يتابع العالم کله مجريات الامور في العراق و المتعلقة بتطهير الاراضي العراقية من تنظيم داعش الارهابي رغم إنه يتطلع الى إجتثاث هذه التنظيم وکافة التنظيمات المشابهة له من الجذور و القضاء المبرم على مصادر دعمها و تمويلها و توجيهها والتي ومن دون شك لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية حصة الاسد فيها بإعتباره الاب الروحي للتطرف الديني و الارهاب في العالم وهو المعني أکثر من غيره بإستمرار التطرف الديني و الارهاب کخطر و تهديد ضد السلام و الامن و الاستقرار في العالم.
الحديث عن المواجهات الطائفية في العراق هو حديث ذو شجون و يمکن إعتباره بمثابة جدل بيزنطي أو حلقة مفرغة طالما بقيت الاسباب و الدوافع و العوامل التي تحفز و تهيأ الارضية و المناخ المناسبين لذلك، ومع إدراکنا الکامل للخطورة الکبرى التي يمثله تنظيم داعش بالنسبة للأوضاع في العراق، فإننا لاننسى في نفس الوقت بأن داعش ليس هو التهديد و الخطر الوحيد الذي يحدق بالعراق و أمنه و إستقراره، حيث إنه يمثل جانب من المشکلة أو بالاحرى رد فعل و إنعکاس للجانب الرئيسي الاخر منه و المتمثل بالميليشيات الشيعية الموجهة من قبل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و التي تسير بنفس السياق و تحمل و تٶمن بنفس المفاهيم و القيم المتطرفة ولاسيما من حيث فرضها قسرا على الآخرين و إکراههم عليها، فمشکلة العراق الاساسية مع المشروع الطائفي القذر المصدر إليها من جانب طهران و الذي يعتبر الخلاص منه أساسا لحل هذه المشکلة.
العراق و بعد الاحتلال الامريکي عنه و ماأسفر ذلك من إنتشار غير عادي للنفوذ الايراني فيه ترك آثارا بالغة السلبية على الاوضاع في العراق ولاسيما بعد أن بدأ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و لأهداف و غايات تصب في مصلحة ترسيخ نفوذه في العراق و دفع الامريکيين للخروج من البلاد عمد في عام 2006، الى تفجير مرقدي الامامين العسکريين في سامراء کما إعترف بذلك الجنرال جورج کيسي قائد القوات الامريکية وقتئذ في العراق عندما أکد بأنه تم إلقاء القبض على عناصر موجهة من طهران قامت بتفجير المرقدين المذکورين وانه قد تم تسليمهم لحکومة نوري المالکي لکن الاخيرة لم تتخذ أي إجراء بحقهم.
العراق الذي يغرق في بحر من المواجهات الطائفية، ليس هنالك من شك أبدا من إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يقف خلف ذلك لأن ماجرى و يجري في العراق و سوريا، عبارة بالاساس عن مخطط لهذا النظام يدق أسفينا بين الطائفتين الرئيسيتين و يٶثر بذلك سلبا و بصورة أکثر من واضحة على الامن و الاستقرار ليشمل التهديد کافة المکونات و الشرائح الاخرى للشعبين العراقي و السوري، وهو ماقد أکدته الکثير من المعلومات و المعطيات المتباينة التي نشرتها و تنشرها المقاومة الايرانية و التي تحصل عليها من مصادرها في داخل أجهزة النظام في إيران.
اليوم وبعد إتمام عمليات تحرير الموصل ومناطق أخرى من قبضة تنظيم داعش، تبادر ميليشيات الحشد الشعبي التي تخضع معظمها لنفوذ طهران، بإستخدام نفس ممارسات و أساليب تنظيم داعش، وهو ما يٶکد بالضرورة بإن کلاهما في نفس المرکب و يسيران بنفس الاتجاه، ولهذا فإننا وکما أکدنا في بداية المقال، فإن الطموح الاکبر ليس يتجلى في التخلص من تنظيم داعش وانما من في التخلص من المشروع الطائفي الذي يحدق بالعراق و سوريا خصوصا و المنطقة عموما و الذي تتم إدارته و توجيهه من جانب طهران من أجل ترسيخ و دعم النفوذ و الهيمنة الايرانية في المنطقة و ترسيخها، وإن الخطوة الاولى و الاساسية لإلحاق الهزيمة بالمشروع الطائفي هذا يکمن في رفع درجة الوعي السياسي لدى شعوب المنطقة بخطورة المشروع الطائفي و من يقف خلفه و من ثم کيفية مواجهته و القضاء عليه، وهذا لن يتم أبدا إلا بالتخلص من عراب داعش و معظم التنظيمات المتطرفة الارهابية أي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.