23 ديسمبر، 2024 12:50 ص

طريق الموت الى بغداد ٢

طريق الموت الى بغداد ٢

ليس هناك اي مسوغ لهدر الوقت، الطقس دافئ رغم اننا في كانون الاول، خارج المطار دخلنا في مفاوضات سريعه مع سائق سيارة اجرة، وجهتنا هي كركوك، اربعين دولار ، تحرك يارجل، السائق هادئ الطباع ، وفيه اهم ميزة قلما تتوفر في سائقي العجلات وهي انه لايدخن بل ولايتحدث كثيرا واجاباته قصيرة وسريعه وكأنه يريد ان ينهي الحديث او لايجيب على اكثر من سؤالين. بعد مسيرة كيلومترات طويلة ظهر على يسارنا مكان يرتفع منه دخان كثيف، هل هذاهو الغاز المحترق الذي درسنا عنه في المدرسة المتوسطة ، النار الازليه مايزال يحترق.
فاجأنا السائق بسؤال غريب اين وجهتكم في كركوك ، مركز المدينة طبعا ، بدا وكأنه فوجئ بالجواب ، لم نتفق على هذا ، نهايتي هي اطراف المدينة ، هل يمزح الرجل معنا؟ هل سترمينا في الخلاء ياهذا ، على ماذا نتفق ، قلنا كركوك وهذا يعني كركوك المركز، مناورة جيدة لزيادة الأجرة ولكنه حتى هو وجد مبرراته ضعيفه فصمت منهيا النقاش .توقف في ساحة مفتوحه لنترجل من السيارة ، وقفنا في مواجهة جمع من سائقي سيارات الأجرة ، كانوا في لغو وثرثرة وحين رأونا تجمدت نظراتهم ثم ارتفعت اصواتهم ، بغداد ، رايحين لبغداد ، كانوا يقولون بغداد بطريقه تجعلك لاتصدق انك سترى هذه المدينة ،كأنهم عصابة للخطف والاغتيال لا سائقي عجلات، الجاكيت الخاكي ، طريقة لف الكوفيه ، النظرات القاسية، اسنانهم الصفراء ، لحاهم غير الحليقة . هجمواعلينا هجمة رجل واحد كل واحد يجرنا من ناحية ويعرض علينا سعرا. تردد حسين ،انسحب وهو يقول لانريد ان نسافر الى بغداد الان نريد نتناول الافطار. تركناهم وهم في وجوم وتساؤل. لحق بنا واحدا منهم وهو يعرض سعرا تشجيعيا ولكننا شكرناه متحججين بالفطور والبقاء بعض الوقت في المدينة. مشينا عشرين مترا مبتعدين عنهم فاعترض طريقنا رجلين. قال احدهم لنا وكأنه يعرف ماذا نريد، قال لنا وهو يشير الى صاحبه هذا عنده تاكسي ويمكن ان يأخذكم الى بغداد , سألته اين سيارته هذه فاشارالى موقف قريب وهو يتمعن في وجوهنا جيدا. سألته ان كان طريق بغداد سالك فقال بانه لايعرف ولكن يمكن معرفة ذلك بمجرد الخروج من المدينة وانه يمكن التحري عن ذلك من السيارات القادمة من بغداد. اتفقنا على سعر معقول بعد ان راح يكيل المدح لصاحبه السائق الذي لم يتكلم كثيرا. اتكلنا على الله وركبنا السيارة القديمة التي انهكها الزمن والاهمال. وصلنا بعد نصف ساعة الى خارج المدينة فاعترضت الطريق نقطة تفتيش ثابتة من الحرس الوطني , سألهم السائق عن الطريق الى بغداد فردوا قائلين بأن الطريق سالك وماكو مشاكل, وحتى نتأكد جيدا وقفنا غير بعيدين من النقطة واعترضنا سيارة قادمة من بغداد فسألناهم عن الطريق فاجاب سائق المركبة الطريق مفتوح فتوكلنا على الله والامل ان نصل بغداد في غضون ساعات قلائل. يبلغ طول الطريق بين كركوك وبغداد 255 كم واشتهر بحوادث الطرق المميتة والخطف والاغتيال والعبوات
الناسفة حتى ان تسميته بطريق الموت لم تكن تسمية اعتباطية.

طريق بائس يشق ارض جرداء ليس فيها شئ غير نباتات صحراوية بلون التراب.
مضت ساعتين او ثلاثة مررنا ببيجي وتكريت وحين اقتربنا من مشارف سامراء توقفت السيارة
الطريق مغلق مالذي يحدث؟