18 ديسمبر، 2024 8:47 م

طباخة الكلمة..ومقبلاتها اللذيذة!!

طباخة الكلمة..ومقبلاتها اللذيذة!!

صناعة الكلمة ، تشبه الى حد ما ، عمليات طهي الطعام التي يجيدها كثير من الطهاة المهرة ، بالرغم من أن مهنة طهي الأطعمة، إقترنت بالنساء، وهن من يتولين أمور طبخ الوجبات، وتقديم المقبلات، في وجبة الطعام لتكون الأكلة التي تقدمها لعائلتها أو ضيوفها، مستساغة وطيبة الطعم، يقدمون عليها بنهم، ويشكرونها على ماقدمته من زاد أو طبق ، طيب المذاق!!

وليس هناك من كاتب صحفي أو حتى روائي أو قصصي، من يتبع الإسلوب نفسه في الكتابة، فلكل كاتب إسلوبه وأفكاره، مثلما لكل طباخ ، إسلوبه في تقديم الأكلة التي تشبع نهم ضيوفه، ومن ثم يغريهم بمقبلاته، علها تزيد في رغبة الضيف أو عموم جمهوره، بالشعور بالطعم الطيب، كي يقال له ، أنت طباخ ماهر ، وأكلاتك طيبة المذاق، وقد أقبلنا على التهامها ، دون أن ندري!!

والكاتب الصحفي، لكل له طريقته، في الكتابة وفي طبخ مادته ، واستخدام المفردات المكونة للمادة الصحفية، حتى وان قلت كميات المواد المستخدمة في طباخة الأكل، لكن المواد المستخدمة في الطبخة الصحفية ، غالبا ماتكون كثيرة العدد ، وواسعة المفردات والمضامين، ويصعب حصر كلماتها او مفرادتها، لكن الكاتب بمقدوره أن يقوم بطباخة كل سطر أو فقرة منها على حدة، على نار هادئة، ومن ثم توزيع بقية الفقرات تباعا، ليكون بمقدور الجمهور تذوق نكهة ما يكتب، ويقرأ بنهم ما تحت السطور، وما إحتوته من مضامين، علها تكون له زادا شهيا في الحصول على المعلومة أو المتعة التي يجنيها من تذوق إسلوب الكاتب، أو من الثيمات والدلالات التي يحاول أن يضمنها بين أكلته أو زاده الصحفي الشهي!!

وقيل قديما، الأسلوب هو الكاتب، أي أن المباديء والأسس المعتمدة في الكتابة ، لن يكون بمقدور أي منا تغافلها، ولكن ليس بمقدور كل كاتب أن يجعل مادته الصحفية أكلة مستساغة، أو يقبل على التهامها الجمهور، ومن يتذوق أول سطر من مادته الصحفية ، فهو أما يرغم الجمهور على قراءة ما يكتب، أو يترك المادة الصحفية، دون أن يجد فيها ما يلبي رغبته ، في أنها كانت تشبع نهمه!!

ومثلما تحتاج طبخة الأكلات الى أن تكون بجوارها المقبلات، فالكتابة الصحفية أو الروائية أو القصصية، هي تحتاج أيضا الى إستخدام التوابل والمقبلات، لكي تكون نكهة المادة الصحفية طيبة الطعم، ومثلما يحضر الكاتب لطباخة الكلمة، فإن الكلمة نفسها تحتاج أيضا الى مقبلات، كي يقدم الجمهور على التهام ما تحتويه من مضامين، ويكون الكاتب قد قدم زادا شهيا، قادرا على إقناع الجمهور بأن يتذوق أكلته وزاده الصحفي، والا، فأن الجمهور ليس مضطرا لمتابعة ما يسطره الكاتب من فقرات، ربما تكون مملة ، الى الحد الذي ينفر منه المتلقي ، ويتركها بسرعة، وربما يوجه كلمات اللعنات على من لايجد فيه أنه يتوافق مع رغباته وأمزجته، بالرغم من أن الكاتب ليس ملزما في كل الاحوال بمداراة رؤى الجمهور أو توجهاتهم السياسية، وهو كلما كان حياديا في الكتابة، كلما ضمن له جمهورا أكبر ، يقدم على قراءة ما يكتبه من تقارير إخبارية أو مقالات!!

صناعة الكلمة ، هي فن راق، وشاق ، وتحتاج الى مهارات ، وربما مواهب خارقة في القدرة على نسج الكلمات، وترتيب مفرداتها، ويعرف توجهات الجمهور وما يريد، وان لايجعل إسلوبه مثقلا على الجمهور، أو متعاليا عليه، أو متناقضا كليا مع توجهاته، وهو في كل الاحوال، أمام جمهور ذكي ، وآخر ليس على هذه الشاكلة، وعليه عندما يكتب أن يكون ” وسطيا” بين الإثنين، حتى وان أصر على تمرير أفكاره التي يراد منه تمريرها، بإسلوب راق، وسط إزدحام الافكار، وكلما كسب الجميع ، ضمن له مستقبلا أفضل في أن يكون كاتبا له العديد من المتابعين ا،لذين يقدمون على قراءة ما يكتب، ويجدون في أفكاره أشياء جديدة ومثيرة تلفت انتباههم، ولديه إسلوب مختلف عن الاخرين، وهو ما يعد أحد أدوات الكاتب ، في أن يكون بمقدوره أن يكون له جمهورا تتسع مساحة مايقرأ له، أو يتابع ما يكتب، وهو مايضمن له، مستقبلا أفضل، كلما قدم لجمهوره طعما مستساغا ونكهة طيبة، يدعون ربما له بطول العمر، وأن يوفقه في مهمته، عندما يكون حريصا على سمعة الكلمة ومستقبل شعبه، وهو ما ينبغي لكل كاتب أن يلم بتلك الأساليب ، إن أراد أن يكون له مساحة من التأثير لدى القراء والمتابعين، في عصر يعد سريعا، وليس بمقدورك أن تجعل الآخر يتعلق بما تكتب ويتابعه الى آخره، الا عندما تقنعه، أن تكريس وقته من أجل قراءة ما يكتب فيه فائدة له، ومن الممكن أن ينقل خبراتك وما تكتبه من مضامين، للآخرين، أن وجد فيها ما يشبه نهمه ، او تدغدغ مشاعره وأحاسيسه وتوجهاته، فربما يشجع آخرين على قراءة ما تكتب، ويكون لك عونا في مساحة الانتشار!!