16 أبريل، 2024 2:16 م
Search
Close this search box.

طريق الهلاك والقبور المفقودة… الجزء الثاني

Facebook
Twitter
LinkedIn

هذه القصة مقاربة احداثها لاحد الحالات التي عاشت في في مدينة الموصل اثناء الحرب..
حمل السيد توفيق حقائبه ووضعها بسيارته الحديثة التي استلمها هي الأخرى قبل ثلاث سنوات ومازال يدفع الأقساط لتسديد ثمنها حيث تم شراؤها من إحدى الشركات وبضمانة راتبه كموظف في الدولة وكفالة أحد زملائه في الوظيفة وحسب المتعامل به في نظام تلك الشركات.

ركبوا السيارة فصعدت ام طارق بجانبه في المقعد الأمامي وصعد الاطفال طارق وتيسير في المقعد الخلفي وقد تم تعليم الاطفال على الإجابة السريعة عند السؤال اين تذهبون تكون اجابتهم سوف نزور صديقة ماما في منطقة تل الرمان الواقعة في أطراف مدينة الموصل حتى لا يثيرون الشبه منحولهم ويمنعونهم من هذه الزيارة لان الوضع أصبح يزداد صعوبة وخطورة في نفس الوقت.

سارت السيارة وهي تقطع المسافة بخطى بطيئة جدا لكثر العوائق والسيطرات ولكونهم عائلة صغيرة ولايوجد معهم راكب من جيل الشباب كانت الأمور تسير طبيعية جداً ..ولكن الطريق أصبح طويل فأغلب الطرق مغلقة وبحاجة إلى تسير مسافة طويلة حتى تصل إلى الطريق المطلوب.

في هذه الأثناء نادى المؤذن آذان الظهر ونظام المدينة يكون فيها الصلاة إجبارية فنزل السيد توفيق الى المسجد ليؤدي الصلاة وترك عائلته في السيارة .وأثناء فترة الصلاة حدث انفجار قوي جداً قرب المسجد حيث تم قصف أحد المنازل المملوءة بالمتفجرات وسط الدور السكنية ارتبك المصلون فانهو صلاتهم وتحركوا يهرعون باتجاه مكان الانفجار أما السيد توفيق فأصبح عاجز على السير لتفكيره بعائلته التي تركها في الخارج نظر من بعيد فوجد سيارته دون الإصابة بأي أذى فحمد الله عندما اقترب وجد صراخ اطفاله من هول التفجير وخوفهم على ابيهم في المسجد وهم يحملون براءة الطفولة التي انحرم منها كل اطفال مدينة الموصل .تكلم مع زوجته وهو يدير محرك السيارة وانطلق مسرعاً بعيداً عن مكان الانفجار وهو يشاهد الناس تخلي القتلى والجرحى بعد سقوط المنازل فوقهم بسبب هذا التفجير.

ياالله انقذنا يارب العالمين انها الحرب لقد فتحت أبواب الجحيم .بدأت الحياة اصعب كلما دنت ساعات التحرير حيث القصف الكثيف وقطع الشوارع الرئيسية بإحداث

فجوات كبيرة جدا حتى تقطع الإمدادات عن العدو وهذا ما يعرقل سير العجلات كافة .

كان الخراب واضح على معالم المدينة وكان الاستاذ توفيق يسير في تلك الشوارع وكأنه يرى فلم هوليوودي حقيقي .وأخيراً وصل إلى أطراف تلك المحلة التي لم يصلونها من قبل رغم أنها لا تبعد كثيراً عن الحي الذي يسكنون به .نظر إلى الأسواق كلها فارغة وعندما وصل إلى الشارع الذي تسكنه السيدة رمزية صديقة زوجته ام طارق أراد أن يسأل عنها ولكنه لا يعرف من هو صاحب البيت وسوف يسبب بعض الاحراج لنفسه ولكنه في وضع لا يتحمل الانتظار.

فرأى بعض الصبية في نفس الشارع فسالهم من يعرف الست رمزية معلمة في احدى مدارس هذه المنطقة فتفاجأ بالجواب بأن الجميع قد سكنوا حديثاً هنا ولا يعرفون أصحاب المنطقة الأصليين وعند سؤاله عن السبب لم يجد جواب مقنع لان الخوف عند الناس جعلهم يخفون الحقيقة أشار إليه أحد الصبية الى محل لبيع المواد الغذائية في الفرع الثاني من الحي وربما لديه إجابة عن سؤاله

وفعلاً توجه إلى ذلك المحل فوجد رجلاً كبيراً في السن ومحل فارغ من كل شيء بادره بالتحية وقال له ياعم لدي سؤال واتمنى أن يكون الجواب موجود عندك فرحب به الرجل وعرفه بنفسه وكان يكنى الحاج عبدالله وأنه من سكان المنطقة القدماء ففرح الاستاذ توفيق بذلك وشعر أنه وصل إلى غايته.

بادره بالسؤال بأن لديه اقرباء هنا معلمة تدعى الست رمزية وأنهم أتو لزيارتها .عرف الحاج عبدالله الموضوع من عنوان السؤال وان عائلة الاستاذ توفيق تريد الهروب الى القطعات العسكرية .فابتسم في وجه الاستاذ توفيق وقال له لقد وصلت فهذا الدار الذي خلف بيتنا هو منزل الست رمزية وانا عمها والد زوجها وان الست رمزية يا ابني قد رحلت منذ فترة وحالفها الحظ في الهروب والان تعيش في مدينة أربيل هي وعائلتي جميعاً ولم يبقى احد الا انا فانا كبير السن ولا أستطيع المشي مسافات طويلة ففضلت ذهابهم لكي انقذهم من هذه الحرب هم وأطفالهم فالموت ياولدي أصبح قريب جداً منا ويوميا تحصد الحرب أرواح الآلاف من الأبرياء .
الحرب يا استاذ توفيق ناراً مشتعلة رمادها الاخضر واليابس. ونحمد الله اننا مازلنا احياء.وعلى كل حال تفضلوا فالبيوت مفتوحة أمامكم لان اغلب أهلها قد هربوا وقتلوا أو تم ترحيلهم إلى أحياء أخرى وأن أغلب الموجودين ينتظرون فرصة الهروب أو وصول القوات الأمنية لتحريرهم .ولكن ياولدي اذا كان قراركم الهروب من هذه المدينة فيجب أن تأخذوا حذركم الشديد فالعدو لديه عيون مفتوحة في كل مكان ومجرد يعرفون نيتكم المحاولة من أجل الهروب منهم فسوف يقومون بقتلكم جميعاً…

ولقد ذهب العشرات قبلكم ضحايا لهكذا محاولات .سأل الاستاذ توفيق العم عبدالله عن المسافة بينهم وبين القطعات العسكرية الحكومية فأجابه ربما سبعة كيلومترات أو أكثر بقليل .

كل ما عليك اخفاء سيارتك وعائلتك في منزل ابني وأخذ الحيطة والحذر الشديد وسوف اجهزكم ببعض المواد الغذائية الموجودة عندي لسد رمق العيش وربما تبقون فترة طويلة فالاقتصاد في الماء والغذاء مطلوب .وأدعو الله أن يحفظكم فأنتم ضيوفي الآن .شكره السيد توفيق وزوجته ام طارق على هكذا استقبال وشعرت السيدة أم طارق وكأن صديقتها المعلمة الست رمزية موجودة ذهب معهم العم عبدالله وفتح لهم ابواب منزل ابنه زوج الست رمزية فوجدوا اثاث الدار كاملة وموجود فيها بعض الماء وبعض قناني الدواء المسكن للأطفال وعندما نظر الحاج عبدالله الى الدواء قال لهم حافظو عليه ربما تحتاجونه فهذا الدواء منوم للأطفال حتى لا يستطيع العدو سماع أصواتهم عندما يكون هناك أي انفجار.

صفحة 1 من إجمالي 16 صفحة 2 من إجمالي 16

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب