18 ديسمبر، 2024 7:06 م

طروحات مختصرة لغبطة الكاردينال لويس ساكو من أجل الوطن والمواطن!

طروحات مختصرة لغبطة الكاردينال لويس ساكو من أجل الوطن والمواطن!

خلال المقابلة المطولة التي أجرتها قناة الشرقية، دامت 52 دقيقة و39 ثانية بتاريخ 3\1\2021، تميزت بالجرأة والموضوعية الوطنية والصراحة التامة، بصمتها الوطنية قائمة ومشخصة بدقة تامة، نزولاً عند مصلحة الوطن والمواطن العراقي بشكل عام، ومعالجة أوضاعه المأساوية وأوجاعه المرادفة لمسيرته الشاقة سابقاً ولاحقاً، كان همه الكبير والواضح هو لضمان حقوق المواطنة وأمنه وسلامته ومستقبله المنشود له ولأجياله اللاحقة.
فوضع بمصمته الواقعية على معاناة الشعب العراقي عموماً والمكونات الضعيفة خصوصاً، منهم المسيحيين مثالاً وليس حصراً، فالمعاناة ومآسي الشعب العراقي تنمو وتتكرر حتى بات الشعب العراقي يترحم على الدكتاتورية قبل 2003، في ظل الوضع الأمني المنفلت بغياب القانون والنظام الذي أنتج داعش وماعش على حد سواء، فكلاهما منتهكان لحقوق الأنسان يلتقيان معاً بهدم الوطن ومستقبل أجياله، وهما خارج القيّم الدينية والأخلاقية يسيران في ساقية واحدة وهما متشبثان بالأسس الدينية والألاهية، فيؤكد غبطته بأنه لا يمكنه وشعبه أن يؤمنا بهذا الله المزيف المعبود من داعش وماعش على حد سواء، ناتجه الفوضى الخلاقة المنتهكة لحقوق الناس والمحمية من قبل أمريكا ورديفاتها، فالتشضي العراقي قائم بفعل الممارساة اللاوطنية للقوى السياسية الحاكمة، مستغلين الشماعة الديمقراطية بقشورها الفارغة، حتى الكوتا البرلمانية للمكونات الضعيفة ومنها المسيحية أفرغت من محتوايا ووجودها، بسبب القوى السياسية الحاكمة بمختلف أتجاهاتها على مستوى العراق، فتراجعت الدولة عن مهامها الأساسية في خدمة الوطن والمواطن، فالنواب المسيحيين لم يقدموا شيئاً للعراقيين وللمكون المسيحي، والقوى الحاكمة دمرت الدولة العراقية من خلال الفوضى الخلاقة التي تبنتهى وصفقت لها أمريكا وحلفائها في المنطقة، بالضد من الديمقراطية الحقيقية الخادمة للمجتمع العراقي وللوطن.
العراق بلد له امكانياته الأقتصادية الكبيرة من سياحة وزراعة وصناعة وقدرات بشرية وأمكانيات ثقافية فريدة من نوعها، لكن سوء الأدارة من قبل الحكام الفاشلين عديمي الخبرة وفاسدي العمل والضمير، أوصلوا البلد تحت خط الفقر والبلدان الأفريقية هي الأفضل مقارنة بالعراق، سببه سرقة المال العام من قبل حكامه طيلة فترة طويلة من حكمهم للبلاد، فما أحوجنا اليوم الى يقضة وطنية أنسانية تعي حقوق الناس جميعاً دون أستثناء لأي فرد عراقي.
معاناتنا كمسيحيين لا تعد ولا تحصى سببه المافيات الخارجة عن القانون وداعش الأرهابي، وسيدة النجاة مثالاُ، كما وسيطرة المافيات دمرتنا وغربت شعبنا من غالبية مدن العراق بما فيها بغداد، فأنا شخصياً أرفض الله الذي يقر به من قبل الحركات الأرهابية القاتلة للأنسان العراقي أياً كانت مسمياتها، لأنهم لا يمثلون الله الحقيقي الذي نؤمن به نحن، نحن ندعو للأمان والمحبة والأستقرار والستر وهذا هدفنا الوحيد.
الكنيسة قدمت الكثير لشعبنا العراقي النازح قبل داعش وبعده، حيث هجر شعبنا من الموصل وسهل نينوى، وسرقت ونهبت أمواله وممتلكاته، فكانت الأرض سريره والسماء غطاءه، فلابد لنا من وقفة أنسانية تجاه مصيبته القاتلة المرمرة، فالقرى المجاورة لبلداتنا في نينوى، دور غريب وغير مألوف تاريخياً بالسطو وسرقة أموالنا، فعام 2014 هو أسوء عام حلّ بالعراق تاريخياً وخصوصاً المسيحيين منهم، نحن نرفض محافظة سهل نينوى لأسباب عديدة، نحن مع الوطن والقانون والنظام يحمي الجميع دون أستثناء لأي مكون عراقي، يتعايشون بأن وأمان وسلام.
الدين وأي دين لا يبني وطن، وبالنسبة لي أرفض تدخل الدين بالسياسة، وأتمنى أن ترفض الكوتا كون البرلمان ممثل لجميع المكونات العراقية، والكوتا المسيحية مخترقة من قبل القوى السياسية الاخرى والبرلمانيين المسيحيين لا يمثلوننا، والعملية الأنتخابية تحتاج الى النزاهة وقانون عادل منصف وحصر السلاح بيد الدولة فقط، وأنهاء السلاح المنفلت ودور الدولة العميقة. فالسلاح المنفلت والدولة العميقة يضران بمصالح الوطن والشعب، وتعديل المسار يأتي بنهاية العنف وفاعلية المسيرات المسالمة لتعديل أداء الحكومات.
ليس هناك حقوق للمواطن العراقي ومنهم المسيحيين في غياب القانون والنظام، وعودة المسيحيين للعراق تحتاج الى عدالة ومساواة وقانون عادل يحمي مصالح الناس ومستقبلهم العامر، وعلى القوى السياسية أن تتعلم من التاريخ ومسيرة الحياة العادلة وليس العكس، فالكنيسة في العالم كانت لها أخطائها فأنعكست سلباً علينا في الشرق الأوسط، لكنها عدلت مسارها وأستفادت من أخطائها ومنعت تدخل رجال الدين بالسياسة، وعلى القوى الأسلامية دراسة هذا التاريخ للأسفادة منه لتعديل مسارهم، خارج الأرهاب والعنف وتعمل بالأتجاه المعاكس لأدائها الحالي المخفق والمدمر لشعبها ولأوطانها في أحتواء الآخر ودمار الأنسان والأوطان، هذه السياسة العقيمة المناقضة للدين الأسلامي نفسه ولحقوق الأنسان، فهي تحتاج الى نهاية التطرف والعنف الذي يدعو له الأسلام،
فالعراق مرّ بتجربة مؤلمة في نهاية أربعينات القرن الماضي بتغييب اليهود من العراق والدول العربية، وهم بأفعالهم هذه أوجدوا اسرائيل وقووا وجودها نتيجة تلك الممارساة الخاطئة، وتفريغ المسيحيين لا يقل ظرراً على العراق وشعبه.
وهناك تدخلات خارجية بالشأن العراقي، وهذا مرفوض من قبل الغالبية، والتدخل الخارجي بأمور العراق أوجدت الفوضى الخلاقة منذ 2003 ولحد الآن، فنحن نرفض رفضاً قاطعاً التدخلات الخارجية لأية دولة كانت بغض النظر عن مسمياتها.
فالعراق له وجوده التاريخي العريق والقانوني والأداري، لابد من ضمان حياة الناس وحقوقها ضمن القانون والنظام، فلازلنا نعاني من الأستيلاء على أموالنا وممتلكاتنا وأراضينا وبيوتنا، فلا ننسى بأن الأحزاب الأسلامية هي التي قتلت المتظاهرين المنتفضين، منذ بداية تشرين عام 2019 ولحد الآن القتل والخطف والأعتقال الكيفي المنفلت موجود وهذا يؤلمنا ويؤذينا.
عمليات الأستيلاء على ممتلكات المسيحيين أنخفظت عن السابق، بسبب أنخفاض عدد المسيحيين، كل هذا جرى ويجري من قبل مليشيات الأسلام السياسي المسيطر على زمام الأمور بدون وجه حق وخارج القانون والنظام، فهذه الأفعال مناقضة تماماً للدين الأسلامي.
فلا ننسى بأن الصراع الأمريكي الأيراني ضرره على المسيحيين كبير دون وجه حق، وأمريكا هي ليست دولة مسيحية بل هي علمانية لا علاقة لها بالدين.
نحن بالضد من الفصائل المسيحية المسلحة ولا علاقة لنا معها، ندعو شعبنا المسيحي للأنخراط بالقوات المسلحة والشرطة المحلية وليس للميليشيات، لكننا نحترم الحشد الشعبي كونه قدم للعراق الكثير.
الأيمان هو بين الأنسان والخالق، ولا يمكن ربطه بالدولة ومسارها المفترض أن يكون في خدمة الناس أجمعين، لا على أساس ديني وتدين من عدمه، نحن نؤكد ليس لنا أحزاب مسيحية ومتأخرين في هذا الجانب، ونحن مع حق الفرد في الحرية وثقافة المواطنة والوعي الكامل للمواطن في اختيار من يمثله بعيداً عن الولاءات الطائفية والعشائرية والعائلية.
وحول الدستور تحدث غبطته بصراحة تامة، بأنه ملغم، ظاهره شيء وباطنه شيئً آخر، وكتب على عجالة، لكنه يحتوي على أمور جيدة، يفترض تعديله على أساس وطني خالص، دون المسميات الطائفية، مسيحي ومسلم والخ.
أما عن زيارة البابا فرنسيس، أعتبره حدث كبير على مستوى العالم وخاصة العراق، فهو يمثل مليارين أنسان مسيحي ومنفتح على الآخرين وعلى العالم أجمع، ورسالته أنسانية اخوية خالصة، فهو يحمل رسالة لسياسيي العراق لتعديل أمور البلد الحضاري التاريخي الأنساني، ويقوم بزيارة سهل نينوى.
وبهذا السرد الواقعي المختصر للمقابلة الجريئة لغبطته، نود أن نقدر جهوده وتوجهاته المنصبة لخدمة الأنسان وحقوقه الكاملة، وهو مع الحق والعدل والقانون المنصف لبني البشر، بغض النظر عن المسمى الديني والمذهبي والطائفي والعرقي، وعلينا تقييم أدائه المسؤول، كرجل يحمل هموم ومعاناة شعبه العراقي عموماً، آملاً من الجميع خدمة الوطن والمواطن دون كلل ولا ملل، لضمان حرية الأنسان ومستقبل أجياله وأمنه ومسيرته الحياتية، في العيش الرغيد بحق وعدالة بشكل دائم.