8 أبريل، 2024 10:13 م
Search
Close this search box.

طركاعة لفت برزان

Facebook
Twitter
LinkedIn

هذه واحدة من الأهزوجات او الهوسات والردات التي ترافقها حركات تشبه الرقصات الافريقيه بالصعود الى الاعلى  والى الاسفل مع ضرب الصدور والزنود والرؤوس بقوة مع صيحات ( احاه)(احاه)( أحاه) .. كنت صغيراً تصحبني جدتي في مراسيم العزاء المتكررة لضحايا حرب الشمال  او مايطلق عليه معارك البيشمركه او المتمردين او العصاة  ولم اكن اعرف ان ( احاه) تعني كثرة توابيت الضحايا القادمة الى مدينتنا .  او بغضاً بالحكومة التي تحقق سيادتها الوطنية على الشروكيه من ابناء مدينتنا الذين ينحدرون من محافظة ميسان الدولية  ..الحكومات والقوى الدينية والسياسية تطلق على ابناء المدينة اسماء براقة كي ترسلهم الى ( علييين ) فهم الشغيلة الكادحين والرفاق المناضلين والحجاج المجاهدين .  الجميع يعرفهم كما يحلو له . وما من سطوة لحكومة اوحزب او تيار او جماعة او قوة الا من قوة هذه المدينة .فمن يريد ان يحرر فلسطين فلابد ان يعد جيشه من هذه المدينة .  ومن يريد ان يمشي الى الشوش مشي فلابد ان يمشي من مدينتنا   . ومن يريد ان يخرج الاحتلال الذي احتل منابع البترول في سوك عريبة  فلابد من جيش من هذه المدينة . ومن يتجرأ على اغلاق جريدة فان ابنائها حبرها الذي لايجف في الدفاع عن المرجعية  .  هي مدينة الدم متى ماتنضج القضية لدى الحكومة ، ومدينة الثورة متى ماشعرت الاحزاب والتيارات بالمظلومية . نعم هي مدينة الطلب الاخير والفرصة الاخيرة والانتخابات الاخيرة . منذ ان شيدها ابنائها مدينة للسكن الوقتي ولحين مقتل ملهمها والمدافع الحقيقي عنها فهي مختطفة على يد الحرس القومي وماتلاه . مدينتنا ومنذ ذلك الحين تدفع عشرات الالوف من الضحايا . ان ابناء هذه المدينة  بنوا سواتر وجبال  ومدن من الدم . فما من قمة جبل في العراق الا وهم حماته ومامن نهر فاض بخيره على الناس الا  وهم من تحمل شر فيضانه. هذه المدينة ترفد مقبرة السلام بالضحايا الذين روت دمائهم حدود العراق وجبال العراق ووديانه و صحاريه واهواره . ابناؤها الذين ينجون من ساحات القتال تتلقفهم القذائف الطائشه والعبوات المبعثرة على ابنائها الفارين  من منازعات التحدي والثورة والمقاومة والتحرير . هذة المدينة و اذا ما  طورت شركة غوغل علامات تؤشر رفات المفقودين لأشرت بقعها الحمراء على كل مدينتنا .هذة المدينه الاكثر فقرا في العالم تتحدى الخوف والجهل والحصار . تخرج منها الحافلات صبحاً لتملئ بغداد حيوية ونشاط . فيهاالبناةْ وارباب الحرف  فيها من يحمي العراق كله ومن يخدم العراق كله . فيها الموسيقار قائد الاوكسترا وفيها هداف الدوري والكاس وفيها مقدمي برامج التلفزيون الذي يضحك اليتامى والارامل بنكات لا تحلى الا على شفاههم .فيها ممثل المسرح وفيها الرقاصين والطبالين   فيها العامل والمعلم وفيها من يغني ( بسيطة تهون وارتاح واشوفج ياهو الطاح ) وفيها تغادر عجلات  تصدح حناجر سواقها كربلاء كربلاء ونجف نفر واحد وفيها تدخل عجلات يتناغم سواقها مع طلوع الفجر على صوت فيروز وذكريات الجوبي وراقصات الغجر لليلة الماضية . مدينة تعجز الشرطة الفدراليه في امريكا عن الطعن في صحة اختامها وجوازاتها وشهادات علمائها ..مدينتنا لاتستحي من شي سوى من السياسيين فيها الذين تاجرو بدمائها باسم فلسطين الحرة وخطر الفرس المجوس والمقاومة الشريفة . مدينة لاتختار اسمها كماتريد فلها اكثر من اسم واسم دلع . وهي صامته عندما تناديها باي من اسمائها .ولم نسميها باسم صدام حبا بصدام وانما لانه نهبها. فردنا لها اسما بدلا من ان تكون مفقودة كأبنائها  . مدينة يرتجف منها الموت وهي تنام على احزان الحياة (دلول  يمه دلول )واحيانآ تنام غافيه هادئه بفعل المشروبات الوطنيه الراسخة … الوطنيه التي تزحف الى عقولنا واجسادنا بهدووووء منذ كنا اطفال وصرنا كهولاً . مدينة الموت والدم والشهادة والرجال المختطفة منذ عقود . وهي تعاني من البؤس والحزن والخوف وهي خامدة نائمة   . تنتظر يوم النهوض بعد خمس عقود . مدينتنا للان تدخلها التوابيت بخوف وخجل وتولي مسرعة الى وادي السلام . مدينتنا يختارها الموت عنوه فبعد فلسطين والجولان وحروب دول الجوار .هذه المرة في موت ليس له شبيه .. مدينتنا تقتل باسم المقاومة والدين والمذهب .. يقتلنا من وهبناه كرامة العيش  وكرامة البقاء وكرامة الوطن . يقتلنا لتعلو صيحات واهازيج النسوة التي تستقبل جثامين الشهداء في مدينتنا .هذة الصيحات والاهازيج  تذكرني ( طركاعة الفت برزان بيس باهل العمارة ) ولكن هذه المرة .. من يقتلنا ليس في ميدان معركه كما حروب مدينتا مع الفرس والصهاينه والاكراد وبقيه دول الجوار .. يقتلنا ونحن في الجادة نحمل الاجازة الدوريه بعد معاناة حماية مدنهم وقصباتهم المؤجره لقوى التكفير والارهاب  او يقتلنا بالاسواق ويقتل معنا اطفالنا ونسائنا بالاحزمه الناسفه والعبوات والعجلات المفخخه . يقتلنا بطريقة لم نألفها . يقتلنا بطريقة حرب الابادة الجماعية.. يقتلنا لانه مهمش مثلما كان يقتلنا البيشمركه طلبا للاستقلال . الاخوةالمناضلين في الجبال والاخوة المهمشين في السهول يعجلون في ذهابنا الى (عليين)  ليحققوا اهدافهم القومية والمذهبية في الحرية والعدالة الاجتماعيةمع ابناء الفرات الاوسط ووفق اتفاق استراتيجية تضمن لكافه المكونات العيش المشترك وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية وبمايضمن لنا نحن الشروكية مقابر النجف وماتبقى من المقابر الجماعية . وطركاعه الفت (  …….  ) بيس باهل العمارة .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب