18 ديسمبر، 2024 7:07 م

طريق العبيد و ليس طريق الحرير

طريق العبيد و ليس طريق الحرير

قال وزير المالية في ندوة إقتصادية بتاريخ 3 تشرين الأول 2020 على قاعة دار الضيافة لرئاسة مجلس الوزراء “أن هنالك 250 مليار دولار سرقت من العراق منذ العام 2003 و حتى الان، و هذا المبلغ يبني عدة دول” و “أن إنفاق هذه الأموال لم يكن هدفه إقتصادياً و إنما إستفادة مالية لبعض الجهات مما أدى إلى تراجع قدرات الدولة”.
و كذلك صرح وزير المالية في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 5 شباط 2021 “لدينا ما يكفي من الأدلة بأن مزاد العملة للبنك المركزي كان سابقاً جزءاً مهماً في نشر الفساد و هناك بعض الكتل السياسية الكبيرة متورطة به و تتخذ من أسماء و شخصيات مشاركة في المزاد واجهة لها”. و عن إمكانية تسميته لهذه الكتل، قال الوزير “لا أملك الحصانة القضائية و حتى إجراءات الحماية القانونية غير كافية لكشف الأسماء”.
و لكن هذه التصريحات الخطيرة التي تمس حياة الشعب العراقي مرت مرور الكرام دون أن ينتفض لها أحد مطالباً بالكشف عن أسماء هؤلاء الذين سرقوا أمواله. و بالمقابل و يبدو إنها مصادفة أو مقصودة ظهر على الملأ موضوع طريق الحرير الذي يربط الصين بأوروبا و عملية إبعاد العراق عن هذا الطريق و ضرورة ربط العراق بهذا الطريق لما سيحققه له من مردودات إقتصادية هائلة للشعب العراقي.
المردودات الإقتصادية الموعودة للشعب العراقي في حالة إلتحاقه بطريق الحرير تشمل بناء المجمعات السكنية و بناء المدارس و بناء الطرق و الجسور و بناء المعامل و ما سيتوفر من فرص عمل هائلة ستقضي على البطالة و مردودات مالية هائلة ستعوض عن إيرادات النفط المسروقة.
أزاء هذه الوعود الوردية إنتفض الشعب العراقي لتنفيذ ربط العراق بطريق الحرير حيث بدأت المناشدات و الدعوات، بواسطة التجمعات و الوقفات الإحتجاجية و إستخدام وسائط التواصل الإجتماعي، تجرم المسئولين الذين أبعدوا العراق عن طريق الحرير و تحثهم على الربط و كلٌّ يُمَنِّي نفسه بالعيش الرغيد في ظل الهيمنة الصينية على الأرض العراقية.
إذا جاء الصينيون إلى العراق بطريق الحرير فهل سيفتحون أبواب العمل للعراقيين؟ فلقد جاء الصينيون إلى العراق من قبل بشركاتهم النفطية و لكنهم فتحوا أبواب العمل للأجانب و أغلقوها بوجه العراقيين، فما الذي سيضمن أنهم هذه المرة سيفتحون أبواب العمل بوجه العراقيين و ليس بوجه الأجانب؟
لقد سرق الفاسدون من أموال العراق في الفترة السابقة حسب تصريح وزير المالية ما يعادل 14.7 مليار دولار في السنة الواحدة، و هل يا ترى سيحقق التنين الصيني للعراق مثل هذا المبلغ للشعب العراقي؟ و الذين سرقوا أموال النفط هل سيتركون أموال طريق الحرير تذهب إلى جيوب العراقيين؟
إذا كان الشعب العراقي بحضاراته و كفاءاته عاجز عن إطعام نفسه فما الذي سيجعل الغرباء يقومون بإطعامه؟
إذا كان الشعب العراقي بحضاراته و كفاءاته يجوعه و يستعبده حفنة من العراقيين فما الذي سيمنع الصينيين من تجويعه و إستعباده؟
قال سبحانه و تعالى “إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً” (النمل 34)