26 ديسمبر، 2024 7:02 م

طالما السفينة تطفو

طالما السفينة تطفو

” أنا لا أهرب، على نحو غريب، أنا القائد وإذا غرقت السفينة، سأغرقُ معها ” هكذا تحدث قائد الجيش مع مساعده، الذي أجابهِ بدورهِ: ” سرني سماعُ ذلك سيدي “، لكنَّ المساعد همس في نفسهِ ” إن أغلب القادة يقولون هذا، طالما تطفو السفينة…”
من هذا الحوار نستشفُ قضية مهمة، بل عدة قضايا، أهمها مدى ثقة العسكر بقائدهم، والقضية الأخرى التي تقابلها، هي مدى صدق القائد في مقولته تلك، فهل لدينا مثل هذا القائد؟ صدق معنا في موقفة، وصمد عندما كادت السفينة تغرق؟
نعم، أقولها لتبقى شهادة للتاريخ، وكلمة تصل إلى كُل العالم… إن لدينا منظومة حفظت لنا كياننا ووطننا، منضومة لم تتخلى عنا في أحلك الظروف وأقساها، هي منضومة الإنسانية الحقة، التي تتبنى موقف الإيثار من نفسها، والدفاع عن الحق ونصرت المظلوم…
مراجع الدين وعلماء وأساتذة الحوزات الدينية، منضومة قادت الجماهير، وطالبت بإنصافهم، لا طمعاً في سلطة ولا مال، أسماء كثيرة كانت لها بصمتها في إحداث تغييرات جماهيرية كبيرة، أطاحت بأعتى سلطات الظلم والأضطهاد، لم يهربوا عندما كادت السفينة أن تغرق، بالرغم من كثرة الخروقات، وأمواج الظلم العاتية، لكن كان النصر حليفها دائماً…
ثمة من يتطاول على هذه المنظومة وأبنائها، ولا غرابة منه، فماذا نرجو من حاسدٍ لا يملك إلا لقلقة اللسان، لكنَّ عتبنا وإستغرابنا ممن يرى الحقيقة فيشيح وجههُ عنها، يتبعُ سرب الناعقين، نحو سرابٍ لا قرار لهُ ولا نتاج!
أتذكر عندما حضرنا إلى ديوان بغداد، الذي يقيمهُ مكتب السيد الحكيم في الجادرية، وكان في بداية عام 2015، كان الحضور من الأعلاميين، وفيهم من حملة شهادات عُليا، فتكلم أحدهم مخاطباً السيد الحكيم قائلاً: إن الدولة العراقية لن تستطيع دفع رواتب الموظفين بعد الشهر التاسع من نفس العام… لكن السيد الحكيم أجبهُ كعادتهِ مبتسماً: لا … أنا أضمن لك ذلك… ولكن الآخر ضحك شامتاً، وكأنه متأكداً من كلامه، فكان كما قال السيد الحكيم، فها نحن اليوم في بدايات عام 2017…
ما جعلني أتذكر هذه الحكاية، هو أن هؤلاء النكرات لا يقدمون شيئاً سوى الأحباط والتشاؤم، ولا يخجلون ولا يستحون حينما يتبين فساد رأيهم، بل لا يزالون يوجهون سهام الغيظ والحسد، لمنظومة المرجعية الدينية وأبنائها كأمثال السيد الحكيم، فيشنون هجوماُ إعلامياً عليهم بين الفينة والأخرى…
بقي شئ…
قيل” الصواعق لا تضرب سوى قمم الجبال الشامخة، وأما المنحدرات لا تذهب إليها إلا المياه الراكدة، والمرء يُبتلى على قدر شموخهِ ورفعتهِ”
…………………………………………………………………………………….
[email protected] 

أحدث المقالات

أحدث المقالات