معركة تشكيل الحكومة المقبلة في العراق تتسارع وتيرتها وتتسابق الكتل السياسية ويجري قادتها مشاورات ومباحثات معقدة على أكثر من صعيد ، على أمل ان يجد المتنافسون الوصول الى قاسم مشترك يتم القبول به، ويتم تشكيل الحكومة المقبلة بعد قدرة قادر.
معالم المرحلة المقبلة ربما تتضح خلال أيام ، بعد ان يتم اعلان النتائج الأولية والتي ستضع تصورات المرحلة المقبلة وكيف يكون شكل التحالفات ومع من، والسبيل الى تشكيل حكومة: هل هي حكومة أغلبية سياسية ، أم حكومة شراكة سياسية ، أم حكومة شراكة الأقوياء ، وكيف يكون حال من لايدخل في خانة حكومة الأقوياء ، وكيف تسير العلاقة بين اطراف شراكة الأقوياء إن تشكلت، فالكبار هم أشبه بأعضاء مجلس الأمن الخمسة الكبار والبقية ليس لديهم سلطة استخدام الفيتو وهم أي الاقوياء من سيتحكمون في مسارات القرارات السياسية ، وهم من يرسمون لنا معالم أفقها الجديد، والذي لازالت صورته غامضة، ويبدو انه حتى الاقوياء ليس لديهم أي تصور عن طبيعة هذه الشراكة، وكيف تكون ومع من تلتقي الرؤى وتتفاوت الاخريات وكيف تحظى بعض الكتل بسلطة الحكم ويكون لها القدح المعلى ، في حين تكون الآخريات على هامش كرسي الحكم أو على مقربة منه.
والفائز برئاسة الحكومة المقبلة، لابد وأن يأتي بعد مخاض طويل وعسير، وبعد مفاوضات شاقة، تكون فيه الاطراف الاقليمية ودول الجوار على الخط ، وتكون طهران الحاضر القوي الأكبر، وهي من تعد الطبخات وتضيف لها البهارات والطرشانة والمكسرات الحلبية والمقبلات والشرابت ، وتقدم لهم شكل الحكومة على طبق من إحدى المعادن ، لكنه لن يكون ذهبا بكل تاكيد ، فالبعض قد يصاب على إثرها بالإعياء وآخرون بالنوبة القلبية ، لكنه ليس بمقدورنا ان نشكل حكومة داخل البيت العراقي ، لأن سفينته تتصارعها الاهواء والامزجة والارادات وهم يرون انفسهم ( صغارا ) مازالوا لم يبلغوا( سن الرشد ) لكي يكون بمقدورنا تشكيل حكومة عراقية خالصة، الا بعد موافقة طهران والرياض وأنقرة وعواصم خليجية، وربما تشترك حتى جزر الرأس الأخضر وإمارة دبس ونمور واشنطن وسخولة الأمم المتحدة ، وجمهوريات الموز الاميركية لتسهم كل على قدر تدخلها في القدر العراقي، لكي تخرج ( الطبخة ) وما على الآخرين الا تذوق طعمها والقبول بنكهتها، حتى وان كانت ليست مستساغة الطعم من كثيرين!!
المباحثات الجارية الان بين الكتل ، هي مرحلة استشراف الرؤى وتلمس التوجهات وتقديم المغريات ، من اجل التوافق على شكل الحكومة ومن يكون له ( الحظ ) في أن يرأس تشكيلتها، ومن هو صاحب ( الحظ السعيد) أو ربما ( التعيس ) الذي يكون ( عريسا ) يتقلد مهام ( الإمارة ) الجديدة ويكون في بداية الامر ودودا لطيف المعشر مبتسما يظهر انه متعاون مع الآخرين ولكن ما إن يمسك بكرسي السلطة حتى تتبدل الأحوال ، عندما يرى امامه مغريات الثروة والجاه والأموال، فيدخل ( لعبة العيال ) فينزع البعض ( النعال ) ليتقلد ( عدة القتل ) فالحاكم قد أيقن أنه قد أصبح من الرجال ، وهو الان حائر بين أن يتذوق الحرام أم الحلال، بعد ان يتقلد ألقاب الفخامة والجلال ،ليعلن بعدها انه سيدخل القتال ، ربما مع العذال، وربما مع الأعمام أو الخوال ، فتنقلب أحواله ، بعد أن أيقن أنه أصبح قاب قوسين او أدنى من المنال، ليركب أحلام الفقراء ويسرح العمال، ويلاقي الشعب بعد حين من حكمه الأهوال، فتتلاشى الأماني والطموحات والآمال..وينقطع حبل المودة والوصال، بعد ان نتجرع كؤوس المرارة من حكم الطوائف ومن وضعوا في أيدي الكثيرين الأغلال، ويسيرون بنا الى مستقبل غامض، لاندري الى أين تدور بنا السفن وكم نلقى من الاهوال : عندها ينتهي السؤال : فقد طاب مقام الوالي ودام ظله الوارف، بعد ان نسي الرعايا والعيال، ولم يجد شعبه من يشمله بالرعاية والسؤال ، فإنتكست الأحوال، ولم يعد لدينا بعد كل سنوات حكمه وجوره من مآل!!