جاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو، انه في اميركا كانت ثورات العبيد تتستر في النهار تحت وقع السياط، وتندلع في الليل، على ضربات الطبل، عندما احرق الفرنسيون المتمرد مكاندال حيا، لانه يهيج زنوج هايتي، كانت الطبول هي التي اعلنت انه قد هرب من المحرقة، متحولا الى بعوضة، الاسياد ماكانوا يفهمون لغة الايقاعات، ولكنهم يعرفون ان اصوات السحر تلك قادرة على نقل الاخبار الممنوعة، وانها تستدعي الالهة السريين، او الشيطان نفسه الذي يرقص على وقع الطبل، كان الطبل يقرع نفسه بنفسه، بلا اية يد، وعندما يقرع الطبل الطبل، ينهض الموتى ليسمعوا المعجزة.
كم كنت اتمنى ان تكون التظاهرات عفوية بلا شعارات، كلنا فلان، وكلنا علان، مادخل فلان وعلان بتظاهرات يريد ان يقودها الشعب، دعوا اصنامكم على جهة، وليعبد كل منكم صنمه، ولاداعي ان تفرضونهم على الناس، كنت اهرج وانادي للتظاهر وكلي امل ان تكون التظاهرات شبيهة بالتظاهرات المصرية، لتقتلع السياسيين العراقيين بلا استثناء حتى مسعود البارزاني، فهو آفة كبيرة وقد جند الكثير من الاعلاميين في مجال الاعلام ليحرفوا بوصلة الغضب الكردي عليه باتجاه بغداد.
وفعلا حقق مايريد بعد ان طلب من حيدر العبادي ان يقابله في بغداد فرفض الاخير، لانه استدرك انها ساعات مسعود الاخيرة، سيما وان حزب جلال طالباني بدأ يشعر بحجم الخطر المسعودي الكبير، ستكون التظاهرات، وستفرغ من محتواها في سبيل خدمة اغراض شخصية ضيقة جدا، كأن تكون مشاجرة على قناة فضائية مع احد السياسيين، وهذا صغر كبير في حجم الفكر الذي هيأ لها واراد سرقتها من ايدي الجماهير الغاضبة، المفروض ان يكون المطلب الاول هو فصل المرجعية عن سياسة الدولة المدنية، هناك اختلاط كبير اسهم في تحييد الدولة وطمس شخصيتها.
وفي الاول والاخير نحن مع طبل التظاهرات، لكننا ضد الشعارات الرخيصة التي تقزم الشعب المتظاهر في سبيل اهداف اعلامي مرتشٍ، او سياسيٍ فاسد، ولذا على المتظاهرين ان لايسمحوا للاعلاميين بمشاركتهم تظاهراتهم، لان الكثير من الاعلاميين اما مؤدلجين بايديولوجية دينية او ايديولوجية مسعودية، الاصنام كثرت وتكثر يوما بعد يوم، والشعب حائر لمن يهتف ، هل يهتف لاذاعي ام لمقدم برامج
ام لمناضل ام لسياسي ركب موجة التيارات والاتحادات بعد 2003 بعد ان خلع ثياب البعث فصار من اكبر المناضلين، فالساحة مفتوحة والذمم للبيع ببساطة كبيرة.
سيرقص الشيطان ولن يكتفي بالطبل وانما سيلبس خلاخل وجنبارات لتكون الرقصة متقنة والجمهور على شفا حفرة من الانبهار، وسيؤمن بكل شعار وسترتفع الشياطين مع طبولها وتذهب اصوات الخيرين ادراج الرياح، لايمكن ان نجند الجماهير بغفلة منها من اجل هدف رخيص ربما، ونترك الاهداف الكبيرة التي تناضل من اجلها الشعوب، لم يكن الفهداوي وحيدا في هذا المضمار، هناك الشهرستاني والباقلاني والكبابجي والعبايجي وسواهم من الالقاب والاسماء الكبيرة.
ولكن هناك من يجند الافكار ويوجه الادمغة بحرفنة كبيرة، وهاهم المتلاعبون بالعقول يجعلون الناس تهتف وتصرخ وربما تموت في سبيل امور شخصية لاتمت الى التظاهر بصلة ؛المجلس الاعلى من قتل منتظر في البصرة، وعلى الشعب الا يقترب من انتخاب هذا المجلس ثانية هو والتيارات التي تقف الى جانبه، اما ان تحرّف الامور وتصبح الشعارات كلنا فلان وكلنا علان فهذه هي الطبوليات.