يبدو ان مصائب قوما عند قوما فوائد و ما نعتبره كوارث انسانية هي فرصا لا تعوض لمن لا يجد ضيرا في استغلال الظروف لمصالحه فما تعاني منه الدول العربية و الاسلامية من ويلات الحروب و التهجير و اللجوء بسبب الانظمة الحاكمة و الجماعات الارهابية له فوائد للدولة التي تستقبلهم او بالاحرى للطبقة السياسية التي احسنت استغلال تواجدهم رغم ما نالها (الدول المستقبلة للاجئين) من ارهاب و ضعف الاقتصاد و غيرها من تبعات موجات اللجوء الكبرى.
عندما اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترمب عن نيته في طرد اللاجئين و منع دخولهم الولايات المتحدة اعتقد المراقبون و المتابعون ان ترمب لن يربح شيئا و انه بهذا التصريح قدم الرئاسة على طبقا من ذهب الى منافسته فلا يمكن لبلدا يعتبر نفسه مهدا للديمقراطية و حقوق الانسان ان ينتخب رئيسا يميل الى التمييز و العنصرية و يغلق الباب امام اللاجئين من ابشع الكوارث الانسانية في العالم لكن خابت التوقعات و وصل ترمب الى البيت الابيض و نفذ ما وعد به فأول قرارته كانت منع رعايا سبع دولا من دخول الولايات المتحدة تحت شعار “امريكا القوية” الذي حرك مشاعر الشعب الامريكي.
ما فعله ترمب لم يكن عابرا او امرا يمكن نسيانه بل تحول الى تجربة ناجحة و هناك من يحذو حذوه و يعمل على تطبيق نظريته الانتخابية الفريدة من نوعها التي تستغل و تحرك المشاعر القومية لدي المواطن و تعمل على اقناعه ان البلاد معرضة لخطر لا يمكن ردعه الا بإجراءات جديدة قد لا تتناسب مع القيم الانسانية لكن لابد من اتخاذها و يبدو الامر في غاية الوضوح في اعلان مرشح الرئاسة الفرنسية فرانسوا فيون ان فرنسا يجب تعود لسابق عهدها مرة اخرى و ضرورة منع المهاجرين من دخول فرنسا و تهديدها من خلال افكارهم المتطرفة التي لا تتلائم مع المجتمع الفرنسي و كذلك مرشحة الرئاسة الفرنسية مارين لوبان التي حذرت من خطر المسلمين الذي يهدد الثقافة الفرنسية و الامر ذاته مع مرشح الانتخابات الهولندية خيرت فيلدرز ذو الموقف الحازم من اللاجئين فحملته الانتخابية ترفض دخولهم و تدعو الى فرض حظر على المسلمين و منعهم من اقامة ممارساتهم الدينية.
المرشحين السالف ذكرهم اكتسبوا شهرتهم من خلال مواقفهم الرافضة للجوء و الاهم من الشهرة هو تقدمهم في الانتخابات التمهيدية و زيادة فرص وصولهم الى السلطة و تراجع منافسيهم ممن يسمحون بسياسة اللجوء كانجيلا ميركل التي اعلنت رغبتها في خوض الانتخابات الالمانية القادمة رغم تراجع شعبيتها بعد موافقتها بدخول الاف المهاجرين و اللاجئين رغم الاعمال الارهابية التي ارتكبها بعض اللاجئين.
سياسة رفض اللجوء و منع اصحاب الديانة المغايرة لديانة المجتمع الاوروربي ليست جديدة لكنها لم تكن معلنة او صاحبة قرار لكنها استطاعت ان تستغل الظروف و عملت على مخاطبة المواطن بلغة القومية و التذكير بالقوة و ضرورة ان تجد فرنسا مثلا دورا في السيطرة على العالم و من جانب اخر دفعت شعوب اوروبا الى اختيار الاحزاب و الشخصيات المتشددة التي لا تسمح بالتعامل السمح مع الوافدين ليس فقط المسلمين بل مختلف الديانات و الثقافات و في نفسه فإن الخوف من تبعات موجات اللجوء و اثارها تفرض واجبا على القيادة السياسية للولايات المتحدة او اوروبا اساسه اعادة الاستقرار الى الدول التي تشهد حروبا و كوارث انسانية نظرا للدور الذي تلعبه في فرض الحلول و انهاء الازمات.