات وأقسامها بلا جدوى والطالب المتخرج منها عليه ان ينتظر طويلا  للحصول على فرصة عمل في احدى الوزارات اذا كان هناك درجة وظيفية شاغرة ووساطة  لقبوله .في ثمانينات القرن المنصرم كان في العراق ما يقارب مليوني من الأشقاء المصريين للعمل  دفعتهم ظروف الحياة للهجرة  لتوفر فرص عمل كثيرة , وكان اغلب اشقاؤنا المصريين من حملة الشهادات في حينها  لا نصدق انهم خريجين  ولكن مع مرور الزمن اكتشفنا مدى صحة ادعائهم  بعدما اصبح حال اغلب الخريجين بلا عمل او وظيفة  مما جعل الكثير منهم العمل بمهن وحرف بعيدة  كل البعد عن شهادته واختصاصه  من اجل لقمة العيش . ان ازمة  البطالة التي يعاني منها الخريجين مستمرة ولا توجد حلول تلوح بالأفق  وتزداد عام بعد اخر ولا يوجد هناك  تخطيط لتجاوزها خصوصا ان القطاع الخاص غير قادر على استيعابهم  بعد زيادة  الاستيراد بشكل واضح وقلة التصدير باستثناء النفط وهذا الامر ساهم بشكل كبير بانكماش فرص العمل وبكل تاكيد كلما قلت فرص العمل كلما ترتبت عليها أمور اخرى احدها  اختيار الهجرة .في كل عام يتخرج الاف من الطلبة من كافة الجامعات العراقية الحكومية والأهلية  لابد من معرفة مصير هؤلاء الخريجين  فليس من المعقول بعد عناء وجهد سنوات الدراسة يكون مصيرهم الانتظار في منازلهم بدون فرصة  وتبقى شهادتهم معلقة على الجدران  .