23 ديسمبر، 2024 6:50 م

لم يكن الميل نحو الطائفة اختراعا ولن يكون ،اذ ما من انسان الا وينتمي الى طائفة مذ يولد وهي تمثل:الجماعةُ والفِرْقَةُ . وفي التنزيل العزيز : الحجرات آية (9) وَإِنْ طَائِفَتَانِ من الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا  . و الطَّائفَةُ جماعةٌ من الناس يجمعُهُمْ مذهبٌ أَو رأَيٌ يمتازون به ، وجمعها طواِئفُ ،كما تمثل جماعة دينية تنسلخ عن الاتجاه الديني السائد ،وتشير الكلمة أيضا إلى مجموعة من الناس لديهم فلسفة واحدة وقيادة واحدة.كما ورد مفهوم الطائفية مشتقا من (طاف، يطوف، طواف، فهو طائف) فالبناء اللفظي يحمل معنى تحرك الجزء من الكل دون أن ينفصل عنه ،بل يتحرك في إطاره وربما لصالحه.والطائفية هي انتماء لطائفة معينة دينية أو اجتماعية، ولكن ليست عرقية ،فمن الممكن ان تجتمع عدد من القوميات في طائفة واحدة بخلاف اوطانهم أو لغاتهم.كما ان معظم”الطائفية” السياسية ،وفي كثير من الأحيان تكون مكرسة من ساسة ليس لديهم التزام ديني أو مذهبي ،بل هي موقف انتهازي للحصول على “عصبية” كما يسميها (ابن خلدون) أو شعبية كما يطلق عليها في عصرنا هذا ليكون الانتهازي السياسي قادرا على الوصول إلى السلطة. إن مجرد الانتماء إلى طائفة أو فقرة أو مذهب لجعل الإنسان المنتمي إلى تلك الطائفة طائفيا كما لا يجعله طائفيا عمله لتحسين أوضاع طائفته أو المنطقة التي يعيشون فيها دون إضرار بحق الآخرين، ولكن الطائفي هو الذي يرفض الطوائف الأخرى ويغمطها حقوقها أو يكسب طائفته تلك الحقوق التي لغيرها تعاليا عليها أو تجاهلا لها وتعصبا ضدها ،ووفق ذلك فأن تعريف الطائفة لم يحمل في طياته معنى مضمرا تعصبيا ،الا عندما يتحول بعض ممن يحرفوه عن موضعه ليكونوا طائفيين رافضين لكل ما هو انساني جامع مشترك ،والاخطر ان يتملك هذا الهوس الاعمى من يشتغل في مفصليات الحياة ،كأن يكون متصديا للسلطة ،او للدين ،أو الثقافة ،او في شؤون ذات مساس بحياة الانسان واستمرار انشطته،والمشكل في الأمر ان يكون ان يلبس المسلم ثوب التعصب الطائفي ليكون بالضد من الاديان الاخرى ،او عندما يكون طائفيا مهووسا ضمن المذهب الواحد،ولم يسجل التأريخ الانساني اي اشارة لتفوق طائفة ما على طوائف اخر بعقل ،او منجز،او ذكاء ،الا عندما تصدى السياسييون للسلطة وافتعلوا عن طريقها طائفية مذهبية ،واخرى قومية ،او مناطقية،او عرقية وكانت نتائجها وخيمة ومهلكة ومدمرة ليس على الاطراف التي وجه لها ،بل على من افتعلوها وصنعوها وفجروها كـ(فتنة)واخذت منهم مايستحقون من قتل و(سحل) في الشوارع!!ومن المؤسف ان يجر افتعال مروجي الطائفية الى تدمير الاوطان وشطبها من سجلات التقدم والتطور، وتحويلها الى مستنقعات قذرة ومقابر ومأس مرعبة،فهي في كل الاحوال الغام في طريق استمرارية الحياة،والاخطر من ذلك ان يصطنع الطائفي لنفسه شعارات ودعوات ومبوقين ينشرون غسيله القذر هنا وهناك طمعا بأعطيات ومكارم ومغانم ليتحول الى بؤرة فساد ونخر وتهديم ،وبالمقابل فأن الطائفة ذاتها ستتضرر ولن تنتفع بشيء ،لانها ستجد نفسها وسط تهريج غير منتج ،وهو مانلحظه في عراق اليوم ،حيث انتعشت جراثيم الطائفية في هذا الموقع او ذاك ووجدت لها بيئة تساعدها في الأنتشار،فأنها اضرت بهذا البلد وسببت له كثير من المشكلات البنيوية،ولم يكن هذا الانتشار لأن الشعب العراقي محب وعاشق له ،بل فرض عليه من قبل اصحاب الاجندات السياسية ورافعي شعارات القتل والتهجير مستغلين الظروف التي يمر بها العراقيون،ومع ذلك فأن عموم العراقيين ومن مختلف تكويناتها رافضين لكل مايمس نسيجهم الوطني وبنيتهم التي انبنت منذ عصور،ويخوضون حربا عالية المستوى ضد هذا الطائفي او ذاك ،ودفعوا ثمنا باهضا كي لاتنتشر جراثيمهم وسط الاخضر واليابس لتحرقهما ،وعلى السياسيين ورجال الدين واجب ان لايتحولوا الى ناقلي ومسببي لهذا المرض الخبيث والذي لن يسلم منه احد ،فالعراق لا يريد ان يكون كمن يحمل سكينا يطعن به اخيه وهو اسوء مايمكن ان يحصل لاسمح الله.