بدا المشهد السياسي العراقي بالغ التعقيد في ظل المتغيرات الداخلية والاقليمية ، ففي الوقت الذي عادت به مظاهرات البصرة تطفو على واجهة الاحداث مجدداً تعصف رياح التغيير هلى المشهد عموماً ، إذ ان الخلافات لا تهدا لاستكمال الكابينة الوزارية ، الى جانب الخطر المحدق بمدينة الموصل واحتمالية عودة الدواعش اليها ،اذ ان التقاطعات بين الكتل على مرشحي وزارتي الداخلية والدفاع مازالت تظهر للعلن ، وعلى الرغم من الجهود التي يقوم بها عبدالمهدي لتقريب وجهات النظر بين الكتل السياسية وتقليل الازمة لتمرير الحقائب الوزارية المتبقية ، الا ان بعض السياسيين يعتبرون هذه التحركات ما هي الا خطوات بارده وغير حاسمه وحازمة ، ليبقى المشهد السياسي عائماً فوق بركة من الركود .
على الرغم من هذا الركود الا ان مجلس النواب استطاع من تمرير وزيرين جديدين في حكومة عبد المهدي ، ولكن استمرار الانقسامات السياسية امسى عائقاً امام محاولاته لاكمال كابينته الوزارية ، فظلت حقيبتي الدفاع والداخلية شاغرة وحالت الخلافات الشديدة بين كتلك سائرون وبين البناء دون استكمال تشكيل الحكومة التي تضم ٢٢ وزيراً ، ياتي هذا كله في ظل التهديدات التي اطلقها مقتدى الصدر بقلب الطاولة على السياسين في حال لم يتم الانتهاء من التصويت على منصبي الداخلية والدفاع ، وخصوصاً الداخلية الذي حمل صراعاً بين القوى السياسية وتمسك البناء بمرشحهم الفياض في حين قوبل بالرفض من قبل سائرون الامر الذي جعل الصراع يدوم اكثر .
تعقيدات المشهد السياسي والمتمثلة بعدم استكمال الكابينة الوزارية بعد تسعة اشهر على الانتخابات انعكست بالسلب على عموم المشهد ، من خلال استمرار المظاهرات في بغداد والبصرة المطالبة بتحقيق المساواة وتقديم الخدمات ومحاربة الفساد الذي يضرب المؤسسات الحكومية كافة ، حيث ان العراق في مقدمة دول الشرق الاوسط بنسبة بطالة ٥٩٪ من حجم قوة العمل وهذا ما ينعكس سلباً على الواقع الاجتماعي في البلاد كما ان عودة داعش الى المناطق الرخوة في بعض المدن العراقية ادخل البلاد في آتون ازمة جديدة وذلك بسبب تردي الاوضاع السياسية التي تعيشها البلاد والتي لا تتحمل المزيد من التعقيد والمماطلة في ظل القلق الحكومي من احتمالية عودة العصابات الارهابية بعد انسحاب القرات الامريكية من سوريا ، حيث تؤكد تقارير الامم المتحدة والتحالف الدولي ان العراق يمثل ارض خصبة لعصابات الداعش والتي لا يزال عدد كبير من افراده يتحركون بحرية ، حيث تؤكد هذه التقارير ان مابين ٢٠-٣٠ الف من مسلحي تنظيم داعش لا يزالون في العراق وسوريا موزعين بالتساوي بين البلدين ، وعلى الرغم من خسارة هذا التنظيم الارهابي ، الا ان علامات رجوعه ما زالت واضحة خصوصاً في الموصل الحاضنه الاصلية له ، ووسط كل هذا التخبط السياسي والاختجاجات في بعض المدن العراقية واحتمالات عودة داعش الى الموصل يبقى الوضع عموماً في البلاد يعيش حالة الدوران ولا يمكن حل رموز الطلاسم .