19 ديسمبر، 2024 12:15 ص

طفيليات الشعب …. وسياسة القرش الحوت

طفيليات الشعب …. وسياسة القرش الحوت

 يتمثل في الحياة البحرية المنافسة الشرسة بين المفترسات من الكائنات البحرية بقوتها وشراستها والفرائس من الكائنات البحرية الاخرى التي تتصرف على ان لا تكون لقمة سائغة امام التهديدات الصارمة للمفترسات.من خلال اساليب كالتمويه والتضليل أو بما تفرزه من روائح أو بألوان من  السلوك  المتمثل بالسرعة الفائقة والقدرة على المناورة لتبعد عنها مصادر التهديد وتتجاوز الصراع والحصول على ما تقتات عليه لضمان البقاء والتكاثر . ولكن من هذه الكائنات من اتخذ اسلوب التطفل وسيلة للعيش والبقاء حتى ولو ادى ذلك الى ان يقتات على العوالق والحشرات . ويتمثل هذا في تطفل نوع من الاسماك التي تواكب القرش الحوت وهو يجوب البحار والمحيطات طلباً للقوت بأسلوب الافتراس لبقية الكائنات البحرية الاخرى باستغلال ما تهيأ له من عناصر الشراسة سواء انياب حادة أو كتلة ضخمة بطول قد يتجاوز 10 متر . بينما تلك الاسماك المتطفلة تسبح تحت كتلته الضخمة لتقوم بتنظيفه من العوالق والجراثيم التي تلتصق بجسمه من الخياشيم وحتى الذيل متخذه منها غذاء لها وتمنحه الوقاية من الامراض وتحصنه ضدها . ولا تدرك هذه الاسماك(الحيوانات) بأن ما تحصل عليه بتطفلها سيزيد من عمره وتضخم كتلته وزيادة فرصته للبقاء والاستمرار للافتراس .
  ويتجسد هذا المشهد بتوافق ارادة فئتين احدهما تمثل الاستبداد المرتكز على القوة والنفوذ من اجل البقاء والاستمرار والأخرى تتملق الارادة الاولى وتتطفل عليها. ويمكن عكس هذا المشهد على الوضع الحالي في العراق من خلال ارادة تتمثل بالسياسيين ورجال الدين اللذين يسعون للحفاظ على امتيازات ومكاسب تحققت لهم بفعل تغيير جاءت به صدفة تاريخية عمياء . خلقت من هؤلاء فئة مستبدة مهووسة بحياة الترف والرخاء رغم افتقارهم لمقومات القيادة والإدارة . ليتمخض عن هذا حكومة مستبدة تهافت اعضاءها على المال والجاه والسلطة وحب الذات المفرط من خلال هلوسة الانا التي تملكتهم وعززت لديهم الواقع الاناني . مما ادى الى تعثر النهوض بالبنى التحتية وفقد رعاية القيم الاجتماعية النبيلة في المجتمع التي كانت تحافظ على النسيج الاجتماعي فيه . أثر غياب الرؤية والرسالة الواضحة التي من خلالها تتحقق الاهداف في التقدم والرخاء ، واللتان بفقدهما يفقد التخطيط السليم للنهوض بواقع الحياة لان الفشل في التخطيط هو مقدمة لفشل عام .
  واستغلت الفئة الاخرى طموحات هذه الفئة فتطفلت عليها بالخداع والرياء والتمويه من خلال شعورها بفقدان الحكومة للهيبة أثر فقدها للوحدة والتماسك والولاء الوطني .مما ادى الى انهيار الامن الاجتماعي والاقتصادي والإداري ليتمخض عن ذلك تدميراً واسعاً وخراباً مذهلاً وفوضى اخلاقية وعقائدية وسياسية وإدارية وثقافية لتنهار القيم الاعتبارية حتى المتعارف عليها وتتسع اعمال النهب والسلب والسطو والتجاوز على الاملاك العامة والخاصة من خلال فوضى وانفلات امني خلف فراغاً هائلاً ملأته جحافل اللصوص وانحدرت البلاد نحو الهاوية والحق الخراب بمرافقها العامة .وظهرت انماط سلوكية رديئة من التصرفات الفردية والجماعية في اوساط المجتمع ادت الى تفكك البنية النفسية للفرد العراقي وأصبح الواقع مخزيا ومريراً ساهم في وجوده السياسيون ورجال الدين اثر المداهنة والملق والكذب والتظليل من اجل الحفاظ على السلطة والثروة والجاه والنفوذ حتى وصل المجتمع الى مرحلة خطيرة تشوبها اللا معيارية واختلاط المفاهيم وتردي الثقافة والقيم والتخريب العمراني والثقافي والنفسي والاقتصادي .
  ومن ضمن افرازات هذه المرحلة ما تشهده مدينة البصرة كعينة لتداعياتها ،كالتجاوز على الاملاك العامة مثل الحدائق والملاعب والأراضي المخصصة في التخطيط العمراني لبناء مشروعات تخدم المصلحة العامة وتقاطعات الطرق .وبناء دور عليها وبشكل عشوائي (الحواسم) .والبعض اتخذ من هذا التجاوز تجارة حيث سرعان ما تعرض هذه الدور للبيع ثم الانتقال للبناء في منطقة اخرى وتجاوز البعض الاخر على مساحات واسعة من الارض لجعلها مراب للسيارات أو مخازن أو معامل للحدادة متخذين من الملق والرياء وسيلة لهذا التجاوز حيث يقومون ببناء حسينية أو وضع صورة كبيره لرموز دينية على جزء صغير منها لتندلع هذه الحواسم كالنار في الهشيم مما ادى الى ضياع هوية المدينة وتشويهها . اضافة على التجاوز على شبكات الكهرباء بصورة عشوائية وحفر الشوارع لتوصيل المياه مما ادى الى تلفها . وقيام البعض بالاستيلاء على مباني حكومية ثم المساومة على اخلاءها مقابل مبلغ من المال تدفعه الدولة لينتقل للاستيلاء على مباني اخرى في حركة ظالمة مشاكسة للابتزاز العلني . ليصبحوا داهية في الغش والخداع وتسويغ النهب . وتحول البعض الى مدخل اخر للتدمير والجريمة وخرق القانون من خلال تحويل الاراضي الزراعية وبساتين النخيل الى بوار بعد تجريفها لترمى اشجار النخيل على جوانب الطرق   بعثوقها  (أي كفر بالنعمة هذا) ؟ . ومن ثم عرض هذه الاراضي للبيع كقطع سكنية طمعاً في الكسب السهل الذي يولد الكسل والخمول .حتى المناطق السكنية النظامية لم تسلم من العبث والتدمير وذلك بتجاوز اصحاب الدور في هذه المناطق على الساحات المقابلة لدورهم وقد يبلغ التجاوز اسيجة الدور على ارصفة الشوارع وقد يمتد التجاوز الى اكثر من هذا حيث يتم بناء (دكات ) من الاسمنت على السواقي الاسمنتية المصممة لتصريف مياه الامطار عند حافات الشوارع والتي يتم تبليطها حديثاً ليصل التجاوز الى الشارع العام . وامتد التخريب والعبث الى حفر حجر الارصفة(المقرنص)لوضع انابيب حديدية مجوفة لوضع الاعلام والإعلانات . أو قيام اصحاب المولدات بوضع مولداتهم على ارصفة الشوارع وحفرها لوضع  اعمدة خشبية تمتد من خلالها الاسلاك الكهربائية مما يؤدي الى فقد قوة تماسك الحجر مع بعضه وبالتالي تفككه لتمتلئ الارصفة بالحفر .ومن مظاهر العبث والفوضى انتشار الحيوانات من دواب وحمير في شوارع المدينة وقيام اصحابها بكب حاويات القمامة لتأكل منها حيواناتهم وترك ما تبقى لينتشر على الارصفة والشوارع . وإيغالا في العبث والفوضى انتشار ما يسمى بالستوته وهي عبارة عن دراجة محورة كعربة حمل يقودها شباب طائش وصبية بالكاد تصل ايديهم لمقودها تجوب الشوارع بعشوائية وتهور دون ضوابط أو نظام وبلا هوية (ارقام) مما يؤدي الى ارتباك حركة السير وحدوث حالات التصادم والدهس .وشملت حمى التخريب والعبث مؤسسات الدولة التي تعشش فيها الاحزاب وتتنافس لتحقيق مصالحها حيث اصبحت حواضن للفساد والمحسوبية والمنسوبية لتنمو طفيليات التملق والرياء والنفاق الاداري مما ادى الى انهيار قيم العمل واستفحال ظاهرة الاغتراب الوظيفي بين الموظفين الجيدين حيث انكفئوا على الذات طلباً للسلامة لتؤد الكفاءة وتنعدم جودة الايداء ليصبح العمل ضرباً من الارتباك والفوضى .
  كل هذا ثمرة مره لقيادات وإدارات افتقرت الى المهارة والمهنية اللازمة في التخطيط والتحكم والتقييم وضرب المثل بالقدوة . واستغلال التطفل والتجاوز كورقة للاستفادة منها في ربح تجارة الانتخابات . مما ادى الى اصابة الخيريين من ابناء هذا الوطن بالإحباط واليأس والتفكك النفسي وهم ينظرون الى ما يجري في وطنهم بحزن واسى.
( ما دخل اليهود عبر حدودنا …. لكنهم تسللوا كالنمل عبر عيوبنا ).