للعميل أمد صلاحية وفقاً للمهمة المُكلف بها، و الولايات المتحدة الأمريكية لن تَكُون الضامن لبقائكم بالحكم، مهما بلغ حجم الرضوخ لاجلها وتخليتم عن الشعب إرضاء لها، فسيأتي يومٍ تَبيعكم كما باعوا اسلافكم بانتهاء تاريخ صلاحية تكليفهم. حكام المنطقة ممن خدم واشنطن وسياساتها يتصدرهم شاه إيران وانتهى به المطاف مشرداً هنا و هناك بعد الثورة الإيرانية. وفي الجنوب الشرقي من اسيا تجربة الديكتاتور الفلبيني فرديناند ماركوس، نشأ وهو يحمل جينات العميل للمخابرات الأمريكية، والذي خاض معارك الحرب العالمية الثانية مقاتلاً في صفوف الجيش الأمريكي، و بذلك اصبح مؤهلاً لأن يكون ابن أمريكا بالتبني، أوصلوه إلى سدة الرئاسة، فكافأهم بمنحهم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في جنوب شرق آسيا. تزحزح ماركوس من منصبه إثر انتفاضة شعبية ورفض الأمريكان استضافته كلاجئ، ثم مسح الأمريكان الملح على جرحه وحاكموه بتهمة الفساد رغم أنهم السبب. سطور اعلاه المقال لكل من يتأمل بهم خيراً، قُبيل الخوض بموضوع المقال. سلسلة من الاجتماعات بين كبار المسؤولين الأمريكيين والعراقيين ستشهدها حزيران 2020 تهدف إلى وضع كافة جوانب (العلاقة الأمريكية – العراقية) على الطاولة واعادة هيكلة الأمر. جاءت هذه المبادرة للحوار نتيجة تصاعد التأزم في العلاقات بين البلدين عقب قرار البرلمان العراقي المتضمن الزام الحكومة العراقية أن تعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية ومنعها من استخدام أراضيها أو مجالها الجوي أو مياهها لأي سبب. في مسرح العلاقات الدولية اليوم سياسة المصالح هي التي تقود الدفّة بإتجاه التفاعلات في المعادلة الدولية. لن يكون هناك عواطف، او شيء مجاني، والمفاوض الناجح من يستغل مكامن القوى ولديه القدرة والدراية على تجميع موضوعات المتفاوض حولها وتوصيلها مع بعضها البعض، بعد أن فصلها في بداية المفاوضات، ورتبها حسب الأولوية، وهذا يفتح المجال لقبول التنازل على موضوع معين مقابل الكسب في موضوع آخر، وهذا يجب أن يدرك لتحقيق التوافق في المصالح المتبادلة. المفاوضات الحالية ليست كمثيلاتها حيث كانت الغَلبة للجانب الأمريكي بفرض الشروط و وضع المفاوض العراقي في زاوية ضيقة، فالوضع الامريكي لا يسمح والوضع الاقليمي والعالمي تغير. الانتخابات الامريكية على الأبواب، والتقارير تتوالى حول فشل التعامل مع جائحة كورونا، مع مُلاحظة عدم التغير من سياسيّة التعامل إتجاه الأزمة وتظاهرات تشهدها مدن امريكية واتسعت رقعتها حتى تاريخ كتابة هذه السطور تنديداً بالسياسة العنصرية في التعامل. تشرذم داخلي وانكسار للهيمنة تعيشها امريكا في عهد ترامب. أمريكا فقدت مصالحها وإيمانها بالأفكار والأهداف التي صبغت شكل وجودها الدولي خلال ثلاثة أرباع القرن وهناك شبه إجماع بين المؤرخين والمحللين السياسيين. ماذا تريد الولايات المتحدة من العراق؟ وفي المقابل ماذا يريد العراق منها؟ هذا ما ستخبرنا به الأوراق الدبلوماسّية التي ستوضع على الطاولة. ختاماً ليس المطلوب مناطحة الولايات المتحدة في ظل الأوضاع الراهنة، ولكن المطلوب هو أن يحفظ المفاوض العراقي ماء وجه البلد، وأن يعرف مسؤوليتهم الأولى هي الدفاع عن مصالح شعوبهم.