23 ديسمبر، 2024 10:38 ص

طغاة ..ومفكرين ومثقفين

طغاة ..ومفكرين ومثقفين

أن تأسيس مهمة الظلم في السلطة لا تقع على مسؤولية الظالم وحده ,فالفاسد الذي يؤسس لفوضى يريد منها أن تكون نهجاً للشعب حتى بعد رحيله,هنالك من يسانده في تقوية ظلمه من وعاظ ومثقفين ورجال دين,وحاشية ممسوخة تمارس الوقيعة للنيل من المخلصين وإبعادهم عن دائرة القرار,حتى لا يشكلوا حجرة عثر في طريقهم ومشاريعهم الملوثة ,وصنف آخر يستخدم الإرهاب وبشتى أساليبه القذرة لإرغام الناس تحت وطأة التعذيب للرضوخ والخنوع والقبول بما هو موجود من مآسي والآم ,فالأقفاص الحديدية والقيود والأغلال لن تمنع المُصلح من ممارسة فكره المؤمن به في حياته رغم كل التحديات,ركز الطغاة على جوهر مهم وهو إلغاء الحرية من واقع شعوبهم في محاولة لقتل الفكر أو تحجيمه أو تقزيم رؤاهم وطموحهم ,وتحديد قضايا معينة يتناولها بوق السلطة في طرحه وجلها تصب في بودقة بقاء الطاغية في الحكم ,عن طريق تجميل صورته وإظهارها بمظهر الأخلاق الحسنة وأنه حريص على مصلحة رعيته وخوفه على دماء أبنائه يريد لهم الخير والرقي وغيرها من الأفعال وهي غير صحيحة ,في محاولة لإخفاء حقيقته التي تتناقض مع كل الصفات الحميمة,لم تعد السجون والزنزانات للقابعين بها تخيفهم بل أصبحت متنفساً لفكرهم ومشروعهم الإصلاحي المؤمنين به ,فإذا أردت أن تكون مثقفاً فاعل ومؤثر في مجتمعك عليك أن تضع مشروع لأمة ومن ضمن موقعك الذي تعمل به,عليك أن تصارع ذاتك وتتغلب عليها من مغريات الهوى تستطيع أن تؤثر في تغيير الآخرين وترشدهم للطريق الصحيح وإقناعهم بما عليهم عمله من حقوق وواجبات,عليه أن يشرح ويوضح حجم التحديات والصراعات وعمق الأزمة,وكيف تسير الأمور وبأي اتجاه ؟لا أن يعيش بواديٍ يصنعه لنفسه ومن معه يعيشون في واديٍ آخر,مهمة المثقف لديه مشروع يريد أن يوصله للناس بطريقةٍ ما بما يتناسب مع مستوى إدراكهم وفهمهم ,ما لفائدة من أن يعيش الناس في أجواء الحرية والديمقراطية وهم لا يمتلكون من يعبر عن آلامهم وتطلعاتهم وهمومهم ,ليؤثر في الآخرين ويقنعهم بقوة حجته المنطقية ويتحدث والحيف الذي وقع عليهم ,يؤمنون بالتغيير نحو الأحسن والأفضل لكنهم يبحثون عن قائدأً أو زعيم منقذ ومصلح يمتلك مفاتيح الإصلاح وآلياته ويستطيع من خلالها فتح الأبواب التي عجز الجميع عن فتحها ,فالعلة تكمن بتشخيص الداء الصحيح لأعطاء العلاج المناسب لتكون بذلك مقدرات المجتمع بأيدي أمينة,حيث يلجأ الطغاة في حكمهم على استبعاد القادة المؤثرين في الرأي العام الذين يلتف حولهم الجماهير,أومن خلال ترغيبهم بالامتيازات المغرية مقابل السكوت عن بطشهم والأخذ بمبدأ الحياد والصعود على التلِ,أوعقد صفقة معهم والقبول بالواقع لعدم المقدرة على إزاحة الحكم الجائر عن السلطة,لكن الباب والمفتاح قد يأخذ أشكال وأبعاد متعددة وفقاً لطبيعة الزمان والمكان ,دائماً هناك أتفاق من أهل المنزل بوضع مفتاح البيت في مكان يعرفه الجميع حتى يتمكنوا من فتح الباب وغلقها بسهولة ,فإذا ضاع المفتاح سيشعرون بالخوف والقلق من المجهول,ستكون الباب مشرعة مفتوحة ويدخل للبيت القاصي والداني ,وأتساءل إذا نسينا المفتاح في الداخل وأغلقنا الباب هل سنكسرها لندخل ونحدث فوضى ؟ أم سنقف مكتوفي الأيدي لننتظر معجزة السماء تأتي بالغيث إلينا.