23 ديسمبر، 2024 12:27 ص

طريق الموت الى بغداد ٣ حين زخ علينا الرصاص

طريق الموت الى بغداد ٣ حين زخ علينا الرصاص

ظهر على يميننا عابر سبيل ، تفحص وجوهنا جيدا قبل ان يفتح فمه ،هناك طريق زراعي موازي لهذا الطريق وهو سالك واشار لنا الى درب ترابي ضيق يشق البستان ويرتفع قليلا على تله اقيمت فوقها سكة حديد. فكر السائق في كلام الرجل وقبل ان يتخذ قراره قلنا له لاتصدقه ، صمت السائق دون ان ينبس ببنت شفة.

فجأة مرت على الجانب الايمن شاحنة عسكرية امريكية ورغم عد معرفتي التامة بالصنف العسكري الااني توقعت ان تكون مركبة تابعة للصنف الهندسي. كانت السيارة بلا اي نوافذ. تجمع السواق ممن كانوا ينتظرون فتح الطريق في حلقات صغيرة يتبادلون الاحاديث والتعليقات.
تمكنت من مرؤية مركبات امريكية كثيرة كانت هي التي تسد الطريق التحقت بها المركبة الهندسية وبعد مضي دقائق بطيئة سمعنا دوي انفجار هائل. تطلعنا نحو مصدر الصوت حيث يقف الامريكان فرأينا دخانا ونارا تتصاعد من سيارة شحن عراقية وارتفعت تعليقات موضحة . عبوة ناسفة قاموا بتفجيرها! اتى الفرج اخيرا ! الصبر ! اصبروا سيفتح الطريق الان ولكن لاشئ يحدث ثم فجأة تقدمت نحونا المركبة الهندسية فمرت من امامنا وعرفنا ان المهمة انتهت وان الطريق سيفتح , اطلق العنان لهدير المحركات واولهم كان سائقنا! لااعرف من الذي اعطى اشارة البدء بالتحرك لااحد في الغالب , الامريكان يسدون الطريق باشارة ولكن حين يفتحونه فانهم لايعطون اي اشارة . ربما كانت الاشارة ان
بعض المركبات الامريكية غادرت موقع الحادث ولكن ليست كلها. كان سائق سيارتنا في المقدمة صرخ حسين لاتجعلنا في مقدمة الركب ,لاتكون اول واحد ، تمهل قليلا ولكن بدا السائق وكأنه لايسمع , اصبحنا قريبين جدا من الامريكان وقبل ان نتبين وجوهم زخ علينا الرصاص دفعة واحدة , كان صوت الاطلاق قويا وصادما ومزعجا ورائحة البارود قاتلة والضوء المتطايرمن الرصاص مرعبا.
وبنفس السرعة التي تقدمت فيه العجلات نحو الامريكان وهي تظن ان الطريق اصبح سالكا رجعت المركبات باقصى سرعتها للخلف دون ان تملك الوقت لتستدير، الكل يرجع فحضور الموت بث الخوف في النفوس. ان هي الا زخة من طلقات التحذير ولكنها كافية لتشعر بان الموت كان قاب قوسين او ادنى.

اخيرا انسحب الامريكان ، غادروا المكان دون ان حتى ان يعطوا اشارة بان الطريق اصبح سالكا. وانطلقت السيارات ومررنا بالشاحنة المحترقة وقد اصبحت سوداء تماما والنار مازالت مشتعلة فيها.
قبل ان نصل الى بغداد اعترضت سبيلنا دورية امريكية راجلة. اختارت هذه الدورية مكانها بعناية فائقة. فقد وقفت في طريق يتسع نحو اليمين لمسافة عشرين مترا قبل ان يضيق. اجبروا السيارات على التخفيف من السرعة والتوقف امام حاجز مؤقت اثنان من الجنود وقفا وراء الحاجز في حين كان هناك اربع يقفون على جانب ،احدهم كان يجلس القرفصاء ويحمل كاميرا حرارية يصوبها الى ماتحت العجلة، سمحوا لنا بمواصلة المسير بعد ان تأكدوا من سلامة المركبة..
ثم بعد مسيرة بضع كيلومترات نقطة تفتيش عراقية …هه ماذا تحملون معكم ، لاشئ ، ينظر اليك يجاول ان يسبر غورك او يجر بوشك ، فتح حقيبة من الحقائب ، ما هذا؟؟؟ شامبو ، خذه حلال عليك ،الله وياكم .باع امن البلد بعبوة شامبو.
وحين اقتربنا من مشارف بغداد ظهرت لناعقبة جديدة ! عدد هائل من الشاحنات الطويلة يقف في طابور يسد الافق! والسيارات تنحرف في طريق زراعي طيني تنتشر فيه تجمعات مائية من مطر حديث السقوط. اخترقنا المطبات والحواجز المائية بصعوبة في طريق امتد الى كيلومترواحد قبل ان نعرج من جديد الى الطريق الرئيسي.كان المشهد كأنه من الفيلم الاسترالي ماكس المجنون حين انتهت الحضارة وبقي فقط قطاع الطرق واللصوص ثم وصلنا بغداد والساعة تقترب من الرابعة بعد الظهر..