23 ديسمبر، 2024 8:09 ص

طفيلية قطاع البناء .. هل من معالجات ؟

طفيلية قطاع البناء .. هل من معالجات ؟

هناك مشكلة تكاد تكون ملازمة لسوق العمل في العراق منذ عقود ، فيما يخص عمال الانشاءآت والبناء في العراق والأمية الطاغية على الشريحة الواسعة التي تمثلها على الرغم من وجود قاعدة تدريب تقنية ومهنية لا بأس بها ، تتمثل في المديرية العامة للتعليم المهني التابعة لوزارة التربية، هيئة التعليم التقني، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية !
وأجزم بأن أرباب العمل من مهندسين ومقاولين ومدراء المشاريع في شركات القطاعين الخاص والحكومي يدركون ذلك جيدا .
أما المواطن الذي يتورط بترميم بيته أو(يبلش) ببناء دار له سواء اواطيء الكلفة أو الدبل فاليوم لابد له أن يصيح الويل .. الويل .. حينما يلمس مدى الامية والطفيلية التي تحيط بالغالبية العظمى من هذه الشريحة وتدني مستواهم المهني والثقافي ، ناهيك عن فقدان المصداقية والاتقان ! عدا قلة نادرة خيرة لا يمكن الحصول على خدماتهم نظرا للحجز المسبق كونهم من النوادر ..
اين الخلل اذن ؟ والعراق مقبل على حملة اعمار واسعة في قطاع البناء والانشاءآت على المستويين العام والخاص ، ليس في بغداد فحسب بل في كل المحافظات .. وكيف السبيل للنهوض بهذا القطاع الحيوي وبالتالي للنهوض بالمشروع العراقي في مجال الاعمار في العراق؟  حالنا حال الشعوب الاخرى التي تحاول أن تتلمس مستقبلها لتأمين أبسط متطلبات العيش وتحقيق حلمها المتواضع في توفير السكن الملائم . 
بلغة الأرقام هناك 250 مدرسة مهنية توفّر التدريب والمعدات للمدارس الإعدادية ، تقوم بادارة تدريب حوالي 25,000 طالب سنوياً. وتشكل أكثر من 95% من نسبة حجم التدريب المهني والتقني في العراق فيما تتولى هيئة التعليم التقني التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي مسؤولية التعليم التقني على المستوى الجامعي .
وحسب تقرير نشرته منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة في العراق على موقعها عن التدريب التقني والمهني في العراق مؤخرا ذكر بأن مديرية التأهيل والتدريب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تستعين بـ 16 مركزاً للمهارات لغرض التدريب خارج إطار التعليم النظامي الذي تتبعه وزارة التربية .
ولكن واقع التدريب على الأرض غير ملموس في قطاع الانشاء والاعمار !!! وكأن هذه المؤسسات بعيدة عن الواقع وربما تعيش البيروقراطية أوتعتمد الاساليب والانظمة ودراسات الجدوى القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب وكأنها (تخوط بجانب الاستكان ) على رأي المثل العراقي الشعبي … لماذا ؟
هناك مفارقة عجيبة بين الواقع والطموح لا سيما في ظل وجود بطالة واسعة بين الشباب في  سوق العمل مقابل  قلة عرض لاصحاب المهن والمهارات ، الأمر الذي أدى الى ارتفاع جنوني باجور العاملين في هذا القطاع مقارنة بالدول المجاورة على الرغم من الأمراض المزمنة التي يعانون منها كما اسلفنا ، فهل حاولت ادارات هذه المؤسسات التدريبية المهنية والتقنية ، تنظيم دراسات ومناهج ودورات تدريبية للنهوض بهذا القطاع الحيوي مثلا ؟ وبالأخص المهن التالية المطلوبة بشكل كبير ( بناء ،  بناء بياض ، لباخ  ، مطبق كاشي وفرفوري ، حداد تسليح ، حداد ابواب وشبابيك ، نجار قوالب ، نجار ابواب خشبية ، نجار ديكور داخلي ، مطبق مرمر وحجر ، فني شبكات مياه ، فني شبكات مجاري.. الخ ) ..  قطعا لا !
على المستوى التدريبي التقني والفني العام ، فقد شخصت منظمة اليونسكو في العراق أهم المعوقات التي تعاني منها البيئة الحالية للتعليم المهني والتقني بالنقط التالية :
–         انعدام التنظيم وغياب التنسيق بين إدارات الأنظمة الفرعية.
–         الافتقار لإطار مؤسساتي لتنظيم وتكامل وضمان نجاح المشاريع والبرامج التدريبية.
–          مركزية اتخاذ القرار في نظام التعليم المهني.
–          ضعف القدرات الإدارية على المستوى المدرسي.
ينبغي ايضا الاستفادة القصوى من برنامج التعليم والتدريب المهني والتقني، الذي يتم تنفيذه بصورة مشتركة بين منظمة اليونسكو، منظمة العمل الدولية (ILO)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-HABITAT) الذي يهدف لتوفير الدعم للجهود المبذولة في سبيل إعادة تأهيل وتحديث قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني في العراق وإعادة توجيه وتطوير النظام بحيث يعمل على إعداد الشباب بصورة فعالة للانخراط في العمل الوظيفي أو التوظيف الذاتي في قطاعات الصناعة والإنشاءات والخدمات.
أما معالجة امية وجشع وطفيلية قطاع البناء في العراق برأينا ، تكمن باعادة النظر في خطط التدريب للمؤسسات المعنية وذلك بضرورة النزول الى سوق العمل  ودراسة الواقع عن كثب وبالتالي العمل على وضع المناهج التدريبية الجديدة والجادة لواقع الحاجة الفعلية للمهن والمهارات المطلوبة ، عندها نكون قد قربنا المسافة بين الواقع والطموح وقللنا مساحة البطالة الى حد ما لصالح تهذيب وتطوير قطاع العمل في واحدة من أهم قطاعات النهوض بالبلاد بهدف تحريك عجلة الحياة نحو المستقبل رغم كل الظروف والتحديات التي يمر بها البلد سيرا على معيار التقدم الذي يشير الى أن سويسرا اعتبرت الدولة ألأكثر اكتفاءا بالقوى العاملة نتيجة منهاجها التدريبي المهني المتقن باحتوائه لأكثرمن 150 مهنة وحرفة !